الخميس 2019/03/28

آخر تحديث: 11:28 (بيروت)

عبدالرحمن ددم رئيساً لـ"الحكومة المؤقتة"؟

الخميس 2019/03/28
عبدالرحمن ددم رئيساً لـ"الحكومة المؤقتة"؟
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
لم يوفق "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في اختيار رئيس جديد لـ"الحكومة السورية المؤقتة"، خلفاً لرئيسها جواد أبو حطب، المستقيل منذ مطلع أذار/مارس. واكتفت "الهيئة العامة للائتلاف"، والتي اجتمعت في إسطنبول التركية في 10 أذار، بالموافقة على استقالة أبو حطب، واعتبار حكومته من تاريخ الاجتماع حكومة تسيير أعمال إلى حين انتخاب رئيس جديد لها.

وبدا أن الانقسام يسيطر على مواقف أعضاء "الهيئة العامة"، بسبب كثرة المرشحين للمنصب. وما تم تسريبه حتى اللحظة من أسماء، لا يشكل سوى الجزء اليسير من الأسماء المتداولة لخلافة أبو حطب، أو تلك التي ترشحت رسمياً، بحسب مصادر "المدن".

وتم تداول اسم المتحدث باسم "الائتلاف"، رئيسه السابق أنس العبدة، باعتباره الأوفر حظاً بالفوز بالمنصب، وفق التحليلات التي ظهرت بعد استقالة أبو حطب بوقت قصير. وكذلك ظهر الرئيس السابق لـ"الحكومة المؤقتة" أحمد طعمة، كمنافس جدي. كما يتم تداول أسماء الأمين العام للائتلاف نذير الحكيم، وعضو الهيئة السياسية في الائتلاف بدر جاموس. وأحد أبرز المرشحين لرئاسة "المؤقتة" هو الرئيس السابق لـ"مجلس محافظة حلب الحرة"، العضو الحالي في "هيئة التفاوض" عبدالرحمن ددم.

مصادر خاصة أكدت لـ"المدن"، أن تأخر الائتلاف بتسمية رئيس جديد لـ"المؤقتة" هو أمر مقصود، وفي الغالب ستعقد جلسة جديدة لهيئة الإئتلاف العامة مطلع نيسان/أبريل، لا لتسمية رئيس جديد لـ"المؤقتة"، بل لإعلان حلها بالكامل، تزامناً مع حل مماثل لـ"حكومة الإنقاذ" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" في ادلب، تمهيداً لتشكيل حكومة جامعة للمعارضة تدعمها تركيا، وتشارك بشكل مباشر في الترتيبات لها.

وفي حال نجحت مشاورات حل الحكومتين وتشكيل حكومة واحدة، أو لم تنجح، فإن عبدالرحمن ددم، هو المرشح الأنسب من بين المرشحين المفترضين، وهو أكثرهم اندفاعاً للمنصب. ويتمتع ددم بعلاقات واسعة في مناطق المعارضة مع الفصائل المسلحة والمنظمات والجمعيات، والمجالس المحلية ومختلف الفعاليات المدنية، وذلك بحكم عمله السابق، كرئيس لمجلس محافظة حلب الحرة، والمدير المالي لإحدى دورات المجلس، إلى جانب إدارته "مؤسسة السنكري للأعمال الإنسانية" في الشمال السوري والتي كان لها الفضل الأكبر في بناء شبكة واسعة من العلاقات والولاءات في مناطق المعارضة في ادلب وريف حلب.

وكانت "مؤسسة السنكري" تدعم قطاعات خدمية مختلفة في مناطق المعارضة، وتُقدّم رواتب شهرية لمعلمي المدارس والمعاهد المتوسط، والكفالات لآلاف الأيتام، وقطاعات خدمية أخرى بالتعاون مع المجالس المحلية، ما مكّنها من بناء منظومة عمل أشبه بمنظومة العمل الحكومي.

ويبدو أن نشاط ددم وطموحه الواسعين، أقلقا تركيا التي ضغطت لوقف نشاط المؤسسة في الداخل في العام 2017 وانتقالها إلى مدينة غازي عينتاب التركية التي يفتتح فيها ددم مقراً رئيسياً. وفي تركيا تمكن ددم من توسيع علاقاته بالهيئات والمؤسسات المعارضة وحصل على عضوية "هيئة التفاوض"، بالإضافة إلى علاقاته التي تنامت في العامين الماضيين مع مسؤولين في الحكومة التركية.

تسريب اسم ددم كمرشح لرئاسة "المؤقتة"، وحضور أعضاء من الائتلاف وهيئة التفاوض، في إحياء ذكرى الثورة السورية التي أقامها ددم في غازي عينتاب، منتصف أذار/مارس، عززت من فرضية تهيئته للمنصب، وبأنه قد حصل فعلاً على توافق أطياف المعارضة في الائتلاف وقبول الحكومة التركية. ولم يمنع ذلك من انطلاق حملة انتقاد واسعة ضده، شنها ناشطون معارضون، وعاملون سابقون في مجلسي محافظة ومدينة حلب، وعاملون في قطاعات خدمية أخرى في مناطق المعارضة عاصروا الفترة التي تسلم فيها ددم "مؤسسة السنكري" في الداخل.

الناشط غفار الدرة، أكد لـ"المدن"، بأن ددم يُتهم بالفساد، وتحوم علامات استفهام حول تصرفه بالأصول المالية والعينية لـ"المجلس الانتقالي الثوري" في حلب عندما كان يشغل موقع مديره المالي في دورته الأولى، وكذلك رفضه تسليم أي كشوف مالية متعلقة بمجلس المحافظة.

وبحسب الدرة، فإن ددم لم يُصرّح عن الأموال التي تسلمها عندما كان مديراً للمكتب الاغاثي في المحافظة، وامتنع عن تقديم فواتير الصرفيات للمكتب المالي. وأضاف الدرة: "عبدالرحمن ددم، كان مسؤولاً عن ضياع الكثير من الآليات والمعدات المتنوعة التي تسلمتها المحافظة عندما كان رئيسا  للمجلس، ورفض تسليم أي قوائم مالية للجان الرقابة، وادعى أنها فُقدت ورفض التصريح عن طُرق الصرف التي كان المجلس على علم بها وتلك التي لم يعلم عنها المجلس شيئاً".

رئيس "مجلس مدينة حلب" السابق أحمد عزوز، أكد لـ"المدن"، أنه لا يمكن تسليم عبدالرحمن ددم رئاسة "المؤقتة" إذا ما أخذ بالاعتبار ملفه المليء بالفساد المالي، وتصرفه بأموال الدعم لكسب الولاءات، وامتناعه عن تقديم كشوفات مالية برغم المطالبة بها أكثر من مرة خلال الأعوام 2013 و2014 و2015. هذا بالإضافة إلى ذلك تسخيره أموال الدعم التي قدمتها "مؤسسة السنكري" لخدمة مصالحه الشخصية وشراء الولاءات في مناطق المعارضة.

الناشطون المهاجمون لددم، اتهموه بالتبعية لـ"الإخوان المسلمين"، وتنفيذ أجنداتهم السياسية، وبأنه إذا ما تسلم رئاسة "المؤقتة" سيعمل لصالحهم. وتحدث ناشطون عن تلقيهم تهديدات بالملاحقة القضائية، وجهها لهم مقربون من ددم، مؤخراً بسبب المعلومات التي تداولوها عنه في ما يخص فساده المالي.

وفي مقابل الحملة التي شنت ضد ددم، كانت هناك عشرات الشهادات بنزاهته من ناشطين ومقربين وعاملين سابقين معه في مجلس المحافظة و"مؤسسة السنكري". واعتبر هؤلاء أن الاتهامات الموجهة لددم تفتقد للمصداقية، وهي كيدية يسعى أصحابها للنيل من شخصية إدارية ناجحة لطالما قدمت الكثير للسوريين في مناطق المعارضة وفق تعبيرهم.

وتواصلت "المدن" مع السيد عبدالرحمن ددم، للتعليق على الاتهامات الموجهة ضده، لكنه رفض الادلاء بأية تصريحات في هذا الخصوص.

الناشط السياسي سعد وفائي، قال لـ"المدن"، إن الكثير من الاتهامات الموجهة لددم، عشوائية وغير دقيقة، وهناك شبه إجماع في الأوساط المعارضة على أن الرجل يتمتع بشخصية قيادية، وهو بارع في الإدارة، ونزاهته أهلته ليكون مستأمناً من قبل "مؤسسة السنكري" للأعمال الإنسانية التي قدمت الكثير من الأموال لدعم السوريين في مناطق المعارضة. وأضاف: "أعتقد أن هناك حملات تشويه مقصودة تطال كل الشرفاء في الثورة السورية، بغض النظر عن خلفياتهم، وهذه الحملات غير مبررة".

وبحسب وفائي، فإن ددم سياسي دؤوب ومثابر، وفي حال حصل على رئاسة "المؤقتة" فإن باستطاعته بناء توافقات بين الفاعلين المعارضين في الساحة السورية، والعمل على اقامة علاقات دولية ناضجة تطور عمل الحكومة وتؤسس لمرحلة تمكينها من الإدارة الفعلية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها