الخميس 2019/03/28

آخر تحديث: 13:52 (بيروت)

المعارضة المصرية والنظام.. الحلبة في واشنطن

الخميس 2019/03/28
المعارضة المصرية والنظام.. الحلبة في واشنطن
من جلسة الكونغرس التي شارك فيها الفنانان عمرو واكد وخالد أبو النجا Almodon.com ©
increase حجم الخط decrease
شهدت العاصمة الأميركية واشنطن حراكاً مكثفاً للمعارضة المصرية، خلال الأيام الماضية، حيث نظمت يوم "المناصرة المصري" على مدى يومين، تزامناً مع زيارة وزير الخارجية المصرية إلى واشنطن ولقائه نظيره الأميركي مايك بومبيو في الذكرى الأربعين لتوقيع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، تمهيداً لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في التاسع من إبريل/نيسان المقبل.

هذا الحراك المحموم ألقى بظلاله على الداخل المصري، عبر رد سريع من نقابة المهن التمثيلة المصرية التي شطبت عضوية كل من الفنانين عمرو واكد وخالد أبو النجا، اللذين ألقيا كلمة في اليوم الختامي ليوم المناصرة في إحدى قاعات الكونغرس، انتقدا فيها انتهاك النظام المصري لحقوق الإنسان، داعيَين الناس بالتصويت بـ"لا" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، منتصف الشهر المقبل.

هذا التوجه دفع كثيرين إلى طرح أسئلة حول جدوى وتبعات وتأثير هذا التحرك في القضية المصرية، خصوصاً لناحية إن كان بمقدوره التأثير على الموقف الأميركي في ما يتعلق بالاستحقاقات قصيرة الأجل كالاستفتاء، أو طويلة الأجل كملف حقوق الإنسان الذي بات المحرك الرئيسي لكافة الفاعليات، مع وجود نوع من التوافق بين الفرقاء المصريين حوله كأداة ضاغطة على النظام المصري.

أستاذة العلوم السياسية في جامعة لونغ آيلاند، داليا فهمي، والتي شاركت بكلمة في الجلسة الختامية إلى جانب واكد وأبو النجا، قالت لـ"المدن"، إنه يمكن الضغط على النظام المصري من جانب الكونغرس لاسيما مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديموقراطيون الآن، بحكم أنه من يتحكم في إقرار الموازنات والمعونات وبالتالي حالة التقارب ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والنظام المصري، لن تحول دون وجود تأثير أميركي في النظام المصري.

من جهته، أشار الدبلوماسي السابق في الخارجية الأميركية وعضو مجلس النواب، توم مليونسيكي، إلى أهمية إعادة الجانب الأميركي تقييم طبيعة علاقاته مع مصر، مؤكداً على أهمية أن تكون المعونة الأميركية لمصر مشروطة، منبهاً من أن التعذيب يؤدي إلي تحول الناس إلى راديكاليين.

أحمد غانم، وهو مراقب سياسي أميركي، حضر اللقاءات التي عقدها المشاركون مع فرق عمل بعض نواب الكونغرس من مجلسيه، للتعريف بحالة حقوق الإنسان والتعريف بالتعديلات الدستورية في مصر وخطورتها في تعميق الديكتاتورية، قال لـ"المدن"، إن ما يميز "المناصرة" هذا العام أن فيه قدراً كبيراً من التنوع يسهل إقناع الجانب الأميركي بأن القضية المصرية تهم فئات متعددة، وتشكل نواة جماعة ضغط مصرية تسلط الضوء على التواجد والحراك المكثف لمصريين أميركيين في أميركا، معتبراً أنه من المبكر الحكم بنجاح أدوات الضغط هذه، لا سيما أن المعارضة المصرية بدأت تتعلم -بالطريقة الصعبة- في ما يتعلق بمحاولة خلق آلية للعمل بين الفرقاء في الخارج، تضمن استدامة هذا الضغط بعيداً من المطامع السياسية والاختلافات الأيديولوجية.

وكان نشطاء وسياسيون في مصر، انتقدوا مشاركة الحقوقي بهي الدين حسن، وكذلك أعضاء من مبادرة المنبر المصري، إلى جانب قيادات من خلفيات إسلامية أو متدينة كعمرو دراج، أو محمد سلطان، الذي كان المنسق الرئيسي للفاعلية التي نُظمت بواسطة مؤسسات مصرية وأميركية معنية بحقوق الإنسان. وذهب آخرون إلي عدم إمكانية استمرار هذا التوافق.

الباحث في منظمة "هيومان رايتس ووتش" والمراقب للشأن المصري عن كثب من برلين، عمرو مجدي، قال لـ"المدن"، إن التوافق على أجندة حقوقية جادة هي الأرضية الرئيسية وربما الوحيدة للانطلاق نحو التوافق، بعدما دفع الجميع أثماناً باهظة خلال السنوات الماضية نظراً لعدم تجذير أجندة حقوق الإنسان بعد الثورة. وأضاف "لا فيتو على شخص بسبب مرجعيته الفكرية طالما أظهر من العمل ما يؤكد صدق قوله"، معتبراً أن بناء طريق للمصالحة الوطنية لا يقوم على الانتقام والتشفي، بل على العدالة الانتقالية، وهذا هو السبيل لرأب صدع المجتمع المنقسم والمكلوم.

إلا أن مجدي اعترف أن ثمة تحديات ستواجه هذا التوافق بسبب التعلق أحياناً بالماضي من دون التعلم منه، إلا أنه رأى في تبني كثير من المحسوبين على الإسلاميين لخطاب حقوقي يتطور، إيجابية يمكن دفعها للأمام والبناء عليها في عملية التوافق تلك، خصوصاً عندما يدعون إلى تبني المواثيق والقوانين الدولية الحقوقية كمرجعية.

ما جرى في واشنطن لا يمكن القول إنه بناء تحالف ذي هيكل واضح أو قيادة محددة، تشمل معارضة الخارج من شتاتها تحت مظلة واضحة، إلا أنه قد يكون ضربة البداية لتهيئة التربة لبناء هذا التحالف إذا ما قُدر له تجاوز عواصف الخلافات الأيديولوجية والمطامع السياسية. ولعل زيارة السيسي المرتقبة إلى واشنطن، بالتزامن مع التعديلات الدستورية، ستكون أول اختبار له.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها