الأحد 2019/02/03

آخر تحديث: 13:09 (بيروت)

ما خطورة الاقتتال الداخلي جنوب الحسكة على قسد؟

الأحد 2019/02/03
ما خطورة الاقتتال الداخلي جنوب الحسكة على قسد؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
رغم تعدد مشكلات "قوات سوريا الديموقراطية" مع العشائر العربية شرق سوريا مؤخراً، فإن معظمها لا تشكل خطراً على وجود هذه القوات المدعومة من دول التحالف الدولي ضد "داعش"، بقدر ما شكله الاقتتال على أساس عشائري بين عناصر عمودها الفقري "وحدات حماية الشعب" الكردية ومسلحي "آساييش" أو الجهاز الأمني ضمن الإدارة الذاتية الكردية.


مرت أسابيع وما يزال عناصر "طابور العزاوي" التابع لـ"وحدات حماية الشعب" يقبعون في السجن، بعد هجومهم على حواجز ميليشيا "آساييش" في مدينة الشدادي جنوب الحسكة، والاشتباك معها، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.


حادثة الاشتباك تلك تعتبر سابقة في تاريخ سيطرة مسلحي حزب "الاتحاد الديموقراطي" على مناطق شمال وشرق سوريا، ومرد ذلك إلى انتماء كل كتيبة عسكرية إلى عشيرة معينة، بينما تضم الكتائب الأمنية عناصر من جميع عشائر منطقة الشدادي ذات الصبغة العشائرية.

بدأ الهجوم عقب محاولة عناصر "آساييش" منع دخول عناصر "كتيبة العزاوي" والتي ينحدر عناصرها من عشيرة "المعامرة"، إلى مكان تشييع قتلى "قسد" القادمين من ديرالزور، وذلك بحجة منع عمليات اطلاق النار العشوائية خلال عمليات تشييع القتلى، والذين فاق عددهم خلال الشهر الماضي 50 قتيلاً في الجزء الجنوبي من المحافظة وحده.


وجرح في الإشتباك قيادي في "آساييش" غير سوري يدعى رامان، وهو صاحب السلطة المطلقة بالمنطقة؛ وعمل عناصر "طابور العزاوي" للسيطرة على جميع الحواجز الأمنية المنتشرة على طريق بين قرية العزاوي ومدينة الشدادي وسلبوا أسلحتها، قبل تدخل "الاستخبارات العسكرية"، و"قوات مكافحة الإرهاب" المعروفة بـ "هات"، لتعيد الوضع إلى حاله السابق وتعتقل عناصر الطابور المتمرد.


يمكن القول إن أثر التمرد كان أقل مما لو نفذته كتائب تحمل أسماء عشائر أخرى، نظرا لمحدودية انتشار عشيرة "المعامرة" في المنطقة، كما أنها أقل نفوذاً داخل التشكيلات العسكرية مقارنة بعشيرة "المحاسن"، والتي ينخرط أبناؤها في صفوف "قسد" والتشكيلات الأخرى بكثافة، فقد سقط المئات منهم قتلى وجرحى في جبهات القتال. فوجود كتيبة صغيرة باسم كل عشيرة من عشائر الشدادي ضمن "وحدات حماية الشعب"، لا يجعل لها نفوذا بمستوى نفوذ عشيرة المحاسن، التي هي جزء من كونفدرالية قبلية كبيرة تمثلها قبيلة الجبور، التي تضم أيضا عشائر البوعميرة، والهزيم، والفاضل الملحم، الشويخ، القضاة، البوحسوني.. وتناظرها غربي منطقة الشدادي كونفدرالية قبلية أخرى تمثلها قبيلة البكارة، التي تتفرع عنها عشائر الرفيع، والراشد، والبورحمة، والبوشيخ، والكليزات.


وتعود خطورة هذا التمرد إلى حصوله داخل عمود "قسد" الفقري، أي "وحدات الحماية"، إلى جانب أنه ضمن حدود الحسكة، التي كانت مكان تأسيس هذه القوات وقاعدتها للانطلاق باتجاه المناطق الأخرى، كما تمر عبرها خطوط الإمداد من إقليم كردستان العراق إلى جبهات دير الزور والرقة ومنبج.


ومنذ سيطرتها على الشدادي في شباط 2016، أسست "قسد" مجلسا للعشائر ليكون صلة الوصل مع أهالي المنطقة، وحل المشاكل فيها عرفيّا، وكان دوره بارزا خاصة مع استشراء الفساد في جهاز الأمن الداخلي المحلي (آساييش)، فضلا عن انتساب عناصر سابقين في "داعش" ومن متعاطي المخدرات إليه.


وتفضل الإدارة الحالية التعامل مع القبائل وفروعها بالتهديد والوعيد أحياناً، عبر إغراء بعض وجهائها لأخذ مكان أقربائهم بالزعامة والوجاهة حين يرفضون التعاون مع "قسد"، لكن بعض هؤلاء سقط برصاص مسلحي "داعش" وآخرهم رئيس مجلس العريشة حمود العلي الساير من عشائر البكارة.


وفي مطلع 2017، حين شكلت "وحدات حماية الشعب" أول فوج تابع لها من أبناء عشيرة الجحيش ضمن مناطق انتزعها عام 2015 من ميليشيا "الدفاع الوطني" وقوات النظام، مع عملها على تشجيع أبناء العشائر على التطوع في صفوفها مستغلة الفقر والبطالة، أرادت دعم قواتها بالعنصر البشري وتغطية وجودها في مناطق عربية صرفة في أرياف المدينة الجنوبية والشرقية والغربية.


وكان هذا الأسلوب بداية تخلي أو استغناء "الوحدات الكردية" عن فصائل عربية مثل "لواء التحرير" و"ثوار الرقة" و"الصناديد"، تحالفت معها لتشكيل "قسد" في تشرين الأول/أكتوبر 2015، بهدف قتال تنظيم "داعش" في عمق المناطق العربية في الجزيرة السورية، والذي بات وجوده حاليا ينحصر في بضع كيلو مترات مربعة قرب بلدة الباغوز شمال مدينة البو كمال الحدودية مع العراق.


قصارى القول، إن هذه الطوابير العسكرية المشكلة على أساس عشائري ضمن صفوف "وحدات حماية الشعب" الكردية، يمكن أن تكون قنابل موقوتة في المناطق العربية الواقعة تحت سيطرة "قسد" تختلف قدرتها التدميرية للنسيج الإجتماعي المحلي تبعاً لحجم العشيرة أو القبيلة التي ينتمي إليها عناصره.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها