الأحد 2019/02/03

آخر تحديث: 17:37 (بيروت)

الدعم الأميركي للأمن الفلسطيني:الخشية على المعلومات؟

الأحد 2019/02/03
الدعم الأميركي للأمن الفلسطيني:الخشية على المعلومات؟
شبكة فلسطين الإخبارية
increase حجم الخط decrease

يعتبر شهر فبراير/شباط الحالي اختباراً فعلياً لمسألة المساعدات المالية الأميركية المقدمة للأجهزة الأمنية الفلسطينية شهرياً، وكذلك لمجمل العلاقة على هذا المتسوى، وذلك بعدما أبلغت السلطة في رام الله، الإدارة الأميركية رفضها لهذا الدعم، لتجنب دعاوى قضائية ضدها، وذلك وفق قانون أقره الكونغرس نهاية العام الماضي لمحافحة "الإرهاب".

قانون "الإرهاب" الأميركي يتيح المجال لمحاكمة ومساءلة أي جهة تتلقى دعماً مالياً وأميركيا، وتُتهم بدعم "الإرهاب". وفي ذلك، تخشى السلطة أن يكون هناك سيلٌ من الملاحقة القضائية لها في محاكم أميركا بسبب عمليات نفذها فلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية سابقاً، وحتى أي عملية لاحقة.


وتدفع واشنطن نحو 60 مليون دولار سنوياً لصالح أجهزة الأمن الفلسطينية، حيث تذهب وفق مصادر "المدن"، لصالح التدريب الأميركي لها ولشراء معدات وتجهيزات. لكن تل أبيب قالت لواشنطن إن الخوف أن يؤثر ذلك سلباً على "الإستقرار الأمني..وجهود مكافحة الإرهاب"، داعية إياها للبحث عن صيغة تمثل مخرجاً وتضمن استمرار المساعدات للأمن الفلسطيني فقط، مع مواصلة قطع مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية "USAID"، والذهاب لمشاريع البلديات.


ولأن وقف الدعم الأميركي للأمن الفلسطيني أمرٌ تقلق منه إسرائيل، نقلت القناة العبرية الثانية عن مسؤول إسرائيلي وصفته بالكبير قوله، إن "السفير الإسرائيلي في واشنطن رون درمر، وسفير الولايات المتحدة بإسرائيل ديفيد فريدمان، يتوليان شخصيا الاهتمام بإيجاد حل لاستمرار تحويل المساعدات الاميركية الى الأجهزة الأمنية الفلسطينية".


وأشار المسؤول الإسرائيلي الى أنه خلال الأسبوعين القادمين ستستمر الإتصالات بين تل ابيب ومسؤولين في البيت الابيض والكونغرس لإيجاد حل. وبرأيه فان الشخص الذي يشكل مفتاح الحل للقضية، هو رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل والذي يقود محاولة لتعديل قانون "الإرهاب".


وبحسب المسؤول، فإن إسرائيل "تتطلع الى حل يساعد من جهة من يتعرضون إلى الاعتداءات في الحصول على تعويضات من السلطة الفلسطينية لكن في المقابل يتيح استمرار المساعدات الأمنية الأميركية للفلسطينيين".


وفي حال لم يتم الوصول الى حل كهذا، فان إسرائيل أوضحت للولايات المتحدة أن المساعدات الأمنية للفلسطينيين هي أولوية عليا، وأنها تريد تصحيح القانون بطريقة تمكن استمرار المساعدات أيضا حتى لو إن لم يساعد الأمر ما اسماهم "ضحايا الاعتداءات" الحصول على تعويضات من السلطة الفلسطينية.


وبغض النظر عن توقف أو اسئناف هذا الدعم، فإن مكمن القلق الأمني لكل من إسرائيل واميركا هو الخشية على التبادل المعلوماتي الجاري بين الجانبين الأميركي والفلسطيني وحتى الإسرائيلي، أكثر من قصة ارتباط الدعم باستقرار السلطة من عدمه، ذلك أن الأخيرة ستواصل ضبط "الميدان" في الضفة الغربية، بكل الأحوال.


وفي السياق، أكدت السلطة الفلسطينية في تصريحات مسؤوليها خلال الأيام الأخيرة أنها ستواصل عملها في أن تكون ضمن جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، ما يعني أنها لن تقطع حبل الوصل مع الولايات المتحدة، وأي طرف آخر من ناحية التنسيق الأمني المعلوماتي.


ويكشف مصدر أمني فلسطيني لـ"المدن"، عن أن التنسيق الأميركي-الفلسطيني على الصعيد الأمني هو أهم من الإتصالات السياسية، فبينما انقطعت الأخيرة على اثر توتر العلاقة مع الإدارة الأميركية، بقي التنسيق الأمني مستمراً. لكن المصدر يقول إن هذا التنسيق مصلحة فلسطينية وليس فقط أميركية، وذلك بسبب "تعرض السلطة لمخاطر امنية ليس فقط من الاحتلال وايران وإنما جهات داخلية". وأشار إلى أن ذلك سمح بكشف العديد من محاولات الإغتيال لرئيس السلطة محمود عباس وقيادات فلسطينية أخرى بناء على التبادل المعلوماتي الأمني.


ويضيف المصدر "تبادل المعلومات يتم على مستوى إقليمي. ونحن لا نعطي فقط.. بل ونأخذ أيضاَ.. و نحتاج بشكل ماس وضروري من الطرف الاسرائيلي والأميركي ودول عربية، الى معلومات للمحافظة على استقرار السلطة في الأراضي الفلسطينية".


ولهذا لا يعتقد المصدر الأمني أن طرفاً من الأطراف يستطيع أن يتنازل أو يستغني عن أي طرف آخر في عملية التبادل المعلوماتي لسببين رئيسيين: الأول، يتعلق بالمصالح المتراكمة بين السلطة الفلسطينية والجهات الإقليمية وحتى الأميركية، والمتمثلة بالحماية الأمنية الداخلية. أما الثاني، فهو إثبات كل طرف أهميته ومقدرته وعدم إمكانية تجاهله، بناء على ما يمتلك من معلومات أمنية "قيمة" تساهم في الكشف عن مسائل معينة، ومروراً بأهميتها في إفشال مخططات لمجموعات مسلحة وحتى من دول منظمة.


ولهذا تعتبر السلطة أن قدراتها المخابراتية تضيف اليها عناصر قوة تعزز التعاطي السياسي معها في المنطقة، كوجود مهم لها.


ويوضح مصدر "المدن" أن توزع الثورة الفلسطينية على مناطق عديدة ثم تبعثرها، ساهم في خلق مصادر معلومات اقليمية موثوقة للأمن التابع للسلطة، سواء كانت هذه المعلومات قادمة من عناصر أو مجموعات منفردة او منشقة. ولهذا يقول المصدر، إن "الفلسطينيين في هذا الجانب يعتبرون من اصحاب المعلومات القوية بسبب العامل المذكور".


ويستذكر المصدر قصة تدل على المقدرة الأمنية للسلطة على مستوى اقليمي، سواء كان ذلك معلناً أو خفياً، وهي ما أعلنته المخابرات الفلسطينية قبل نحو أربع سنوات، عما أسمتها "عملية امنية دقيقة" داخل الأراضي السورية، والتي تمثلت بتحرير رهينتين سويديين كانتا محتجزتين لعامين لدى مجموعة مسلحة في سوريا يعتقد انها "جبهة النصرة". وقد أطلق على العملية اسم "رد الجميل" للسويد على اعترافها بدولة فلسطين، بحسب ما قال مسؤول جهاز المخابرات.


الخلاصة، تبدو أن حكاية طلب السلطة وقف تلقيها الدعم المالي للأمن الفلسطيني ابتداء من الشهر الحالي، بمثابة خطوة احتجاجية لن تؤثر بالنهاية على التنسيق الأمني مع الولايات المتحدة، وبالتالي لن تكون هناك أي تداعيات "ميدانية". هذا إذا ما نظرنا أن النقطة الأهم في العلاقة الأميركية-الفلسطينية وهي الأمن.. أكثر من أي شيء آخر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها