الخميس 2019/02/21

آخر تحديث: 11:37 (بيروت)

تعديلات دستور السيسي تمضي عبر رسائل الدم

الخميس 2019/02/21
تعديلات دستور السيسي تمضي عبر رسائل الدم
AP ©
increase حجم الخط decrease
أيام دموية شهدتها مصر منذ إعلان مجلس النواب تعديل الدستور للسماح للرئيس عبدالفتاح السيسي بالترشح لفترات رئاسية أخرى، تستمر نظريا حتى 2034، خلافاً للدستور الحالي الذي أقسم السيسي على احترامه عقب وصوله إلى الحكم، والذي منحه فترتين رئاسيتين تنتهيان في 2022.

أحداث عنف عديدة؛ تفجيرات وقتلى ودماء، كانت المشهد الغالب في مصر بعد إعلان مجلس النواب بحث التعديلات الدستورية، بدءاً من الهجوم الإرهابي على كمين للجيش في العريش شمالي سيناء، ما خلف 15 قتيلاً، وتفجير عبوة ناسفة في ميدان الاستقامة في محافظة الجيزة، والذي يعد القلب النابض للمحافظة، وكذلك التفجير الانتحاري في منطقة الدرب الأحمر الشعبية في محافظة القاهرة، والذي خلف 4 ضحايا، بينهم ضابط بأمن الدولة.

هجوم العريش الدموي، تبناه تنظيم "ولاية سيناء" التابع لـ"داعش"، وقضى فيه على قوة الكمين كاملة، واستولى على الأسلحة العسكرية الخاصة بها، قبل فرار المهاجمين، وهو حادث تكرر كثيرا بصور متشابهة خلال السنوات الماضية، قبل أن تعلن الحكومة المصرية تصفية 16 شخصاً في العريش، اتهمتهم بأنهم متورطين في الهجوم على الكمين.
 
من جهة ثانية، وبالتزامن مع فتح الباب القانوني أمام التعديلات الدستورية زادت السلطات المصرية من تسريع وتيرة الإعدامات للعديد من المحكومين في القضايا المعروفة بقضية النائب العام، وابن المستشار، واللواء نبيل فراج، ليبلغ عدد من تم اعدامهم في مصر خلال أسبوعين فقط منذ بدء أولى خطوات تعديل الدستور رسمياً، 15 شخصاً، وهو رقم قياسي في تنفيذ أحكام الإعدام في تاريخ القضاء المصري.
 
عمليات الإعدام وصفتها المنظمات الحقوقية وعلى رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بأنها "جاءت بعد محاكمات جائرة، ولن تحقق للمواطنين المصريين السلامة والعدالة اللذين يستحقونهما"، فيما وصفتها منظمة "العفو" الدولية، بأنها "لا تمثل عدالة، بل هي شاهد على الجحيم الكبير للظلم في البلاد".

رسائل عديدة يستهدفها نظام السيسي من رفع مستوى القمع مؤخراً، خصوصا بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة وحديثه عن ضرورة احترام السيسي ونظامه لحقوق الإنسان. أولى رسائل السيسي تستهدف الداخل والخارج، بأنه سيمضي في سياسته بتكريس القمع وتركيع المجتمع وكتم أصواته، وضمان تمرير التعديلات الدستورية من ىدون أي صخب، وفق سياسة بناء جدار الرعب والخوف والذي انهار مع ثورة 25 يناير.

كما يرسل السيسي رسالة لمعارضيه من المنتمين للتيار الإسلامي بطيفه الواسع، بأنه مستمر في حملته لاجتثاث الإسلاميين من المجتمع المصري وضرب شبكاتهم الاجتماعية والمالية والسياسية، وترك شيوخهم حتى الوفاة في السجون، كما حدث للعديد من قيادات الإسلاميين، أبرزهم مرشد جماعة الإخوان السابق مهدي عاكف، وعصام دربالة، القيادي بالجماعة الإسلامية، وتصفية شبابهم بالقتل خارج القانون، أو إعدامهم بمحاكمات هزلية رفضتها المنظمات الحقوقية.

عملياً، وظفت وسائل إعلام النظام المصري، العمليات الإرهابية في قلب القاهرة والجيزة، باعتبارها مؤشرا ضرورياً للموافقة على التعديلات الدستورية والحاجة لبقاء السيسي رئيساً، وهو خطاب يلقى رواجاً عند قطاع كبير من المصريين، يرضى بمقايضة السيسي لهم، بالأمن وقمع المخالفين، بديلا للحرية.

بدورها، مررت وسائل إعلام مصرية مسموعة ومقروءة، رسائل خلال الأيام الماضية، حول ضرورة الموافقة على التعديلات الدستورية، لضمان تجنب مصير دول أخرى في الإقليم، واعتبار التعديلات الدستورية انجازاً للسيسي، بدلاً من محاسبته على فشله في القضاء على العمليات الإرهابية، التي ضربت في قلب العاصمة القاهرة أكثر من مرة.
 
إلى ذلك قالت مصادر سياسية مصرية وإعلامية عامة، إنها تلقت مباشرة أو عبر وسيط، رسائل أمنية شديدة اللهجة بضرورة تخفيف نبرة معارضة التعديلات الدستورية، عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحذرت الرسائل من أن الخارج لا يلقي بالاً لما يجري في مصر في ظل اعتمادهم على السيسي كديكتاتور لا بديل منه، وأن التعويل على ضغط خارجي أمر غير مجد، وأنه لا بديل عن التماهي مع ما يريده النظام، أو التزام المعارضة المستأنسة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها