الخميس 2019/02/21

آخر تحديث: 14:43 (بيروت)

النظام لن يشنّ معركة في ادلب!

الخميس 2019/02/21
النظام لن يشنّ معركة في ادلب!
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
نجحت المعارضة المسلحة في إدلب ومحيطها، لأول مرة، في تنسيق عملياتها بالرد على قصف مليشيات النظام. موجة قصف المليشيات المكثفة، منذ 12 شباط/فبراير، كانت عشوائية غير مركزة، ولا يمكن اعتبارها تمهيداً لأعمال عسكرية برية واسعة، ولا حتى محدودة ضد مناطق المعارضة.

ولم تستنفر مليشيات النظام كامل جبهاتها مع المعارضة. وبأمر من القوات الروسية التي أصبحت تدير معظم العمليات في محيط ادلب، تم استنفار الكتائب الصاروخية والمدفعية فقط التي تولت مهمة القصف. واستنفرت بعض النقاط ورفعت جاهزيتها لاستغلال التصعيد والتقدم في حال وجدت ثغرة. وجرت محاولات للتقدم في الراشدين والبحوث العلمية غربي حلب، والملاح وأسيا شمالها، بالإضافة لنقاط في كتف حسون في جبل التركمان ونقاط مقابل اللطامنة في ريف حماة الشمالي. وأفشلت المعارضة جميع تلك المحاولات.

واستهدف قصف المليشيات بالدرجة الأولى المدنيين، وطال مدناً وبلدات في العمق، أي تخطى مسافة 15 كيلومتراً المفترضة للمنطقة العازلة في محيط ادلب. وتسبب القصف بنزوح 8 آلاف عائلة نحو المخيمات شمالي ادلب، وتعطيل وإيقاف غالبية الخدمات الأساسية في القرى والبلدات المستهدفة. وتسبب بمقتل 50 مدنياً على الأقل وجرح أكثر من 150 آخرين، من ضمنهم الضحايا الذين سقطوا في انفجار السيارتين المفخختين في حي القصور في ادلب. ويقف النظام وراء عملية التفجير تلك، بحسب ما قالت مصادر معارضة لـ"المدن"، والتي رجحت أن التفجير من تنفيذ عملاء النظام، ويندرج في إطار التصعيد الذي تتعرض له مناطق سيطرة المعارضة.

القائد العسكري في "جيش العزة" العقيد مصطفى بكور، أكد لـ"المدن"، أن حملة القصف التي تتعرض لها مناطق المعارضة بمثابة تأكيد على أن تركيا لم تقدم تنازلات في لقاء القمة الأخير في سوتشي، وبالتالي فإن تصعيد المليشيات الذي سبق القمة بأيام قليلة، والذي استؤنف مباشرة بعد انتهائها وبشكل عنيف، هو تعبير عن الغضب الروسي والإيراني من النتائج غير المرضية.

وأضاف بكور، أن هناك أهدافاً يمكن تحقيقها من القصف، كمنع المنطقة من الاستقرار، وإجبار السكان على النزوح مرة أخرى، وإحراج تركيا التي تنشر نقاط مراقبة في المناطق المستهدفة، كذلك وضع المعارضة المسلحة في موقف محرج أمام الأهالي. كما يهدف القصف كذلك، بحسب بكور، إلى قطع الطريق على المعارضة التي تسعى للتوصل اتفاق حول إدارة عامة لمناطق سيطرتها. وأكد بكور أنه ليس في يد مليشيات النظام سوى التصعيد، فقرار المعركة ليس بيدها، إذ أن المنطقة تخضع لتفاهمات دولية أوسع من نطاق التفاهمات الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا.

وسادت في مناطق المعارضة حالة استياء شعبية واسعة، واتهم الأهالي الفصائل بالتخاذل لأنها لم ترد بالشكل المطلوب على قصف المليشيات، وتناقلوا في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لنقاط المراقبة التركية في ريف ادلب الجنوبي الشرقي مضاءة بالكشافات، وهو إجراء جديد اتبعته النقاط التركية لمنع استهدافها من قبل المليشيات، ما استفز الأهالي الغاضبين من صمتها على القصف الذي يطال مناطقهم.

التنظيمات الجهادية في غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" طالبت بفتح معركة واسعة ضد مليشيات النظام رداً على التصعيد، وسخرت من رد فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" واتهمتها بالعمالة والالتزام بالاتفاقات، والكذب على الأهالي بعدد قليل من الرمايات المدفعية التي تستهدف مواقع المليشيات.

عملياً، كانت فصائل المعارضة في "الجبهة الوطنية للتحرير" ترد وبشكل مركز على مصادر النيران المدفعية والصاروخية التي تطلقها المليشيات، وتم توزيع القصف في ما بينها ليغطي معظم مواقع المليشيات. ولم تعلن الفصائل عن معظم أعمال القصف التي قامت بها، وكذلك فعلت "تحرير الشام" التي لم تتبنَ إلا القليل من أعمال القصف. ومنعت "الهيئة" تنظيم "حراس الدين" من القيام بأي عمليات خلال الأيام الأولى من الحملة، ولم يكن له سوى تحرك واحد في محور كتف حسون ومحوري قرميل ونحشبا في ريف اللاذقية، الأربعاء، رداً على محاولة تسلل للمليشيات في المنطقة.

ودفعت المعارضة المسلحة الجهات المدنية، والمجالس المحلية لكي تسلط الضوء على خروق المليشيات، والحديث عن الأضرار التي سببها القصف. ونُظمت وقفات احتجاجية في مدن وبلدات ادلب وريف حلب تطالب بوقف الخروق.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن روسيا تطالب بدخول دوريات روسية إلى المنطقة العازلة، وهي تضغط على تركيا لإجبار الفصائل على الموافقة، وتريد من تركيا تسريع عملية تهيئة وافتتاح الطرق الدولية.

وخلت ردود المعارضة خلال فترة التصعيد من الاستعراضات الانفعالية المعتادة في مناطق المعارضة في مثل هذه المواقف، وتحدثت "المدن" مع عدد من قادة الصف الأول في فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، ممن أجمعوا على استبعادهم اطلاق مليشيات النظام لمعركة في ادلب في الوقت الحاضر. كما أشاروا إلى أن تركيا لن تتخلى عن المنطقة، ولم تقدم تنازلات في القمة الأخيرة، وأن ما يحصل هو مجرد تصعيد لن يؤثر على سير الاتفاق الذي يمضي نحو تطبيق المزيد من البنود وتحقيق حالة استقرار أفضل من الوضع الحالي.

شرعي "تحرير الشام" عبدالرحيم عطون، علق بشكل غير مباشر على تصعيد المليشيات، وتحدث في مقال طويل حول ضرورة الابتعاد عن الردود الانفعالية، والتعامل بعقلانية في الميدان، وقال: "كثيرون من النافرين للجهاد يحبون جهاد الأكشن، ويفكرون بعقلية الطفرة دون مراعاة للسنن ولا للواقع ولا لتغير الظروف، ويريدون للمشروع الجهادي أن يبلغ غاياته ومقاصده تماماً كما يبلغها بطل الأكشن في أفلام الأطفال والسوبرمان، وينسى هؤلاء أن هذه المشاريع ما لم تراعِ سنن الخلق والوجود فإنها ستصطدم بتلك القواعد والسنن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها