الأحد 2019/02/17

آخر تحديث: 11:52 (بيروت)

سر الثقة المصرية بـ"حماس": معلومات ثمينة عن ولاية سيناء؟

الأحد 2019/02/17
سر الثقة المصرية بـ"حماس": معلومات ثمينة عن ولاية سيناء؟
جنود من حركة "حماس" على الحدود مع مصر (Getty)
increase حجم الخط decrease
باتت الأخبار عن اللقاءات التي تجمع حركة "حماس" بقيادة المخابرات المصرية، بين الفينة والأخرى على مدار السنتين الأخيرتين، عابرة وعاديّة، لكن إذا ما نظرنا إلى طبيعة وتخصصات وفد "حماس" والملفات التي تُبحث على مدار أيام طويلة، فإن هذه اللقاءات، لا سيما الأخيرة منها، تثير الفضول حول ما يتم نقاشه.

لعل ما صرح به رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" اسماعيل هنية، خلال ندوة استضافتها صحيفة "المصري اليوم" في القاهرة، ونشرت تفاصيلها، الجمعة، أشارت بالعموم إلى أن "الأمن القومي المصري" كان الملف رقم خمسة من بين مجموعة من الملفات الأخرى الخاصة بالعلاقات الثنائية والمصالحة الفلسطينية، والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، من وجهة نظر النظام المصري. والواقع أن هنية لا يُمكن أن يتحدث إعلامياً عن مدى أولوية الملف الأمني في اللقاءات التي جرت لأنه سري.

وحاول هنية أن يُبدي حزم "حماس" بقضية الأمن المصري، حين قال "أكدنا في كافة اللقاءات أنه لا مساس بالأمن القومي المصري، وغير مسموح بالاجتهاد فى هذا الملف على الإطلاق". وأضاف "كشفنا واستعرضنا الجهود التى تبذلها الأجهزة الأمنية فى غزة من خلال السيطرة على الأنفاق، وملاحقة أصحاب الفكر المنحرف"، مشددا على أن "غزة لن تكون مصدر تهديد، بل كانت وستظل مصدر تأمين..ولن نتهاون في أي شيء يتعلق بأمن مصر".

القيادي في حركة "حماس" حماد الرقب قال لـ"المدن"، إنه بلا شك فإن هناك احيانا بعض القضايا التي تستوجب السرّية، كونها مرتبطة ببعض الفرعيات الأمنية، مُبيناً أن قضية الأمن التي يتم نقاشها بشكل رئيسي هي الحدود، وأن الطرفين (حماس والمخابرات المصرية) قطعا شوطاً كبيراً في تأمين الحدود بصورة دقيقة جدا،ً بحيث لا تكون غزة ممثلة لأي تهديد لمصر، ولا العكس.

وبين الرقب أن هناك طواقم أمنية متخصصة تعمل بصورة مستمرة من أجل تأمين قضية الحدود والأنفاق. لكن الرقب يوضح أن "الملف الأمني" لم يحز على معظم الوقت، وأنه فقط استحوذ على 7 في المئة من النقاشات التي تناولت أيضاً على نحو واسع، القضايا الحياتية والمجتمعية لسكان غزة والخطر على القضية الفلسطينية.

ويضيف الرقب "ملف القضية الفلسطينية وحتى الشق السياسي تديره المخابرات المصرية وليست وزارة الخارجية، حيث تتولى الأخيرة الدور الرسمي والبروتوكولي في ذلك، فقط".

من جهة ثانية، يقول الرقب، إن هناك قضية مصالح مرتبطة ببعد جغرافي لمحاذاة غزة لسيناء، علاوة على التهديدات المشتركة، معتبراً أن "حماس" بوجودها وقوتها العسكرية في غزة وكل ما ينجم عن علاقة الحرب أو المواجهة مع "العدو الإسرائيلي"، بمثابة "كنز خارجي" لمصر في ما يخص ترتيب دورها الخارجي، باعتبارها الدولة العربية الأكبر. ولأن القضية الفلسطينية أكثر الملفات الإقليمية التي تلفت انتباه العالم، فإن البوابة هي غزة.

بيدَ أن العلاقة بين النظام المصري و"حماس" تبدو من "نوع خاص"، لدرجة أن حماد الرقب كشف عن أن المصريين أشادوا في الأروقة السرية للقاءاتهم مع قيادة "حماس"، بصدقية الحركة بصفتها "إذا قالت، فعلت". ونقل الرقب عن قيادي في المخابرات المصرية قوله "اذا اتفقنا مع حماس، فإننا واثقون بأننا عندما ندير ظهرنا، ستفعل". ويتابع الرقب "هناك ثقة كبيرة بكل ما فعلنا.. وقد جربونا"، غير أنه لم يوضح على وجه الدقة "ما فعلت حماس امنياً حتى حازت القاهرة على ثقتها".

ورفض الرقب الحديث عن تفاصيل امنية، لكنه أجاب بشكل مختصر على سؤال "المدن" حول شكل العلاقة مع القاهرة، وما إذا كانت تتسم بالمصلحة أكثر من "الكيمياء" المتبادلة، قائلاً إن "علاقات الدنيا كلها قائمة على المصالح".

بدوره، قال الخبير بالجماعات الإسلامية حسن ابو هنية لـ"المدن"، إن أحد عوامل ثقة مصر بالقدرات الامنية لـ"حماس" هو أن الأخيرة زودت مصر بمعلومات ثمينة عن التركيبة الموضوعية والهيكلية لتنظيم ولاية سيناء، الأمر الذي كان عاملاً مهماً في توجيه ضربات عسكرية قوية للتنظيم.

ويضيف أبو هنية أن لدى "حماس" خبرة لأن بعض اعضائها انخرط في النظيمات "الجهادية" في سيناء، الأمر الذي مكنها من زرع "عملاء مزدوجين"، ما مكن الحركة من امتلاك معلومات ثمينة حول هيكلية "داعش-ولاية سيناء".

وقد ظهر ذلك جلياً حينما بث تنظيم "ولاية سيناء" أشرطة فيديو لإعدام بعض عناصره بعد الإكتشاف أنهم يعملون "عملاء" لصالح "حماس". ويؤكد أبو هنية أن هناك قسماً من عناصر القسام الذين انشقوا فعلاً عن "حماس" وتحولوا لجماعات "جهادية".

من جهته، قال مصدر سياسي مطلع من غزة، لـ"المدن"، إن الهدف الرئيس من لقاءات القاهرة المطولة مع "حماس" هو أن مصر لا تريد أن تخسر الحركة، خاصة في ظل علاقة مصر "الباردة جداً" مع السلطة الفلسطينية في الفترة الحلية، والنقمة على رئيسها محمود عباس.

ويؤكد المصدر أن الموضوع الامني لم يعد يقلق مصر، لأن "حماس" تقوم بدورها على أكمل وجه، مضيفاً أن الحركة زودت القاهرة وشاركتها بمعلومات استخباراتية مهمة عن المجموعات المسلحة في سيناء، بل وكان لها ادوار مهمة لوجستياً من ناحية تحديد "العمق والمركز لهذه الجماعات"، فضلاً عن تأمينها المحكم للحدود مع مصر على امتداد 15 كيلومتراً، حيث أنها منعت أي ضرر لمصر حتى لو كانت "إبرة"، على حد تعبير المصدر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها