الأحد 2019/12/22

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

مناطق السلطة ازدحمت: إسرائيل تُحاصِر البناء الفلسطيني في "ج"

الأحد 2019/12/22
مناطق السلطة ازدحمت: إسرائيل تُحاصِر البناء الفلسطيني في "ج"
Getty ©
increase حجم الخط decrease

كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" النقاب عن خطة لوزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينت، تقضي بمنع البناء الفلسطيني كلياً في المنطقة المصنفة "ج" في غضون عامين.

وأوعز بينت إلى "قيادة الجبهة المركزية" مؤخراَ، بالعمل على وضع حد للبناء الفلسطيني الذي تصفه سلطات الاحتلال ب"غير المرخص" وتدفعه السلطة الفلسطينية قدماً في المنطقة المصنفة "ج" من الضفة الغربية وفي بعض الأحيان بتمويل أوروبي.

وكي يحقق بينت غايته الرامية إلى وقف البناء الفلسطيني خلال السنتين المقبلتين، فإنه سيركز أولا على المباني الفلسطينية التي أُقيمت بجوار التجمعات الاستيطانية أو الطرق الرئيسية في الضفة.

لكن رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف، قال لـ"المدن"، إن مخطط بينت بمنع البناء الفلسطيني في مناطق "ج" حاول أن يطبقه من قبله ليبرمان ونتنياهو وقد فشلا في ذلك، تماما كما أخفق وزراء الاحتلال بتحقيق هذا الهدف منذ عام 1967.

وأوضح عساف أن هذه السياسة الإسرائيلية فشلت حتى الآن في إجبار ولو فلسطيني واحد على الرحيل.. وتابع "هذه أرضنا وسندافع عن وجودنا كما فعلنا في الخان الأحمر، وسنعيد بناء كل ما يهدمه الاحتلال كما فعلنا في عين الرشراش حيث أعدنا بناء قرية بأكملها عندما هُدمت، وكما فعلنا في الحديدية والفارسية والمالح ومسافر يطا وسوسيا. وسنسكن بأرضنا وهذا حقنا الطبيعي بالعيش بسلام".

الواقع، أنه تم إصدار أمر عسكري إسرائيلي مؤخراً؛ لهدم المنازل الفلسطينية خلال 96 ساعة لاسيما المتاخمة للمستوطنات، ومن دون انتظار المحاكم الإسرائيلية أو حتى السماح الفلسطيني بمواجهة الهدم عبر اللجوء لخطوات قانونية.

هذا القرار يُعتبرُ أخطر ما أصدرته ما تسمى "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، وقد شرع بتطبيقه منذ ثلاثة اشهر؛ ما يدل على أن معركة استهداف الوجود الفلسطيني تزداد شراسة بوجود بينت.

بيد أنّ عسّاف يشدد على أن "بينت ليس أول عنجهي يأتي لفرض سياسة عنجهية على الفلسطينيين ثم يفشل.. وسينضم إلى طابور الفاشلين في تطبيق سياسة الترحيل القسري".

ويقول الوزير الفلسطيني عساف لـ"المدن"، إن الاحتلال أخفق خلال خمس سنوات مضت في تهجير عائلة فلسطينية واحدة من أراضيها رغم عمليات الهدم. وتعهد "بأننا سنستمر على العهد ونعيد بناء ما يُهدَم".

وبينما أعرب عساف عن تحيته للإتحاد الأوروبي بصفته "شريك مع السلطة الفلسطينية" في بناء المساكن، فإنه رأى أن المطلوب من أوروبا أيضا محاسبة إسرائيل على جرائمها المتمثلة بهدم المنازل الفلسطينية وتهجير السكان.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات انسانية لمواطنين يريد الاحتلال أن يكونوا في العراء رغم أنهم ضمن مسؤوليتهم وفق اتفاق جنيف الرابعة والقانون الدولي؛ كونهم يقطنون في مناطق يسيطر عليها الاحتلال.

وشدد وزير هيئة مقاومة الاستيطان، على أن السلطة ستقوم بإعادة بناء المساكن الفلسطينية حتى لو توقف الاتحاد الأوروبي عن تمويله لذلك. لكن عساف عاد وقال "نحن واثقون أنه سيستمر بذلك"، مشيراً إلى شراكته مع السلطة الفلسطينية خلال الفترة الماضية للحفاظ على حقوق السكان الفلسطينيين المدنية والانسانية بمناطق (ج)، وفق تصنيف اتفاق أوسلو المبرم بين منظمة "التحرير" الفلسطينية وإسرائيل عام 1993.

ونوه أن السلطة تقوم بالبناء الفلسطيني في المنطقة "ج" سواء وافقت إسرائيل أو رفضت؛ لأن ذلك وفق القانون الدولي وسنقاوم محاولات بينت ومؤسسته الإسرائيلية اجتثاث الوجود الفلسطيني "كما فعلنا سابقا".

ودعا عساف الوزير الإسرائيلي نفتالي بينت بأن يكون حذرا في تصريحاته وممارساته بشأن المنازل الفلسطينية، في أعقاب إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشروع بتحقيق رسمي في ارتكاب مسؤولين إسرائيليين جرائم حرب في المناطق الفلسطينية. وتوعد عساف بأن السلطة ستدفع بهؤلاء المسؤولين الإسرائيليين الى أقفاص المحكمة الجنائية الدولية.

تجدر الإشارة إلى أنه قبل نحو 6 أشهر قامت مؤسسة استيطانية مختصة بمراقبة البناء الفلسطيني بالمنطقة "ج"، بإصدار تقرير تحريضي عبر القول إن "الفلسطينيين بنوا خلال السنوات العشرة الأخيرة في ظل حكم نتنياهو نحو 28 الف منزل في المنطقة ج".

الوزير الفلسطيني عساف كان صريحاً عندما تحدث عن دافع آخر للبناء في المنطقة ج، غير ذلك الذي يتعلق بحق الفلسطينيين بهذه الأراضي. ويتعلق الدافع الثاني باحتياجات النمو السكاني الطبيعي للفلسطينيين، خاصة وأن منطقتي "أ" و "ب" أصبحتا مزدحمتين، وفق قوله.

ويؤكد عساف أن عدد السكان الفلسطينيين يفوق الرقم-الذي كان عليه قبل ربع قرن- حينما تم إبرام اتفاق أوسلو الذي كان من المفروض أن يكون مؤقتا و مرحليا- بثلاثة أضعاف.

وتساءل عساف "أين سنبني؟.. إسرائيل تريد أن نبني في الأردن وسيناء، لكننا نريد أن نحقق النمو الطبيعي في أرضنا الفلسطينية المحتلة".

وكشفت أرقام رسمية لـ"المدن" عن الحاجة لبناء 5 آلاف منزل فلسطيني في المنطقة "ج" سنويا؛ في ظل ازدحام منطقتي "أ" و "ب"، كترجمة للتمدد الأفقي والنمو السكان الطبيعي للفلسطينيين.

وتدعي الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "مكان" أن عدد المباني الفلسطينية التي تصفها ب"غير القانونية" وهي في طور البناء يصل إلى أكثر من ألف مسكن، وممول معظمها من أوروبا بعشرات الملايين.

وتسيطر إسرائيل على المناطق "ج" بالكامل، وتشكل حوالى 60 في المئة من مناطق الضفة الغربية، ويعيش فيها أكثر من 200 ألف فلسطيني في 25 قرية يوجد بها مئات المنازل التي بنيت دون الحصول على ترخيص، وفق التعبير الإسرائيلي.

ويبدو أن المناطق المصنفة "ج" ستكون ملفاً "دسماً" للمزايدات الإنتخابية والمنافسات الداخلية خاصة بين أقطاب اليمين في إسرائيل؛ إذ تعهد جدعون ساعر الذي ينافس نتنياهو على رئاسة الليكود بمنع سيطرة السلطة الفلسطينية على المناطق المصنفة "ج" ومنع البناء الفلسطيني فيها.

وفي السياق، أفاد وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة لـ"المدن"، أن ثلاثة ملفات قدمتها السلطة إلى الجنائية الدولية، وتتعلق بالحرب الأخيرة على غزة عام 2014، وملف الاستيطان، وملف الأسرى. لكن الشلالدة رأى أنّ قضية الاستيطان وهدم المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية تعتبر أكثر قضية منتجة لآثارها القانونية لدى "الجنائية الدولية"؛ ذلك أن جرائم الحروب تعتمد على الأدلة الجنائية القانونية وشهود وتقارير منظمات "حقوق الإنسان".

ويوضح الشلالدة أن معنى قرار "الجنائية الدولية" الأخير هو الشروع بالتحقيق "الأوّلي"، بعدما اقتنعت المدعية العامّة للمحكمة الدولية بضرورة البدء بالتحقيق في الجرائم المنسوبة لإسرائيل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها