عزل ترامب..لماذا يؤجل الديموقراطيون إجراءات الشيوخ؟

أثارت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، تكهنات أضفت نوعاً من الشكوك حول الجدول الزمني المتاح لمحاكمة الرئيس دونالد ترامب، في مجلس الشيوخ، وهي الخطوة الثانية التي تأتي بعد تصويت مجلس النواب لصالح عزله.

وأحجمت بيلوسي عن إرسال فقرتي العزل التي مررهما مجلس النواب وهما "إساءة استخدام النفوذ" و"إعاقة عمل الكونغرس" إلى مجلس الشيوخ، الأمر الذي سيؤخر إجراءات المجلس لمحاكمة الرئيس الأميركي.

وقالت بيلوسي في تعليق على عدم إرسال فقرتي العزل إلى مجلس الشيوخ: "هذه نيتنا ولكن سنرى ماذا سيحدث هناك"، معبرةً عن قلقها حيال إجراء محاكمة عادلة للرئيس الأميركي في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون. وقالت إنها لن تسلم الاتهامات رسمياً إلى مجلس الشيوخ قبل أن تعرف كيف سيدير زعيم الجمهوريين في المجلس ميتش مكونيل المحاكمة.

ووفقا للدستور الأميركي وبالتحديد الفقرة الثالثة من المادة الثانية، فإن قضية العزل ترسل برمتها إلى مجلس الشيوخ، إذ ينص الدستور على أن "لمجلس الشيوخ وحده سلطة إجراء محاكمة في جميع تهم المسؤولين. وعندما ينعقد مجلس الشيوخ لذلك الغرض، يقسم جميع أعضائه باليمين أو بالإقرار. وعندما تتم محاكمة رئيس الولايات المتحدة، يرأس رئيس القضاة الجلسات: ولا يجوز إدانة أي شخص من دون موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين".

وطالب ترامب، الذي يتمتع حزبه بالأغلبية في مجلس الشيوخ، ب"محاكمة فورية" أمام المجلس. وكتب ترامب، في تغريدة، أن الديموقراطيين يريدون "توجيه مجلس الشيوخ بكيفية إدارة المحاكمة"، مشيراً إلى أنهم لا يمتلكون "أدلة" على إدانته، ويريدون "الخروج" من القضية، وأضاف: "أريد محاكمة فورية".

ورأى ترامب، في تغريدة أخرى، أن الديموقراطيين في "موقف سيء" لذلك فهم لا يريدون المضي قدما في إجراءات المحاكمة. وأضاف أن السبب وراء عدم رغبة الديموقراطيين في تقديم قرار الاتهام إلى مجلس الشيوخ هو أنهم "لا يريدون أن يدلي السياسي الفاسد آدم شيف (رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب) بالشهادة تحت القسم، ولا يريد أن يدلي المخبر (الذي أفصح عن المكالمة الهاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني)، والمرشح الديموقراطي المحتمل لانتخابات الرئاسة جو بايدن ونجله هانتر بشهاداتهم".

صحيفة التايمز البريطانية قالت إن ما سيأتي بعد إحالة ترامب، إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ سيكون أصعب من إقرار التهمة عليه في مجلس النواب. وأضافت أن المرحلة التالية من إجراءات العزل هي الأصعب، إذ المطلوب إدانته في مجلس الشيوخ لتنحيته من الرئاسة.

وأوضحت أن بيلوسي، كانت دائما مترددة بشأن المضي في إجراءات العزل، لأنها تعرف أن مجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين، الذين لا يمكن أن يدينوا واحدا منهم خاصة في ظروف الانقسام الحزبي الذي تشهده أميركا حالياً.

ورأت الصحيفة أن إجراءات عزل ترامب، التي من المرجح أنها ستقف في مجلس الشيوخ، قد تكون في النهاية في صالح الرئيس الأميركي، الذي سيرفع شعار "البراءة" في حملته الانتخابية لفترة ثانية.

من جهتها، رأت صحيفة "غارديان" أن القضية المرفوعة ضد ترامب بسيطة ولا يثبتها فقط المسؤولون الذين يتكلمون تحت القسم ولكن من خلال كلماته وأفعاله، وهي أنه حاول الضغط على حكومة أوكرانيا للتدخل في انتخابات أميركية.

ومع ذلك، رأت الصحيفة أن البراءة تكاد تكون مضمونة، وأن يستمر الجدل في مجلس الشيوخ بشأن شروط محاكمة الرئيس، واعتبرت المحكمة مزورة لدرجة أنه من غير المرجح أن تدينه وتنهي رئاسته. وأضافت أن الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ليست هي المسؤولة فقط ولكن الطريقة التي يتشبث بها الجمهوريون برجل يمقته كثيرون منهم.

وقالت الصحيفة إن المحكمة الثانية هي محكمة الرأي العام، ففي حين تشير استطلاعات الرأي العامة إلى أن عدد الذين يدعمون المساءلة الآن يزيد قليلاً على المعارضين إلا أن الفجوة صغيرة وقد تضيق مرة أخرى. 

وأضافت أن الحكم الفوري للشعب في هذه القضية، والحكم الذي بعده في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 قد يزعج كل من يهتم بأمر الديموقراطية الأميركية. وقالت إن خطر حدوث نتائج عكسية من الإقالة حقيقي كما أيقن الديموقراطيون ذلك دائماً، لكن خطر عدم التصرف أكيد، وهذا سوف يبعث أسوأ رسالة لترامب وللرؤساء من بعده، وهي أن حكم التاريخ في هذه القضية لن يكون لطيفاً.