ويقول المتحدث باسم "القسام" أبو عبيدة: "إن الكتائب ستكشف عن إنجاز أمني واستخباراتي مهم، شكل صفعة جديدة لقيادة العدو".
الكاتب الصحافي المقرب من "حماس"، مصطفى الصواف، توقع في حديث لـ"المدن" أن يتعلق الكشف الجديد بأمر آخر منفصل عن موقعة العملية الفاشلة للقوة الاستخباراتية الإسرائيلية شرقي خانيونس قبل أكثر من عام، والتي كانت القسام قد كشفت مزيداً من تفاصيلها الأسبوع الماضي في البرنامج الوثائقي "ما خفي أعظم" على قناة "الجزيرة".
بينما رجح مصدر آخر في غزة لـ"المدن"، أن يرتبط الأمر بالكشف عن محاولة فاشلة لزرع إسرائيل أجهزة "إتصالات أمنية" تحاول الوصول لمراكز اتخاذ القرار العسكري في المقاومة والمفترض اتخاذه من تحت الأرض، مروراً بإفشال عملية تجسس "دقيقة" و"مركّبة" مكونة من أجهزة اتصالات وشبكات من العملاء.
ولكن.. مع ذلك، يبقى هامش المفاجأة قائماً في إعلان القسام المرتقب والذي ربما يكون متصلاً بشيء أمني مختلف كلياً عن هذا الترجيح.
وقد يكون الكشفُ المُنتظر ذا صلة بعملية خانيونس نفسها، بحيث منحت "القسام" معلومات وصوراً حصرية لقناة "الجزيرة" فيما تُركت معلومات إضافية متعلقة بمهمات الوحدة الاستخباراتية الإسرائيلية في لحظتها وما سبقها، كي ترويها "القسام" بطريقتها.
وأفرجت القسّام عن معلومات مفصلة في وثائقي "الجزيرة" حول بعض الأحراز والمركبات التي استخدمتها قوة (سييرت متكال) في عملية خانيونس جنوب القطاع العام الماضي والتي أطلقت عليها الكتائب اسم عملية "حد السيف".
الواقع، تندرج عملية خانيونس وما ستكشفه القسّام لاحقاً، سواء كان استكمالاً لإنجاز ما متصل بتلك العملية، أو تعلّق بعملية أمنية أخرى، في سياق "حرب الأدمغة والاستخبارات" التي تدور رحاها بشكل مكثف بين "القسام" واسرائيل وبعيداً من الإعلام في أحيان كثيرة..
وبدت الحرب الأمنية والاستخباراتية بين "حماس" واسرائيل، هي البديلة في ظل عدم رغبة أي من الطرفين بالمواجهة العسكرية حالياً؛ فتتم الاستعاضة عن الأخيرة بحرب "العقول والإتصالات"، خصوصاً أن تقديرات تل أبيب تفيد بأن الهدنة طويلة الأمد، ما زالت طويلة؛ ذلك أنها تتطلب تغييرات في "حماس" من الأساس.. وهذا يعني، أن المواجهة العسكرية محتملة في كلّ وقت.
وتُقر الدوائر الإستراتيجية لدى الدولة العبرية بفشل عملية خانيونس الاستخباراتية. وكشف تحقيق داخلي أجراه الجيش الإسرائيلي عن وجوه قصور عديدة لدى قيادة الوحدة السرية بالترافق مع خلل التوجيه في اللحظة الحاسمة.
وذهب الإعلام الإسرائيلي إلى وصف نتائج التحقيق المذكور بـ"هزة ارضية" في صفوف الجيش والوحدات "السرية" التي تقوم بعمليات استخباراتية ولوجستية عديدة في غزة ودول عربية عديدة، لا سيما سوريا.
وإذا ما راجعنا تجربة الماضي خلال جولات التصعيد لا سيما الأخيرة في غزة، فإننا نلاحظ حالة من "حرب المعلومات" عبر القرصنة المُحوسَبة رافقت المعركة العسكرية؛ وذلك ضمن مساعي الجيش الإسرائيلي لإفشال استهداف المقاومة لمواقع إسرائيلية "حسّاسة".
وتؤكد تحليلات في إسرائيل، أن "حماس" قادرة، عبر استخدام وسائل تكنولوجية حتى لو كانت بسيطة، على "صيد معلومات مهمّة وإلحاق الأضرار بالعدو". وهذه نقطة البدء التي تعتمدها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي ترى أن "حماس" لا تخلو من القدرات الأمنية والمعلوماتية وتستطيع الحصول على قدرات بهذا الجانب.
ولهذا، تنظر إستخبارات الإحتلال بجدية إزاء ما يقوم به الطرف الآخر في غزة.. والدليل على ذلك إستمرارُ معركة "الأدمغة" بينهما.
وضمن أدوات حرب الاستخبارات بين الجانبين، يقول مصدر من "حماس" إن "القسام" تعمل على مراقبة الشخصيات والوفود الآتية من دول أجنبية تحت عنوان "منظمات دولية"؛ خشية انتحالها صفة هذه المنظمات، بينما تكون هذه الشخصيات بمثابة عملاء إسرائيليين.
ووفق المصدر، فقد قامت الأجهزة الأمنية التابعة لـ"حماس" مؤخراً بإعتقال ألماني في غزة بسبب الشكوك فيه إثر قيامه بتصوير "أماكن أمنية حساسة"، فأطلقت سراحه بعد التحقيق معه، وبعدما تدخلت الدولة الألمانية للإفراج عنه.
في المقابل، أجرت القناة الإسرائيلية "12" تحقيقاً حول عملية الوحدة الخاصة الإسرائيلية في خانيونس، فطرح برنامج "عوفدا" السؤال المركزي، ألا وهو: "ما هي الأسباب التي قادت لانكشاف أمر وحدة النخبة الإسرائيلية، وفشل العملية في خانيونس؟".
وذهبت القناة العبرية إلى القول بأن هدف عملية الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي كُشفت في خانيونس كان "فتح عيون وآذان إسرائيل" على المواقع التي تؤخذ فيها القرارات المصيرية والحساسة لحركة "حماس".
لا شك في أن هناك هدفاً إضافياً لحرب العقول بين "حماس" وإسرائيل. ويكمن في رصد وتجديد بنك الأهداف لقصفها في سياق أي معركة مقبلة.
وفي السياق، دخلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية على خط المعركة السيكولوجية رداً على "كشف القسام" عن إنجازاته الأمنية السابقة واللاحقة، فنشرت تقريراً حول آلية إعداد "بنك أهداف" لدى الجيش الإسرائيلي.
ونقلت "هآرتس" اعترافاً من الضابط "أ" في سلاح الجو الإسرائيلي بأنه "في معظم الحالات لا انشغال استخبارياً بهدف قائم؛ لأن الأهم هو إنتاج أهداف جديدة، وهذا ما يكون في رصيدك في نهاية المطاف"..
ويضيف بأن "النجاح- وفق مفهوم الجيش الإسرائيلي- يُقاس بعدد الأهداف التي يتم إنتاجها وجمعها بُغية مهاجمتها في الوقت المناسب، أي كمية الأهداف الجديدة التي تدخل إلى البنك".
وتطرق هذا الضابط وضابط آخر، إلى آلية عمل طواقم إعداد "بنوك الأهداف". وقالا إن الجزء المركزي يتمثل "في ثقافة الاعتماد على الآخر" في اعتبارات اتخاذ القرارات؛ بحيث يتم إيلاء الأهمية الأكبر لجمع كمية أهداف وليس نوعيتها، وكطريقة للارتقاء في سلم المراتب، وتدخل المستوى السياسي من خلال ممارسة ضغوط من أجل "تحقيق نتائج"؛ الأمر الذي يؤدي إلى شن هجمات "ليست عملانية دائماً".
كشفُ "القسّام" الأمني: حربُ العقول مع إسرائيل تستعر؟
المدن - عرب وعالمالاثنين 2019/12/16

AFP
حجم الخط
مشاركة عبر
يترقب الجميع ما ستكشف عنه الذراع العسكرية لحركة حماس كتائب "القسام" هذا الأسبوع بشأن أمر قالت إنه مرتبط بإحباط الأخيرة لمخطط استخباراتي إسرائيلي وصفته بـ"الخطير"، لأنه "كان سيستهدف قدرات المقاومة".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها