طائرات مجهولة؟
تركزت الغارات الجوية بشكل أكبر على محطات التكرير في محيط بلدة ترحين التي تبعد عن مناطق سيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية في منبج مسافة 5 كيلومترات تقريباً جهة الجنوب، وتسبب القصف في إلحاق أضرار بالغة بالمحطات والشاحنات الممتلئة بالوقود الخام والمكرر، وطال القصف بشكل أقل محطات تكرير في أماكن متفرقة إلى الشمال الشرقي من تجمع محطات ترحين.
وساد الجدل بين المعارضة حول مصدر القصف والجهة المسؤولة عنه، وتنوعت روايات مراصد المعارضة التي ترصد عادة تحركات الطيران في أجواء الشمال السوري، بعضهم نسبه لطيران التحالف الدولي، والطيران الحربي الأميركي، والبعض أكد بأن الطائرات الحربية الروسية هي من قصفت تجمعات محطات التكرير، وتم رصد حركتها فوق ادلب وصولاً إلى منطقة "درع الفرات" في ريف حلب، وزعم ناشطو المراصد أن أصوات الانفجارات، والغارات الليلية على علو منخفض هو ما يميز الطائرات الروسية.
أما "الجيش الوطني" فلم يحدد الجهة المسؤولة عن القصف. وتداول ناشطون في مواقع التواصل معلومات حول استهداف جوي لمقار وثكنات عسكرية تابعة لفصيل "أحرار الشرقية" أحد فصائل "الجيش الوطني".
الناطق باسم "الجيش الوطني"، الرائد يوسف حمود، أكد لـ"المدن"، أن القصف الجوي تركز على محطات تكرير النفط في ريف حلب ولم يستهدف أي مقر أو ثكنة عسكرية تتبع لفصائل الجيش الوطني في المنطقة، ولم يحدد حمود الجهة المسؤولة عن القصف.
مصدر عسكري في "الجيش الوطني"، أكد لـ"المدن"، أن القصف الجوي لم يتسبب بوقوع أي إصابات بشرية، وكان هدفه تدمير المحطات وتعطيلها عن العمل وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر فيها، وهذا يعني، وفق المصدر، بأن الأهداف التي طالتها الغارات كانت خالية من العاملين وأصحاب المنشآت، وجرى اختيارها بدقة، مرجحاً وقوف الولايات المتحدة وراء العملية.
وبعد انتهاء القصف على محطات التكرير قرب الباب، شهدت مناطق ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي تحليقاً لطائرات الاستطلاع التركية.
ما الهدف من القصف؟
بدأت النشأة الكبيرة لتجمعات محطات التكرير البدائية في ريف حلب منذ بداية العام 2017، بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" وانتهاء بعمليات "درع الفرات" وتثبيت خريطة السيطرة بين مناطق سيطرة المعارضة و"وحدات الحماية" الكردية، وتركزت المحطات أو كما تعرف محلياً "الحراقات"، في ريف مدينة الباب في ترحين والقرى القريبة من خط التماس مع "الوحدات" في منطقة منبج، وفي العموم تقع المحطات في منطقة قريبة من معبر أم جلود، والذي يسميه أهالي ريف حلب بمعبر المحروقات القادمة من شمال شرق سوريا مروراً بمنطقة منبج.
عمليات تكرير المحروقات الخام في المحطات البدائية في ريف حلب مربحة بسبب الطلب الكبير عليها في مناطق سيطرة المعارضة في ريفي حلب وادلب، وزاد الطلب على المشتقات برغم انخفاض جودتها بشكل أكبر منذ بداية العام 2019 بسبب تصديرها إلى مناطق سيطرة النظام عبر معبر أبو الزندين ومعابر التهريب، فالأرباح الكبيرة أغرت قادة في فصائل المعارضة للاستثمار في محطات التكرير، وكان الفرق كبيراً بين أسعار الخام القادم من مناطق "الوحدات" وبين أسعار المشتقات الناتجة عن الصناعة التحويلية البدائية.
واستفادت الفصائل أيضاَ من الضرائب التي فرضتها على مرور وتصدير وتهريب المشتقات، وتسهيل دخولها إلى مناطق سيطرة النظام، لكن المحطات توقفت عن العمل بشكل شبه كامل منذ بداية عملية "نبع السلام" شرقي الفرات، بعد أن أغلقت "وحدات الحماية" المعبر وتوقفت بالتالي شحنات المحروقات الخام. وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر جرت محاولات لإعادة افتتاح المعبر، وبادرت المعارضة إلى افتتاحه أولاً من جانبها وسمحت بمرور قافلة لكن الوحدات غيرت رأيها الساعات الأخيرة قبل الموعد المحدد لافتتاحه.
بدا القصف عقاباً متأخراً لأصحاب محطات التكرير، ومهربي المحروقات إلى مناطق سيطرة النظام، ويمكن ادراجه في إطار عمليات مكافحة تهريب المحروقات إلى مناطق سيطرة النظام، وربما لدى الفصائل في "الجيش الوطني" علم مسبق بالغارات التي تهدف إلى تدمير منشآت التكرير التي تعتبر محطة انطلاق عمليات التهريب، وتدميرها قد يكون شرط لازم لإعادة افتتاح معبر أم جلود بين المعارضة والوحدات في منبج.
ريف حلب: من قصف محطات تكرير النفط؟
المدن - عرب وعالمالثلاثاء 2019/11/26

Getty
حجم الخط
مشاركة عبر
قصفت طائرات حربية، ليل الاثنين/الثلاثاء، تجمعات محطات تكرير النفط البدائية قرب بلدتي ترحين وحجي كوسا شمال شرق مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وتسبب القصف في احتراق عدد من المحطات وشاحنات نقل الوقود، فيما لم يتم تسجيل أي إصابات في صفوف العاملين وأصحاب المحطات، وانتهت فرق الدفاع المدني من عمليات الاطفاء في ساعة متأخرة بعد منتصف الليل، بحسب مراسل "المدن" خالد الخطيب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها