الخميس 2019/11/14

آخر تحديث: 20:00 (بيروت)

وزارة التجارة السورية: السكر للمليشيات..والطحين غير صالح للاستهلاك

الخميس 2019/11/14
وزارة التجارة السورية: السكر للمليشيات..والطحين غير صالح للاستهلاك
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
تلاحق الفضائح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، من التلاعب بمخصصات الأفران وخلطها بطحين غير صالح للاستهلاك البشري، إلى بيع كميات هائلة من السكر لقادة مليشيات من دون تنظيم عقود بيع قانونية.

السكر للمليشيات 
حققت "إدارة المخابرات الجوية" في ريف دمشق، مع عدد من قادة المليشيات الرديفة التابعة لها، على خلفية مطالبة وزارة التجارة لـ"الجوية"، بضرورة سداد أكثر من 300 مليون ليرة سورية.

مصدر مطلع، قال لـ"المدن"، إن "الجوية" استدعت قادة المليشيات من ريف دمشق الغربي، وحققت معهم على مدى ايام، من دون إيقاف أي منهم. وكانت كتب من وزارة التجارة قد وصلت لـ"الجوية"، تحثها على سداد الديون المترتبة على أبرز قادة مليشياتها العسكرية في قرى وادي بردى؛ تمام محمد دياب، من قرية كفر العواميد.

وبحسب الكتب التي وجهتها وزارة التجارة، فقد اشترى دياب أكثر من 5000 طن من السكر من فرع المؤسسة الاستهلاكية في حمص، من دون سداد أي مبلغ. وكانت الوزارة قد قدمت تسهيلات لدياب، بصفته مندوباً لـ"إدارة المخابرات الجوية"، في فترة وجود اللواء جميل الحسن، على رأسها.



وأضاف مصدر "المدن"، أن "الجوية" أبلغت القادة الذين حققت معهم، بأنها ستتخذ تدابير بحق مشتري المواد الغذائية من مؤسسات وزارة التجارة، وذلك بعد توقف العمليات القتالية في محيط إدلب.

وأشار مصدر "المدن" إلى أن "الجوية" ردت عل كتب الوزارة، بالتبرؤ من دياب، وأشارت إلى أنه شخص غير موثوق بالنسبة لها. وقالت "الجوية"، في رسالة حصلت "المدن" على نسخة منها:  "الإدارة بصفتها الرسمية والاعتبارية لا علاقة لها بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، ولكن من البديهيات في أصول البيع والشراء وكونكم مؤسسة حكومية، كان يمكن للوزير السابق تجنب الخطأ من خلال تنظيم عقود بيع نظامية ورسمية تحمي المال العام، فليس من المنطق بمكان استجرار هذه الكمية الهائلة من مادة السكر لأشخاص لمجرد قربهم من المسؤولين او ما شابه".

وقدمت "الجوية" في كتابها نصيحة لوزارة التجارة، بالتقدم بشكوى إلى "الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش" لمعالجة الموضوع أصولاً.

الطحين غير صالح للاستهلاك
إلا أن الموضوع لا يتعلق فقط بتجاوزات، على صيغة "تسهيلات"، قدمتها وزارة التجارة لمتعاقدين مع "الجوية"، بل تمتد شبكات الفساد عميقاً في الوزارة. فقد اطلعتّ "المدن" على وثائق متعلقة بكميات النخالة والطحين الفاسدة المخزنة في مستودعات "السورية للحبوب" التابعة لوزارة التجارة الداخلية. وفي إحدى الرسائل الموجهة من مدير الإنتاج في فرع دمشق إلى مدير عام "السورية للحبوب"، يطلب الموافقة على مقترح بنقل 1300 طن من الطحين "المتجبل" إلى المطاحن الكبيرة في الناصرية والغزلانية والكسوة وتشرين، لتتم عملية استصلاحها ومزجها بكمية من الدقيق الصالح، على ألا تزيد نسبة الدقيق المتجبل 10% من الدقيق الصالح.

والطحين المتجبل أو الرطب، هو الطحين الذي تعرض لمصادر رطوبة عالية اثناء التخزين أو تعرض للخلط بالماء، ما يسبب تصلبه وتحوله إلى كتل قاسية متعفنة، وهو غير صالح للاستهلاك.

المدير العام لـ"السورية للحبوب" وافق على مقترح مدير الإنتاج في فرع دمشق، وطالب مطحنتي الكسوة والغزلانية، بتسلم 1300 طن من الدقيق "المتجبل"، وطحنها مع الدقيق الصالح "ضمن ضوابط فنية متعلقة بعمل المطحن، والحرص على عدم تخزين أي من الكميات القادمة من مخازن فرع دمشق، للحرص على عدم فساد كميات أخرى ضمن المطاحن".

وأشار مصدر "المدن"، إلى أن مؤسسة الحبوب شرعت بخطة خلط الطحين المتجبل مع كميات صالحة، حتى قبل صدور قرار المدير العام لـ"السورية للحبوب".


وكانت أجهزة الأمن السورية، قد اعتقلت بطلب من "الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش"، موظفين غير مؤثرين في "السورية للحبوب"، على خلفية ورود أسمائهم في مجريات التحقيق مع المدير العام السابق للمطاحن مهند شاهين.

وأشار مصدر "المدن" إلى أن التحقيق مع مهند شاهين، ما زال مستمراً منذ اعتقاله في آب/أغسطس، وهو موقوف حالياً في سجن عدرا المركزي، إلا أن دخول شخصية بارزة في وزارة التجارة الداخلية، للتوسط لهُ حال دون فتح كل الملفات التي ارتبطت باسمه شخصياً وبوزير التجارة السابق عبدالله الغربي، ليقتصر التحقيق على قضية واحدة؛ شراء قطع تبديل للمطاحن بتكاليف مرتفعة في العام 2015.

وكانت مجموعة قضايا قد أثيرت ضد شاهين، ومنها نقل 15 ألف طن من القمح من ديرالزور الى حمص، مطلع العام 2018، ووصوله بحالة غير صالحة للطحن وتحويل الكمية إلى علف للحيوانات، وملف تخزين النخالة بكميات كبيرة في مستودعات تتبع للوزارة، وانتهاء صلاحيتها، واتلافها لعدم صلاحيتها حتى للاستهلاك الحيواني، وملف التلاعب بأسعار توريد المازوت، والمصاريف المخصصة لصيانة المطاحن والتي تقدر بأكثر من مليار ليرة سورية، وصرف مخصصات وهمية من الطحين للأفران، وخلط كميات الطحين الصالح للاستهلاك بأخرى منتهية الصلاحية.

ويتوسط حالياً أحد معاوني وزير التجارة، لإنهاء التحقيق مع مهند شاهين، واغلاق ملفات الفساد بأقل خسائر ممكنة، والحيلولة دون طلب موظفين سابقين أو وزير التجارة السابق، والمدراء السابقين للمؤسسات التابعة للوزارة، للتحقيق، كما حصل في آب/أغسطس عبر "الرقابة والتفتيش".

ووفقاً لمصدر "المدن"، فقد صدر كتاب عن الوزارة في تشرين الأول/أكتوبر وأرسل الى "الرقابة والتفتيش" لتبرئة مهند شاهين، والضغط لإغلاق ملفاته. ونُظمت اجتماعات علنية مع عدد كبير من أصحاب الأفران الذين لهم نفوذ ضمن الوزارة، بغرض إصدار كتاب لتبرئة شاهين، وإيقاف التحقيقات معه.

وأضاف مصدر "المدن"، أن ثمة تراخياً بالتعامل مع قضايا وزارة التجارة من قبل "الرقابة والتفتيش"، ما قد يشير إلى وجود من هم أكبر من معاوني الوزير ممن يضغطون لإنهاء التحقيق.

ولا توجد قوة تنفيذية فاعلة لتنفيذ قرارات "الرقابة والتفتيش"، إذ أن أموراً كثيرة عملت الهيئة على إعادة تنظيمها عبر قرارات، لم يتم تطبيقها ضمن المديريات. وفي أيلول/سبتمبر، مررت "الرقابة والتفتيش" كتاباً لوزارة الداخلية، يقضي بإعفاء وتغريم عدد من المسؤولين ضمن "السورية للحبوب"، لفساد كميات كبيرة من الطحين والنخالة بسبب سوء التخزين. كما أن كميات من الطحين والنخالة تم شراؤها بحالة سيئة. إلا أن أحداً لم يغادر موقعه، ولم يطبق التغريم بحق أي موظف.

وكان القانون رقم 11، الصادر في نيسان/أبريل 2019، قد أحدث "السورية للحبوب" لتحل محل "المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب" و"الشركة العامة لصوامع الحبوب" و"الشركة العامة للمطاحن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها