حجم الخط
مشاركة عبر
كلّف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين رسمياً، رئيس قائمة "أزرق أبيض" بيني غانتس بتشكيل الحكومة المقبلة، في محاولة للخروج من أطول مأزق سياسي في إسرائيل، لكن الواضح أن المهمة تكاد تكون مستحيلة.
وعبّر الرئيس الإسرائيلي عن قناعته بأن "فرصة تشكيل الحكومة لا تزال ممكنة"، فيما شدد غانتس على أنه سيسعى إلى إقامة "حكومة مصالحة وطنية"، وأبقى على خيار تشكيل حكومة تضم الحريديين قائماً.
وقال ريفلين: "يتعين على الأحزاب السياسية تقديم تنازلات لتسهيل عملية تشكيل الحكومة"، وأضاف "لقد اقترحت مخططًا يهدف إلى تمهيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة".
فيما وعد غانتس ب"محاولة تشكيل حكومة وحدة ليبرالية"، معرباً عن تفاؤله بفرصه لتشكيل الحكومة، وأضاف أن "البلاد بأكملها تنتظر منا إنهاء حالة الفوضى السياسية".
وقال: "في هذا الموقف المهم بالتحديد، يجب على المرء أن يحذر من أولئك الذين يرون فقط صلاحياتهم الشخصية أمام أعينهم"، في إشارة إلى رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، الذي سبق واتهمه غانتس بالسعي إلى التفاوض على ائتلاف يضمن له حصانة من الملاحقة القضائية في قضايا فساد.
وأكد غانتس أنه يعتزم الاتصال بنتنياهو ويقترح عليه أن يكون جزءاً من حكومة الوحدة، فيما تجنب ذكر إمكانية التناوب مع نتنياهو على منصب رئاسة الحكومة، وفقا للخطة التي طرحها الرئيس الإسرائيلي، خلال خطابه.
وشدد غانتس على أن "أي شخص سيقود إسرائيل لانتخابات مدمرة ثالثة أخرى من أجل مصالحه الشخصية، سينتهي به الأمر ويختفي من الخريطة السياسية". وقال: "علينا أن نتصرف بمسؤولية حيال المواطنين وتجنب انتخابات جديدة".
ورغم فرصه الضئيلة بالنجاح في المهمة، تنتظر غانتس مهلة 28 يوما لخوض التحدي بتشكيل الحكومة، وإلا سيطلب ريفلين من الكنيست تسمية مرشح ثالث لتشكيلها؛ وفي حال فشل ذلك، تتجه إسرائيل إلى انتخابات جديدة ستكون الثالثة في أقل من عام.
وفي حين ذهبت تحليلات إلى أن موقف المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت، الذي يفترض أن يوجه اتهاماً رسمياً لنتنياهو بالفساد، سيلعب دوراً كبيراً في احتمالات تشكيل الحكومة وتجنب انتخابات ثالثة، فإن تحليلات أخرى ذهبت إلى جملة من السيناريوهات التي تبقى قيد التساؤل.
وقال المحلل السياسي يوسي فيرتر في مقال بصحيفة "هآرتس" الخميس، أن احتمالات تشكيل حكومة ضئيلة، وتقترب من الصفر، ومن المؤكد أنه في حال تشكيلها ستكون أيامها قصيرة، وفي حال لم تتفكك كتلة اليمين، فإن غانتس لا يمكنه الاعتماد على أحد في تشكيل الحكومة باستثناء مندلبليت.
وأضاف في المقال الذي ترجمه موقع "عربي 21"، أنه مرت 11 سنة و5 معارك انتخابية قبل أن يكلف الرئيس الإسرائيلي سياسياً غير بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة "تبدل خلالها رؤساء ورؤساء أركان للجيش وقضاة وعمداء، وولد أطفال وتطورت الهواتف الذكية وأطلقت مركبات فضائية".
واعتبر أن غانتس وجه رسالتين في خطابه، الأولى تهديد لنتنياهو بأن الشعب سيحاسبه إذا وضع مصلحته الشخصية والقضائية قبل مصلحة الجميع في حال أصر على التناوب؛ والثانية موجهة إلى "الشريك الإستراتيجي" أفيغدور ليبرمان، الذي تعهد مرة أخرى بتشكيل "حكومة وحدة ليبرالية".
وبحسبه، فإن ليبرمان بات مهماً جداً بالنسبة للمكلف بتشكيل الحكومة، وتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تقدماً في المفاوضات الائتلافية بين "أزرق أبيض" و"غسرائيل بيتنا"، وفي الوقت نفسه سيتم إيلاء الاهتمام لحزب "العمل – غيشر" كشريك محتمل في ائتلاف غانتس.
وتوقع فيرتر ألا يحصل أي تقدم في الأسابيع الأربعة الأولى، وأن التقديرات تشير إلى أن ترتيب الأوراق قد يحصل بعد العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، مع انتهاء مدة تكليف غانتس، وفي المدة الزمنية الاخيرة التي تصل إلى 21 يوماً، التي ستأتي بعدها الانتخابات المقبلة.
ويخلص إلى أن حكومة الأقلية التي سيجري الحديث عنها كثيراً في الأسابيع القريبة ستكون على الورق فقط، فاحتمالات تشكيلها ضئيلة لدرجة تقترب من الصفر. وفي حال تشكلت فإن أيامها ستكون "قصيرة وعاصفة ومريرة. وإذا لم تتفكك الكتلة اليمينية – الحريدية في الأيام الـ28 القريبة، فإنه لا يمكن لغانتس الاعتماد على أحد لتشكيل الحكومة إلا مندلبليت.
من جهته، كتب المحلل الإسرائيلي بن كسبيت في "معاريف"، أن جميع المحللين يجمعون على أن تكليف غانتس بتشكيل الحكومة لا يشكل حدثاً مجدياً في العقدة السياسية، ولكن، بحسبه، فإن ذلك ليس صحيحاً بالضرورة، حيث أن نتنياهو يدرك أهمية الصورة والحواجز النفسية على الإسرائيلي المتوسط.
وقال إن نتنياهو "أدرك ذلك جيداً عندما توسل رئيس الشاباك يعكوف بيري، عندما شغل منصب رئيس المعارضة في تسعينيات القرن الماضي، للحصول على حراسة رسمية، باعتبار أن ذلك يجعله يبدو كرئيس حكومة".
وكتب أن نتنياهو يعرف أن حياته السياسية كرئيس للحكومة كانت بسبب أن أحداً من بين خصومه السياسيين لم يتمكن من الظهور كمن يستطيع أن يحتل مقعد رئيس الحكومة، أمثال تسيبي ليفني وشيلي يحيموفيتش ويائير لبيد ويتسحاك هرتسوغ، حيث لم يتمكنوا من إقناع الوعي الجمعي الإسرائيلي بأنهم قادرون على الجلوس هناك.
واعتبر أن غانتس مختلف، فهو "زعيم له شعبية وحضور وقادر على احتلال مقعد رئيس الحكومة".
ويهاجم نتنياهو بالقول إنه "حيوان سياسي لا مثيل له في العالم، فقد خطط لتأميم مؤسسة رئيس الحكومة في إسرائيل لسنوات، وبنى نفسه كسيد أمن وزعامة، وسيد العالم وإسرائيل".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها