حجم الخط
مشاركة عبر
أعلنت الهيئة العليا المُستقلة للانتخابات في تونس فوز المرشح قيس سعيّد بمنصب رئاسة الجمهورية رسمياً، مُتغلباً على منافسه رجل الأعمال نبيل القروي.
وقالت الهيئة في مؤتمر صحافي مساء الإثنين، إن سعيّد حصل على نسبة 72.71 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين مقابل 27.29% لصالح منافسه القروي.
وكانت هيئة الانتخابات قالت إن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع بلغت نحو 57.8 في المئة من إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت.
وفي وقت سابق، رأى القروي الذي كان محتجزاً على ذمة اتهامات بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، إن الانتخابات لم يتوفر فيها مبدأ تكافؤ الفرص. لكنه عاد وهنّأ سعيّد على فوزه بالانتخابات وتعهد بدعمه.
وشكّل حلول سعيّد في المركز الأول في الدورة الأولى للانتخابات التونسية في أيلول/سبتمبر مفاجأة لرجل يأتي من خارج التركيبة السياسية، وخاض الانتخابات بقليل من المال وبلا حزب سياسي يدعمه ولكن بالتزام قوي بشكل ديمقراطي.
أستاذ القانون المتقاعد مثّل فوزه في الجولة الأولى إعلاناً واضحاً برفض الناخبين للقوى السياسية الراسخة التي هيمنت على المشهد السياسي بعد ثورة عام 2011 والتي فشلت في معالجة مصاعب اقتصادية منها ارتفاع معدل البطالة والتضخم.
وحظي سعيّد بدعم إسلاميين ويساريين، وتميز بمواقف اجتماعية محافظة تارة وراديكالية تارة أخرى لم تكن تتناغم في أحيان كثيرة مع توقعات مؤيديه. وترك بذلك مناصريه ومنتقديه على حد سواء يتلهفون لتحديد هويته.
وقال سعيّد بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية: "أنا مستقل وسأبقى كذلك. لا أتبع أي جهة. تونس اليوم تفتح صفحة تاريخية جديدة. أنا لم أقدم وعوداً تقليدية ولا برامج تقليدية للناخبين، لقد قدمت لهم أفكاراً وتصورات جديدة تترجم في شكل قانوني مطالبهم".
ويقف سعيّد مع منافسه الذي فاز عليه في الجولة الثانية على طرفي النقيض.. فالقروي ثري يملك قناة "نسمة" التلفزيونية، وهو شخصية مثيرة للجدل ورجل اتصال ومؤسس جمعية خيرية تركز على معاناة الفقراء، ويواجه في الوقت نفسه تهماً بتبييض الأموال والتهرب الضريبي مما تسبب في قضائه أغلب فترة الحملة الانتخابية في السجن.
بينما يقول أنصار سعيّد إن حملته الانتخابية متواضعة بتمويل ودعاية لا تكاد تذكر، ويتندرون بالقول إن تكاليف حملته لا تتجاوز سعر قهوة وعلبة سجائر.
سعيّد كانت لديه القدرة على استمالة الجميع بخطاب جذاب ومميز. حتى في مقر حملته الانتخابية كان هناك خليط من محجبات ومتحررات وطلبة وعاطلين وعمال وأساتذة جامعيين.
ويبدو أن مواقفه الاجتماعية المحافظة من بعض المسائل مثل رفضه المساواة في الميراث أو التسامح مع المثلية الجنسية ومعارضة إلغاء الإعدام قد حظيت بدعم من الإسلاميين. ولكن على عكس الشائع، فإن مواقفه المحافظة لا تدل على شخصية الرجل الذي ليس له أي نهج متشدد.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن فوز سعيّد يعد تحولاً يراه المراقبون ضربة للنخبة السياسية التونسية التي ظهرت بعد ثورة عام 2011، لافتة إلى أن الرجل الذي لم يكن معروفاً للكثير من التونسيين قبل الجولة الأولى سيطر على الديموقراطية الوحيدة التي ظهرت في مرحلة ما بعد الربيع العربي.
وقالت إنه "في منطقة يحكمها ملوك ومستبدون وعائلات، فإن تونس عرضت، مرة أخرى، مكانتها المتميزة للعالم العربي، وتدفق الملايين إلى صناديق الاقتراع ليختاروا بين شخصين خارجين عن المؤسسة السياسية في جولة الإعادة، وبعملهم هذا فإنهم أظهروا ازدراءهم للمؤسسة السياسية، التي لم تكن قادرة على حل معدلات البطالة وزيادة الأسعار وغياب الفرص، التي كانت سبباً في اندلاع الثورة".
وقالت إن السكان الذين شعروا بالخيبة قرروا وضع آمالهم على شخصين، كل منهما نسخة مضادة للآخر؛ القروي رجل أعمال وملياردير مقابل سعيّد أستاذ جامعي اقترض المال ليسجل اسمه في قائمة الترشيح.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها