الخميس 2019/01/03

آخر تحديث: 13:25 (بيروت)

وهمٌ سوريٌ جديدٌ:تجميع معارضة الداخل..برعاية روسية إماراتية

الخميس 2019/01/03
وهمٌ سوريٌ جديدٌ:تجميع معارضة الداخل..برعاية روسية إماراتية
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
رحب النائب السابق لرئيس "هيئة التفاوض" خالد علوان المحاميد، بإعادة افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، مشيراً في لقاء تلفزيوني إلى أن مجموعة من الدول العربية ستعيد فتح سفاراتها في دمشق، باستثناء قطر التي رجّح "عدم سماح دمشق لها بذلك".

وأضاف المحاميد أنه "لا بد من إعادة دور سوريا ومقعدها في جامعة الدول العربية، وأن هناك دولاً من بينها السعودية ومصر والإمارات تسعى بشكل جدي في هذا الإطار". المحاميد تحدث عن ضرورة "الدفع بالحل السياسي والبدء بإعادة الإعمار والاستقرار في سوريا من خلال مساعٍ عربية من شأنها تحجيم دور إيران وتركيا".

المحاميد غرّد في "تويتر": "رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا أصبح ضرورياً. كوّن هذه العقوبات زادت من معاناه الشعب السوري. سواء من هم داخل الوطن أو المغترب السوري"، وبدا شديد التهجم على السياسة التركية ومنفتحاً على النظام. فكيف تحوّل نائب رئيس "هيئة التفاوض" عن المعارضة إلى محاباة النظام، وتبنى خطابه؟ 

المحاميد، المحسوب على المُعارضة والمفروض على "هيئة التفاوض" المنبثقة عن "مؤتمر الرياض-2" الموسع للمعارضة السورية، كان قد لعب دوراً مركزياً بسيطرة قوات النظام على الجنوب السوري، عبر تواصله مع قادة المعارضة المسلحة للضغط عليهم بضرورة قبول الحل الروسي وتسليم الأسلحة الثقيلة للنظام. ومنذ ذلك الوقت، بدأ المحاميد العمل، وبشكل جاد، في مسار حل، قال إنه يقوم على "تشكيل جسم سياسي معارض للنظام في الداخل السوري".

المحاميد، كان قد استقال من "هيئة التفاوض" في تشرين الأول/اكتوبر 2018، في صفقة لابقاء نسيبه، قائد ما كان يُعرف بـ"قوات شباب السنة" أحمد العودة، عضواً في "الهيئة". وكانت "الهيئة" قد تعرّضت لضغط كبير لطرد العودة بعد توقيعه اتفاق "تسوية" مع النظام، وتحوله لقيادي في "الفيلق الخامس" المدعوم روسياً.

أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2018 زار المحاميد الأردن، واجتمع مع بعض الضباط المنشقين عن النظام، وبعض قادة المعارضة لإقناعهم بالعودة إلى سوريا بـ"ضمانات روسية" للعمل على تشكيل جسم سياسي يمهد لـ"مؤتمر حوار وطني سوري-سوري". وبدأ مؤخراً العمل على تشكيل "لجان" من محافظتي درعا والقنيطرة لاختيار ممثلين عنهما لحضور "مؤتمر الحوار الوطني"، الذي قال المحاميد إنه سيكون بتمويل إماراتي، ودعم روسي.

ويهدف المحاميد من تنظيم "مؤتمر الحوار الوطني" المزمع عقده في الداخل السوري، بإشراف أجهزة النظام الأمنية وحضور ممثليها، بحسب مصادر "المدن"، إلى "إيجاد جسم سياسي يمثل المعارضة في الداخل، بهدف الالتفاف على القرارات الدولية التي تدعو لانتقال سياسي للسلطة في سوريا، وتقزيم مطالب المعارضة من تغيير نظام الحكم إلى المطالبة بتأمين احتياجات الناس وتوفير الخدمات والإفراج عن الأحياء من المعتقلين في سجون النظام".

ومع ذلك، أكدت مصادر مطلعة، لـ"المدن"، وجود 4 "لجان" منقسمة على بعضها ومتنافسة لاختيار ممثلي الجنوب للمؤتمر؛ الأولى في ريف درعا الشمالي الغربي، وتضم جلال الحلقي الذي عمل طيلة السنوات الماضية على شراء الأراضي والعقارات لصالح إيران في المنطقة، وكل من عبدالقادر الناصر، ووزير "الإدارة المحلية" في "الحكومة السورية المؤقتة" سابقاً محمد سرور المذيب، بدعم وإشراف من "مكتب الأمن الوطني" الذي يرأسه اللواء علي مملوك. وعقدت هذه اللجنة أكثر من اجتماع مع اللواء مملوك. وخرجت هذه اللجنة بقائمة مؤلفة من 12 شخصاً يمثلون درعا، غير أن "الأمن العسكري" رفض اسماء بعض المعارضين فيها.

اللجنة الثانية ضمّت ممثلين عما كان يُعرف بـ"هيئة الإصلاح في حوران" و"مجلس حوران الثوري" و"جيش المعتز بالله" و"فرقة 18 آذار"، ومنهم أحمد البقيرات واسماعيل الحاج علي وعدنان الشريف وفؤاد الشديدي واشرف الحريري. وهذه اللجنة مدعومة من "الأمن العسكري" وبتنسيق مباشر مع رئيسه في الجنوب العميد لؤي العلي، من خلال القيادي السابق في المعارضة محمود البردان، المُقرّب من روسيا. وتوافقت هذه اللجنة على قائمة، تضمّ 180 شخصاً يمثلون "هيئة استشارية لاختيار ممثلين عنهم لحضور مؤتمر الحوار الوطني".

اللجنة الثالثة تعمل بإشراف مسؤول ملف "المصالحات" في الجنوب مازن الحميدي، وتضم "لجان المصالحات" الموجودة أصلاً قبل سيطرة قوات النظام على الجنوب، وتدعمها "المخابرات الجوية".

اللجنة الرابعة تضم ممثلين عما كان يُعرفُ بـ"هيئة الإشراف والمتابعة" المُعارضة والتي كانت مهامها محصورة برفع تقارير دورية لغرفة العمليات العسكرية، ومن الممثلين عنها رعد العامر، وأبو احمد الهويدي، بدعم روسي وتمويل الامارات، واشراف وتنسيق مع خالد المحاميد.

وجميع هذه الفعاليات المعارضة، المدنية والعسكرية، كانت موجودة خلال فترة سيطرة المعارضة على المنطقة، وحُلّت تماماً مع سيطرة النظام على الجنوب، ومع ذلك بقي اعضاؤها يتواصلون مع بعضهم.

حديث المحاميد عن وضع حدّ للتدخل الإيراني في سوريا، يبدو بيعاً للوهم، وينسجم تماماً مع مبررات انفتاح بعض الدول الخليجية على النظام السوري. فإيران اليوم تتغلغل في كافة المفاصل السورية بما فيها تلك اللجان الأربع التي يُروّج لها المحاميد لمواجهة المدّ الإيراني. وعدا عن أذرع إيران الطويلة في درعا، عبر جمعيات "مدنية" كـ"الزهراء" و"أحباب القائد الخالد"، وتسابق مليشياتها العقائدية المسلّحة لتجنيد مقاتلي المعارضة السابقين، يبدو دور جلال الحلقي، فاضحاً في اللجنة الأولى.

وبحسب مصادر "المدن" فإن الخلافات موجودة بين هذه الفعاليات واللجان، ويزيد من ذلك دعم النظام للبعض منها، ومحاولة تحجيم دور البقية، في محاولة لتعميق الانقسامات في ما بينها. ويساهم ذلك ببقاء "المعارضة" في حالة من التشظي المستمر، ما يحول فعلياً دون إمكانية "تشكيل جسم سياسي معارض في الداخل". ومع ذلك، يبدو المحاميد مُصراً على بيع الوهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها