السبت 2018/09/15

آخر تحديث: 12:23 (بيروت)

"تحرير الشام": ما الخطوة التالية؟

السبت 2018/09/15
"تحرير الشام": ما الخطوة التالية؟
الانضمام إلى "الجبهة الوطنية" (Getty)
increase حجم الخط decrease
تعيش قيادات الصف الأول في "هيئة تحرير الشام" انقساماً حاداً حول الشكل المفترض لحلّ "الهيئة"، والانتقال إلى الخطوة التالية بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، تجاوباً مع الضغط الداخلي المحلي والتركي. وتحاول "الهيئة" أن تضمن في خطوتها التالية الإبقاء على التنظيم بشكل ما من دون الحاجة لتفكيكه كلياً.

وكانت "تحرير الشام" قد اتخذت قرار بالفعل قراراً بحلّ ذاتها تجاوباً مع الضغوط التي واجهتها خلال الشهرين الماضيين، لكنها تمتعت بوقت إضافي بسبب تأخر معركة ادلب المفترضة. احتمال اندلاع معركة في إدلب مكّن "الهيئة" من المناورة، والترويج لطروحات على طاولة المفاوضات الدورية مع فصائل المعارضة والمخابرات التركية التي تدير الملف الأمني في ادلب.

ومن بين الطروحات التي قدمتها "تحرير الشام" خلال الفترة الماضية؛ التنازل عن اسمها، والاندماج مع فصائل المعارضة في غرفة عمليات مشتركة، أو الإعلان عن حل نفسها وانضمام عناصرها إلى تشكيلات أخرى ناشئة حديثاً برعايتها. وكان مفترضاً دفع الجهاديين المُهاجرين غير السوريين من مقاتلي الهيئة، والمجموعات الرافضة للتحول الجديد، للانضمام إلى "حراس الدين"، مقبرة المجموعات الجهادية غير المستجيبة لحلّ "الهيئة" لذاتها.

جملة الطروحات المقدمة، وغيرها من المقترحات، دافع عنها قسم كبير من قادة "تحرير الشام"، خاصة المهاجرين منهم، المتفقين مع قرار الحل، لكنهم ضد الاندماج في صفوف "الجبهة الوطنية للتحرير". ويرى هؤلاء أن التعاطي مع أشكال الحل، حتى لو أدى الأمر إلى تفرقهم إلى جماعات صغيرة تذوب شكلياً في ما يسمى بالمقاومة الشعبية، يبقى أفضل بكثير من الانضمام لصفوف "الجبهة الوطنية". وفي ذلك، بحسب زعمهم، حفاظ على "شأفة الجهاد"، والابتعاد عن "المشاريع الوطنية الانبطاحية التي لا تمتلك قرارها".

ومن أنصار هذا الرأي، الجهادي الفلسطيني الزبير الغزي، القائد والشرعي في "تحرير الشام"، وكذلك الجهادي العراقي أبو ماريا القحطاني، والجهادي السوري عبدالرحيم عطون، والجهادي المصري أبو الفتح الفرغلي، والجهادي المصري علي الدج "أبو اليقظان المصري"، وآخرين. ودافع هؤلاء خلال الفترة الماضية عن رأيهم، ونفوا بشكل غير مباشر أي خطوة نحو الانضمام في صفوف "الجبهة الوطنية".

الزبير الغزي، كان الأكثر وضوحاً من بين قادة "تحرير الشام" بشأن الانضمام لصفوف "الجبهة الوطنية"، إذ هاجم مؤخراً في "تلغرام"، المسؤول الشرعي في "فيلق الشام" و"الجبهة الوطنية" الشيخ عمر حذيفة، بسبب الدعوة الصريحة التي وجهها لـ"تحرير الشام" للانضمام إلى "الجبهة الوطنية"، "إبعاداً للخطر" و"تحقيقاً للمصلحة العامة وتغليبها على المصلحة الفصائلية".

الغزي وجه خطابه للشيخ عمر حذيفة، قائلاً: "يا عمر، الزم حدك، ولا تخض فيما لا تفقهه، ولا تقل ما لا تحسنه؛ خير لنا ولك، العدو يريد أهل الشام لدينهم وجهادهم، ثم يطالب أهل الديانة والجهاد من هيئة تحرير الشام أن يكونوا تحت جبهة وطنية، والتي رأينا آثار وطنيتها في شتى البقاع تسليما وانبطاحا. إن دعوتك الآثمة بحل هيئة تحرير الشام أعز الله بها دينه، مردودة عليك، ولا كرامة. فلا والله لن نحل أنفسنا إلا لما فيه مصلحة جهادنا وأمتنا، لا في مشروعك الوطني المنبطح". الغزي، لمح إلى إمكانية الحلّ، لكنه لن يكون لصالح "الجبهة الوطنية" بأي حال. وردّ حذيفة، بشكل مطول، معتبراً كلام الغزي "مزاودة رخيصة من مجهول الهوية".

القسم الأكبر من القادة العسكريين في الصف الأول والثاني من "تحرير الشام" أيدوا الانضمام إلى "الجبهة الوطنية"، وهم في الغالب من العناصر المحلية. ويرى هؤلاء في الانضمام خطوة لابد منها في الوقت الحالي، مع الحفاظ على كيان "تحرير الشام" تنظيمياً وحركياً، أي الحفاظ على هويتهم، من دون الانصهار الكامل في صفوف "الجبهة".

مصدر عسكري معارض أكد لـ"المدن" أن "تحرير الشام" بدأت العمل فعلياً على مسألة تشكيل فصائل عسكرية في إدلب تهيئة للخطوة القادمة، في حال نجحت الجهود التركية بإيقاف معركة ادلب. ومن بين الأسماء التي يتم العمل عليها "جيش حلب" الذي يُفترض أن يكون بقيادة شخصيات غير معروفة للعلن في صفوف "تحرير الشام"، ولديها شعبية محلية في ريف حلب وشمال ادلب.

في اجتماع جرى مؤخراً لقادة فصائل المعارضة المسلحة مع مسؤولين أتراك مكلفين بملف ادلب، قبل الاجتماع الرباعي، الروسي–التركي–الألماني–الفرنسي، ناقش الجانب التركي الوضع في ادلب، والتطورات المحتملة خلال الفترة القادمة. المسؤولون الأتراك أخبروا قادة المعارضة بأنهم ماضون في السعي لإيقاف المعركة المفترضة. وفي حال فشلت المساعي التركية ستبقى "تحرير الشام" من دون أي تغيير، باعتبارها مكوناً رئيسياً سيتم الاعتماد عليه في المواجهة المحتملة. وإذا حصل العكس، ونجح الأتراك في وقف المعركة، ستطالب تركيا "تحرير الشام" بضمانات للمضي في مسار حل نفسها، والتحول إلى الخطوة التالية. "الهيئة" قادرة بسهولة على اتخاذ هذه الخطوة بعدما انفض عنها عدد كبير من المهاجرين، ممن ينتظرون الفرصة للعودة إلى بلدانهم. فمن بقي منهم بصفوف "الهيئة" لا يتجاوز 100 مُهاجر، ومن السهل تطويعهم.

تعلم "تحرير الشام" أن تركيا لا ترغب في المواجهة معها، وجهاً لوجه، في حال اقتضت المصلحة التركية حلّ "تحرير الشام". كذلك تعي "الهيئة" أن قسماً كبيراً من فصائل "الجبهة الوطنية"، لا تُفضّلُ مواجهة معها، خاصة "صقور الشام" و"أحرار الشام"، اللتين تنصلتا من مواجهة حقيقية معها، أكثر من مرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها