الأربعاء 2018/08/29

آخر تحديث: 10:16 (بيروت)

"مُصالِحو" الجنوب الدمشقي إلى إدلب: "الله والفرقة الرابعة"

الأربعاء 2018/08/29
"مُصالِحو" الجنوب الدمشقي إلى إدلب: "الله والفرقة الرابعة"
(المدن)
increase حجم الخط decrease
يستعد العشرات من شبان مناطق الجنوب الدمشقي، من الخاضعين لـ"تسوية أوضاع" لدى فروع الأجهزة الأمنية والمتطوعين في صفوف "الفرقة الرابعة"، للانطلاق إلى الشمال السوري، بغية المشاركة في معركة إدلب المرتقبة، والتي يحشد لها النظام الآلاف من "قوات النمر" و"الحرس الجمهوري" و"الفيلق الخامس"، بالإضافة لمئات العناصر من مناطق "المصالحات"، خاصة من درعا وريف دمشق.

وأفادت مصادر موثوقة من بلدة يلدا، بتجهّز دفعات خلال الأيام القليلة الماضية، من شبان يلدا وببيلا وبيت سحم ومخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن وغيرها، بقيادة مصطفى القصير "أبو راتب"، القائد الميداني السابق في فصائل معارضة مسلّحة، بانتظار نقلهم إلى أرياف إدلب وحماة وحلب. ويُقدّر العدد الكلّي لهؤلاء المقاتلين، في ظل صعوبة الوصول إلى إحصاء دقيق، بما بين 200–400 عنصر، كانوا قد تطوّعوا في صفوف "الفرقة الرابعة"، وعملوا في كنف "قوات الغيث" التابعة لها، بأمرة العقيد غيث دلة، بعد توقيع اتفاق "مصالحة" في أيار/مايو، وتهجير قرابة 9500 شخص من جنوبي دمشق إلى الشمال السوري، بينهم مئات مقاتلي الجيش الحر والكتائب الإسلامية.

وأوضح مصدر محليّ من يلدا أنه "جرى بالفعل خلال الأسبوع الماضي، نقل بعض المجموعات من المنطقة، وتوقعنا إرسالهم إلى إدلب، ولكن في اليوم التالي أعيدت المجموعات إلى يلدا مع إعلامها بضرورة الاستعداد الدائم للانطلاق إلى الشمال في أي وقت". وأشار المصدر إلى أن المتطوّعين الجدد في "الفرقة الرابعة/قوات الغيث" "ملزمون بالمشاركة في معركة إدلب بأمر من القيادة".

وأظهر تسجيل مصوّر حصلت عليه "المدن" تجمّع العشرات من عناصر التسويات، الأسبوع الماضي، قبل نقلهم من المنطقة، أمام مبنى فرع "الأمن السياسي" في بلدة يلدا، ومن بينهم مقاتلون سابقون في فصائل المعارضة، عرف منهم أمين عقلة الملقّب "البُّه"، وهو القائد الميداني في "جيش الأبابيل" سابقاً، وثابت يونس الملقب بـ"أبو حازم اليلداني"، ورمضان حامد، وأبو بكر الحموي، ووائل الدالاتي، وآخرون. وحيّا الدالاتي ومقاتل آخر أمام عدسة المصوّر "الفرقة الرابعة" قائلّين: "الله والرابعة، الرابعة تابعة لله"، في مشهد كوميدي وتراجيدي في آن، بعدما كان الشابان مقاتلين في صفوف المعارضة المسلحة خلال السنوات الماضية.



وعلى الرغم من انضمام مقاتلين وقياديين سابقين في صفوف فصائل المعارضة إلى قوات النظام، أمثال مصطفى القصير، الذي وبحسب المصدر كان "قائداً ميدانياً في لواء شام الرسول، ومن ثم في جيش الأبابيل، قبل تجريده من سلاحه وتحييده عن العمل المسلّح آخر فترة، لكثرة المشاكل والانتهاكات التي ارتكبها، إلّا أن القسم الأكبر من المنضمّين لقوات النظام كانوا بالأساس مدنيين يعيشون في المناطق المحرّرة، ويعملون في مهن مختلفة، من دون أن تكون لهم مشاركة فعلية في العمل المسلح ضد النظام".

"الفرقة الرابعة" ليست المسؤولة وحدها عن ابتلاع شبان مناطق "المصالحات" جنوبي دمشق، بل أيضاً فروع الأجهزة الأمنية، وتحديداً "فرع الدوريات" و"سرية المداهمة 215" التابعَين لـ"شعبة الأمن العسكري". وتطوّع عشرات المقاتلين والقياديين السابقين في صفوف فصائل المعارضة في بلدة يلدا، بهذين الفرعين، ومنهم "أبو زاهر" من "جيش الإسلام"، و"أبو محمد أسامة" من "ألوية سيف الشام"، ورامز حامد "أبو سليمان" من "جيش الأبابيل" والمكتب الأمني بيلدا، وآخرون.

مصدر "المدن" من يلدا قال: "غالبية المتطوعين في الفرقة الرابعة أو فرع الدوريات و215، سلكوا هذا الطريق خوفاً على أنفسهم من الملاحقة والاعتقال أو الانتقام، في ظل عودة سيطرة النظام تدريجياً على المنطقة الجنوبية، لذلك جاء تطوّعهم بقصد الحصول على بطاقات أمنية أو عسكرية، تتيح لهم حماية مباشرة من الجهة المسؤولة"، وأضاف "حتى أن خوف هؤلاء من بعض الأجهزة الأمنية دفعهم لحماية أنفسهم بالاستناد على فروع أجهزة متنفّذة وذات سلطة، كالدوريات و215 والفرقة الرابعة التي تنامت قوّتها وسيطرتها في الآونة الأخيرة، فالوضع الأمني حالياً مختلف بشكل كبير عما كان قبل المصالحة".

الركون لهذا التحليل فقط لا يفسّر ذهاب بعض المحسوبين سابقاً على الثوار والفصائل العسكريّة، عن سابق قناعة، للمشاركة كتفاً لكتف إلى جانب أعداء الأمس في معاركهم، في حوض اليرموك في درعا وشرقي السويداء وأخيراً إلى إدلب. ويجدر أيضاً تشريح هذه الظاهرة المتنامية في المناطق التي خضعت لـ"مصالحة" مع قوات النظام، انطلاقاً من فهم تركيبة البنية الشخصية لهؤلاء الشبان، ونزوعهم المرضيّ نحو السلطة والقوة والمال، في أي مقلبٍ كان ذلك، إن كان في  صف الثورة أو النظام، عدا عن كونهم سيتحوّلون مع الوقت إلى "ملكيين أكثر من الملك" في إطار سعيهم للتبرؤ والتنكّر من ماضيهم "الثوري" أمام القادة الجدد، تأسيساً على قاعدة الحماية الشخصية كخطوة أولى، وصولاً إلى بناء أدوار أكثر ريادية وإجراماً. وذلك كما حصل مع القيادي في الجيش الحر في برزة سابقاً معاوية البقاعي "أبو بحر"، والذي تلقى تكريماً من النظام على خدماته في إطار "محاربة الإرهاب مع الجيش العربي السوري"، بسبب مشاركته وكتيبته في معارك النظام في ريف حماة الشمالي والشرقي ومناطق أخرى.

قبل معركة إدلب، استطاع النظام ترميم قواته المنهكة بآلاف "الإرهابيين" كما كان يصفهم، ليضعهم في مواجهة دموية مع رفاقهم وأبناء مناطقهم المهجّرين، من درعا والغوطتين والقلمون وغيرها، بعدما تمكّن من تحويلها من حاملٍ بشريّ للثورة إلى غابةٍ من القش يحتطب فيها الأسد ونمره للحرب الطاحنةِ القادمة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها