الأربعاء 2018/08/29

آخر تحديث: 10:21 (بيروت)

درعا: لؤي العلي يتهم وفيق الناصر بإخفاء سجلات المعتقلين

الأربعاء 2018/08/29
درعا: لؤي العلي يتهم وفيق الناصر بإخفاء سجلات المعتقلين
إبقاء ملف المعتقلين كورقة ضغط (انترنت)
increase حجم الخط decrease
كشف رئيس "شعبة الأمن العسكري" في المنطقة الجنوبية العميد لؤي العلي، لوفد التفاوض عن المعارضة في محافظة درعا، أنه لا يملك الصلاحية للوصول إلى آلاف سجلات المعتقلين خلال الأعوام الأولى من الثورة السورية، بسبب إخفائها من قبل سلفه العميد وفيق الناصر، بحسب مصادر "المدن".

وعاد العميد لؤي العلي إلى منصبه في رئاسة "شعبة الأمن العسكري" في جنوب سوريا، بعد صدور قرار بنقل العميد وفيق الناصر إلى رئاسة فرع حماة، مطلع العام 2018. وبات العلي يُعتبر رأس السلطة الأمنية في المنطقة الجنوبية والمسؤول الأول عن المفاوضات والاتفاقيات التي تجري بين النظام وممثلي المعارضة ضمن مناطق "التسوية".

ويُعدُّ ملف المعتقلين والمختفين أحد أبرز بنود المفاوضات، إذ يشترط ممثلو المعارضة إنهاء هذا الملف بالكامل، بإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين. إلا أن هذه المساعي واجهتها تعقيدات كبيرة، بعدما أبلغ العميد العلي وفد التفاوض في مدينة درعا، أن العميد وفيق الناصر قام بإخفاء كامل سجلات المعتقلين بين عامي 2011 و2015، وأنه لا يمتلك إلا سجلات المعتقلين منذ العام 2015 فقط، بحسب مصدر "المدن" الذي حضر الاجتماعات.

الإجابة التي قدمها العميد العلي، أتبعها بمجموعة من الوعود، لم يتحقق أيٌ منها حتى اللحظة، واقتصرت على تقديم التسهيلات للكشف عن مصير المعتقلين بين عامي 2015 و2018، والمساعدة في تسريع إجراءات القضاء بحق الموقوفين الذين لم يُقدّموا إلى القضاء بعد، مؤكداً للوفد المفاوض أن المعتقلين ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية، لا تشملهم عملية التفاوض.

إخلاء العميد العلي لمسؤوليته عن ملف المعتقلين خلال الأعوام الأولى من الثورة، لا يبدو مقنعاً، فهو كان رئيساً لـ"شعبة الأمن العسكري" في المنطقة الجنوبية، بين آذار/مارس 2011 وتشرين الأول/أكتوبر 2012، قبل أن يتولى العميد الناصر المنصب بعدها. أي أن الفترة الزمنية التي طالب العلي بحجبها عن المفاوضات بحجة إخفاء الملفات من قبل الناصر، كان هو مسؤولاً مباشراً عن جزء منها، ولعله الجزء الأهم من هذه الفترة، عندما توسعت دائرة الاعتقالات والمداهمات في معظم مدن وبلدات محافظة درعا.

كما أن العميد وفيق الناصر، ما زال على قيد الحياة، وهو رجل قوي داخل النظام، ويحظى بمنصب كبير ضمن "شعبة الأمن العسكري"، وبالتالي فإن إلقاء المسؤولية عليه وإظهار أن الوصول إلى هذه السجلات أمر مستحيل، يؤكد رغبة النظام بعدم التوصل إلى حل شامل لملف المعتقلين في محافظة درعا.

من جانبه، لا يملك وفد المفاوضات عن المعارضة، الكثير للقيام به في سبيل الضغط على النظام للكشف عن مصير المعتقلين، ولا يبدي الجانب الروسي الكثير من التعاون مع وفد المعارضة في هذا الملف وسط تركيزه على استعادة السيطرة العسكرية وضبط الوضع الأمني.

الأسباب التي دفعت النظام إلى إسقاط ملف المعتقلين ضمن هذه الفترة الزمنية من المفاوضات، ما زالت غير واضحة. ويُرجح عضو "مكتب توثيق الشهداء في درعا" محمد الشرع، لـ"المدن"، أن هدف النظام هو إبقاء هذا الملف كورقة ضغط بيده لابتزاز المعارضة به، مضيفاً: "أكثر من 80 في المائة من المعتقلين في محافظة درعا، تم اعتقالهم خلال هذه الفترة الزمنية، ومصير معظمهم ما زال مجهولاً". وشهدت تلك الفترة توسّع دائرة الاحتجاجات في محافظة درعا عموماً، بعدما شنّت مليشيات النظام عشرات الحملات الأمنية والعسكرية، اعتقلت فيها آلاف المدنيين، قضى المئات منهم تحت التعذيب. وتشير احصائيات "مكتب توثيق الشهداء في درعا"، إلى مقتل 1241 معتقلاً من درعا تحت التعذيب في سجون مليشيات النظام منذ آذار 2011 حتى آب 2018.

ويُخشى أن تكون الخطوة التي بدأها النظام بالكشف "التدريجي" عن مصير المعتقلين، ممن قضوا في سجونه، من خلال إسقاط قيودهم إلى حالة "الوفاة" ضمن السجلات المدنية، هي جزء من معالجته لملف المعتقلين والمختفين قسراً. ما قد يعني أن اختلاق النظام للحجج والأعذار للتكتم على هذا الملف، هو جزء من المعالجة التي يهدف من خلالها للكشف التدريجي عن مصير آلاف المدنيين المعتقلين.

وبحسب إحصائية حصلت عليها "المدن"، فقد شهدت الشهور الثلاثة الماضية، تبليغ أهالي 64 معتقلاً في سجون قوات النظام في محافظة درعا، بوفاتهم، من خلال دائرة السجل المدني، معظمهم اعتقلوا بين العامين 2011 و2014.

السياسة التي اتبعها النظام في إخفاء مصير المعتقلين، لا تقتصر على محافظة درعا فقط، بل هي سياسة شاملة تكررت بشكل ممنهج في جميع المحافظات السورية، ليبقى مصير عشرات آلاف المعتقلين مجهولاً. وتُقدر "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، وهي جهة معارضة، عدد الذين لا زالوا محتجزين لدى النظام بـ127593 معتقلاً، من بينهم 81652 مواطناً تحولوا إلى مختفين قسرياً منذ آذار 2011 حتى آب 2018.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها