السبت 2018/07/21

آخر تحديث: 07:58 (بيروت)

"التسوية" في درعا.. وسلاح المعارضة في أسواق السويداء

السبت 2018/07/21
"التسوية" في درعا.. وسلاح المعارضة في أسواق السويداء
"التسويات" تنص على تسليم السلاح (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تشهد محافظة السويداء انخفاضاً ملموساً في أسعار الأسلحة والذخائر، بأصنافها المختلفة، فضلاً عن انتشارها بشكل واسع، بعدما تحولت المحافظة إلى سوق لتصريف الأسلحة القادمة من درعا، عبر شبكات المهربين المحلية، بالتزامن مع سيطرة قوات النظام وحلفائها على درعا والقنيطرة.

وذكرت مصادر متقاطعة لـ"المدن"، أن عمليات بيع السلاح والذخائر من درعا إلى السويداء بدأت منذ سقوط منطقة اللجاة وبلدة بصر الحرير، بيد النظام، وانسحاب المعارضة منها. وتركزت العمليات في المنطقة الواصلة بين ريف درعا الشرقي والجنوبي الشرقي المتصل بريف السويداء الغربي والجنوبي الغربي.

مُهرّب من السويداء، قال لـ"المدن"، إن مهربين من درعا وعناصر من المُعارضة ومدنيين، ومنذ الأيام الأولى لحملة النظام العسكرية على درعا، باعوا أسلحتهم وسياراتهم بأسعار منخفضة جداً للمهربين في السويداء الذين تولوا نقلها إلى مناطق متفرقة داخل المحافظة، وقاموا ببيعها للمليشيات المحلية الموالية للنظام، وللمدنيين.

انخفاض سعر تلك الأسلحة والذخائر، يعود إلى الكميات الكبيرة التي طرحت منها للبيع بشكل مفاجئ، وعدم وجود تصريف لها إلا بشكل محدود جداً في مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" في بادية السويداء الشرقية، بالإضافة لانخفاض الطلب على السلاح في السويداء، نتيجة انتشاره بكثافة منذ سنوات. اضطرار حاملي السلاح في درعا لبيعه بأبخس الأثمان جاء نتيجة سيطرة النظام على مناطقهم ودخولها في "تسويات" تنص على تسليم السلاح، الذي تم بالفعل تسليم كميات كبيرة منه للنظام.

وأشارت مصادر "المدن" إلى أن تلك الأسلحة تشمل رشاشات خفيفة ومتوسطة، وبنادق آلية ومسدسات ورشاشات بي كي سي و12.7 "دوشكا" وقواذف صاروخية RBG، بالإضافة لذخائرها. ويتم بيع البندقية الآلية "كلاشنكوف" من درعا إلى السويداء بسعر يتراوح بين 25 ألف ليرة إلى 60 ألف ليرة، علماً أن سعرها كان في درعا قبل الحملة العسكرية الأخيرة يتراوح بين 150 ألف ليرة إلى 300 ألف ليرة. وبات رشاش "بي كي سي" يباع بـ200 ألف ليرة بعدما كان سعره يتجاوز 500 ألف في درعا. كما بيعت رشاشات "دوشكا" بسعر 600 ألف للقطعة الواحدة، بعدما تجاوز سعرها مليون ليرة قبل الحملة. وسجلت أسعار الذخيرة انخفاضاً أيضاً، ووصل سعر رصاصة البندقية إلى ما دون 40 ليرة بعدما كان يتجاوز 140 ليرة.

وقال المُهرب لـ"المدن" إن سيارات تابعة للمعارضة المسلحة في درعا تم بيعها في السويداء، مؤكداً أن أكثر من عشر سيارات "تيوتا هايلوكس" المقدمة من الدول الداعمة للمعارضة، اشتراها مهربو السويداء أو مليشيات محلية أو موالية، بسعر مليون ليرة للواحدة منها، علماً أن سعرها كان يفوق 3 ملايين ليرة قبل شهر واحد. هذا عدا طبعاً عشرات السيارات الخاصة المسروقة، أو بلا أوراق، التي كانت تنتشر بشكل واسع في محافظة درعا، وحالياً تزايد انتشارها في محافظة السويداء.

وعن تصريف هذه المبيعات أشارت مصادر "المدن" إلى أن القسم الأكبر منها خزنها المهربون لطرحها لاحقاً بأسعار أعلى، بالإضافة لبيع قسم منها للمليشيات الموالية والمحلية وللمواطنين، وكمية محدودة جداً تم بيعها للمهربين في مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في بادية السويداء، نتيجة انخفاض طلب التنظيم في المنطقة عليها، واحتكار مليشيات "الدفاع الوطني" في ريف السويداء الشرقي لخطوط التهريب بين الريف والبادية.

ولم يتوقف الأمر على الأسلحة والذخائر، وباتت أصناف عديدة من المؤن التي كانت تصل للمجالس المحلية أو للمعارضة المسلحة في درعا، تباع في السويداء. وقالت مصادر "المدن" إن أشخاصاً من درعا باعوا كميات كبيرة من أكياس القمح والطحين لمهربي السويداء، بنصف السعر. ويتواجد على معظم تلك الأكياس علم الثورة، وعبارات مثل "تقدمة من الحكومة السورية المؤقتة"، أو "تقدمة لجيش أحرار العشائر".

ويتركز بيع وشراء الاسلحة والبضائع بين المحافظتين، في المنطقة الواصلة بين مدينة بصرى الشام جنوب شرقي درعا، وبلدة عرى جنوب غربي السويداء. فالمنطقة المذكورة لم تشهد اجتياحاً برياً من قبل قوات النظام، ودخلها الروس بعد "تسوية" مع فصائل المعارضة التي بقيت فيها. وتشير مصادر "المدن" إلى أن قسماً من السيارات والأسلحة التي تم بيعها إلى السويداء تعود لـ"شباب السنّة" الذي تعد مدينة بصرى الشام مركزاً رئيسياً له.

وكشفت مصادر "المدن" أن ضباطاً وعناصر من قوات النظام، ومن مليشيا "قوات النمر" تحديداً، يبيعون للمهربين في السويداء، أسلحة استولوا عليه في محافظة درعا، أو حتى من مخصصاتهم. وأكدت المصادر أن عشرات العناصر من "النمر" باعوا مخازن بنادقهم، وذخيرتهم، في أسواق السويداء، أثناء دخولهم إلى المحافظة لتصريف المُعفشّات التي يجلبونها معهم من درعا.

وشهدت السويداء ودرعا عمليات تهريب واسعة للسلاح والذخيرة على مدار السنوات الماضية، خاصة بين الأعوام 2014-2017، عندما كان تنظيم "الدولة" يتواجد على أطراف المحافظتين، ويشتري كميات غير محدودة من الأسلحة. وليست هذه المرة الأولى التي يباع فيها السلاح من درعا إلى السويداء، ففي العام 2015 إبان سيطرة المعارضة المسلحة على "اللواء 52"، أكبر ثكنات النظام العسكرية شرقي درعا، باعت فصائل المعارضة الأسلحة والذخائر التي اغتنمتها إلى مهربين في السويداء ومليشيات محلية.

وإذا كانت المعارضة في درعا، بعد إبرامها "تسوية" مع النظام، تحاول التخلص من السلاح عبر تسليمه أو بيعه، فما هو مستقبل السلاح الذي يتكدس في السويداء؟ هل سيكون مبرراً للنظام وحلفاءه الروس لفرض شروطهم على السويداء أيضاً؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها