الثلاثاء 2018/07/17

آخر تحديث: 18:57 (بيروت)

قمة بوتين-ترامب إسرائيلياً: الإيرانيون باقون في سوريا

الثلاثاء 2018/07/17
قمة بوتين-ترامب إسرائيلياً: الإيرانيون باقون في سوريا
Getty ©
increase حجم الخط decrease
اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت احرنوت" الإسرائيلية رون بن يشاي، أن القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في هلسنكي، الإثنين، كانت إحدى الحوادث الأكثر غرابة في الدبلوماسية الدولية منذ نهاية الحرب الباردة.

ويرى بن يشاي أنه بدلاً من المطالبة بتوضيحات بشأن تدخل الاستخبارات الروسية، المؤكد على ما يبدو، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، هاجم الرئيس الأميركي موظفي إدارته، ووكالة الاستخبارات الأميركية، والحزب الديموقراطي، وجميع الأميركيين الذين إدّعوا أن الروس ساعدوا في انتخابه، وأعلن أنه يكفيه تماماً تكذيب الرئيس بوتين وأعضاء إدارته بأنهم لم يتدخلوا في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

لكن بن يشاي يقول إن ما يهم الإسرائيليين بصورة أساسية هو تأثير هذه القمة على مجريات الأحداث في سوريا، وخصوصاً في التمركز الإيراني وإبعاد خطر الحرب في الشمال. في هذا السياق، يبدو أن القمة لم تؤد إلى أي جديد، فالوضع حالياً هو تماماً بحسب ما جرى الاتفاق عليه بين بوتين وبنيامين نتنياهو في لقائهما الأخير الأسبوع الماضي: سيسمح للرئيس السوري بشار الأسد ببسط سلطته في الجنوب السوري بما فيه الجولان السوري، لكن محاولته إلغاء اتفاقات وقف إطلاق النار العائدة إلى سنة 1974، واتفاقات نزع السلاح وتخفيف عدد القوات التي وُقِّعت بعدها فشلت.

ويضيف محلل "يديعوت احرونوت": "لقد قال بوتين بوضوح أيضاً في مؤتمر صحافي إن روسيا تطلب من الأسد الانصياع لكل بنود اتفاق فصل القوات المبرم بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، والذي لا يزال ساري المفعول حتى هذا اليوم".

لقد امتنع بوتين عن الحديث بوضوح عن منع التمركز الإيراني في هضبة الجولان، وأيضاً عن إخراج الإيرانيين من سوريا، وصرح في المؤتمر الصحافي بعد القمة أن "ترامب تحدث طوال الوقت عن أمن إسرائيل"، لكنه لم يقل كلمة واحدة بشأن ما يفكر فيه هو نفسه بشأن مطالب إسرائيل في موضوع الإيرانيين في سوريا وهضبة الجولان. وهذا يعني أنه لم يتحقق أي تقدم في الموضوع باستثناء ما اتفق عليه نتنياهو مع بوتين، يقول رون بن يشاي.

أيضاً في حديث في الكرملين خلال المونديال، قال بوتين إنه يؤيد مطالبة إسرائيل بأن تحترم سوريا اتفاقات فصل القوات في الجولان. وقال كذلك إنه "سيقنع الأسد والإيرانيين بالامتناع من نشر ميليشيات إيرانية وميليشيات تابعة لحزب الله بالقرب من حدود إسرائيل في الجولان".

واقترح بوتين إبعاد الإيرانيين والتنظيمات الدائرة في فلكهم بضعة عشرات الكيلومترات شرقي الحدود، لكن لم يجرِ التوصل إلى اتفاق بينه وبين نتنياهو في هذا الموضوع أيضاً، إذ إن نتنياهو لم يوافق حتى على إبعاد الإيرانيين 80 كيلومتراً عن الحدود، والسبب بسيط: تطالب إسرائيل بخروج الإيرانيين والتنظيمات الدائرة في فلكها (الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية وأيضاً حزب الله) من سوريا بصورة كاملة، وقد أوضح بوتين لنتنياهو أن هذا أمر مستحيل ولا يستطيع فرضه على إيران وسوريا.

ويرجح بن يشاي في مقالته، أن ترامب أثار نقطة إضافية في اجتماع القمة مع بوتين، على ما يبدو، فقد ذكّر الرئيس الأميركي نظيره الروسي بأن الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعمل على الأرض مع قوات خاصة أميركية هي التي قضت عملياً على سيطرة داعش على الحدود مع العراق في منطقة نهر الفرات.

ثم تابع ترامب لبوتين خلال المؤتمر الصحافي الختامي بينهما، إن "الإيرانيين يستغلون واقع أننا طردنا داعش من المعابر الاستراتيجية بين سوريا والعراق من أجل فتح معبر برّي من طهران مروراً بالعراق إلى دمشق وسهل البقاع في لبنان"، وهذا يبدو أنه كان تلميحاً من ترامب بأن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك.

ويعتبر الكاتب، أن لدى الرئيس الأميركي القدرة على تنفيذ تهديداته لأن القوات الكردية الموالية للولايات المتحدة والمدعومة منها مباشرة تسيطر على نحو ربع أراضي سوريا، وعلى كل المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات. بالإضافة إلى ذلك يوجد للأميركيين قاعدة جوية وبرّية كبيرة بالقرب من معبر التنف، ويستطيعون انطلاقاً منها استخدام قوات جوية وقوات خاصة ومساعدة الأكراد في سوريا.

في المقابل، يريد بوتين ومن يحيا في حمايته، بشار الأسد، أن يغلق الأميركيون هذه القاعدة التي تزعجهم كثيراً. لم يظهر أي مؤشر في المؤتمر الصحافي إلى أن ترامب وافق على هذا الطلب. صحيح أنه غرّد في الماضي أنه يريد إخراج القوات الأميركية من سوريا، لكن في هذه الأثناء، يبدو أنه تنازل عن ذلك بتأثير من البنتاغون ومستشار الأمن القومي جون بولتون. وهذا يعطيه أداة للضغط على الروس أيضاً في قطاعات أُخرى، مثل أوكرانيا واتفاقات نزع السلاح النووي بين القوتين العظميين التي يجري تجديدها حالياً.

ويتابع بن يشاي "ثمة موضوع آخر طُرح في المحادثات يتعلق بإسرائيل ألا وهو الاتفاق النووي بين الدول العظمى من ناحية وإيران من ناحية ثانية. هنا أيضاً ظلت الولايات المتحدة وروسيا متمسكتين بمواقفهما الأساسية. لقد خرج ترامب من الاتفاق وقريباً سيفرض عقوبات على الإيرانيين، بينما تؤيد روسيا الاستمرار في تطبيق الاتفاق".

وباختصار، يخلص بن يشاي إلى الإستنتاج بأن كل ما له علاقة بإسرائيل تحدث عنه ترامب كثيراً، فيما بوتين تحدث قليلاً، وباستثناء الموافقة على مواصلة التنسيق العسكري بين الجنود الأميركيين والروس الموجودين حالياً في سوريا لمنع وقوع احتكاك غير مرغوب فيه بينهما، لم يوافق الزعيمان على أي شيء جديد. ليس هناك بشرى لإسرائيل من اجتماع ترامب-بوتين وأيضاً ليس هناك بشرى للاجئين السوريين الذين يزداد وضعهم الانساني تفاقماً بعد مرور سبع سنوات على الحرب.

"إذاً، ماذا حققت هذه القمة؟" يسأل بن يشاي. ويجيب: "الإنجاز الأساسي أن الزعيمين قررا تحسين الأجواء بينهما، وهذا على الأقل، يخفف من التوترات في الساحة الدولية، وقد يسمح مستقبلاً بالتعاون بينهما هنا وهناك. أن يتحدثا عن مصالحة أفضل من شحذ سيوف نووية". ويمكن القول إنه باستثناء تبديد التوترات والموقف غير المنضبط للرئيس الأميركي وعدم احترامه لنفسه، لم تحمل هذه القمة الأولى بين زعيمي دولتين عظميين تملكان معاً 90 في المئة من الترسانة النووية العالمية بشائر كثيرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها