الأربعاء 2018/06/06

آخر تحديث: 13:05 (بيروت)

انتخابات تركيا في المستنقع السوري

الأربعاء 2018/06/06
انتخابات تركيا في المستنقع السوري
Getty ©
increase حجم الخط decrease
تبحر تركيا في المياه الضحلة منذ أن تحولت الثورة في سوريا إلى حرب أهلية، بعدما دعمت  الربيع العربي بقوة، على أمل أن النجاح المحتمل للثورات العربية سيحملها لقيادة منطقة أكثر ازدهاراً. لهذا السبب، سوريا هي واحدة من القضايا الكبرى في الانتخابات المبكرة في تركيا في 24 حزيران/يونيو.

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن على الشعب التركي دعمه لأن تركيا تواجه مخاطر وجودية وهو الوحيد الذي يستطيع معالجتها. بالنسبة له، فإن واحداً من أهم مصادر هذه التهديدات يأتي من سوريا. هو يعد بتطهير الحدود التركية-السورية "حتى لا يبقى إرهابي واحد".

بقوله إرهابيين، فإن أردوغان لا يعني بالتأكيد قوات المعارضة العربية السورية الموجودة في شمال سوريا، والتي يصنفها النظام السوري على أنها إرهابية. بالنسبة لأردوغان الإرهابيون هم "حزب الاتحاد الديموقراطي" الكردي، الذي أنشأ جيوباً كردية على طول الحدود التركية بدعم من الولايات المتحدة.

أردوغان ينظر إلى النظام السوري أيضاً على أنه إرهابي، وهو قال خلال زيارة إلى تونس: "كيف يمكننا أن نبني المستقبل مع الرئيس السوري الذي قتل ما يقرب من مليون من شعبه؟ مرة آخرى أريد القول بشكل واضح إن الأسد إرهابي يقود دولة إرهاب. ليس هناك سلام في سوريا الآن، ولن يكون هناك سلام مع الأسد".

لكن منافسيه في الانتخابات لا يوافقونه الرأي. هم يرون أن إنشاء علاقات مع النظام السوري قد يكون مفيداً. يقول مرشح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض محرم إنجه: "مع أن لدينا 4 ملايين سوري يعيشون في تركيا، فنحن ليس لدينا سفارة في سوريا، وهذا ليس مقبولاً".

إذا حقق حزب "الشعب الجمهوري"، وهو حزب المعارضة الرئيسي، انتصاراً في الانتخابات، فهو يخطط لإحلال السلام في الشرق الأوسط والتعاون مع سوريا، إيران والعراق. وهو يأمل أن مثل هذا التعاون سيساهم في إيجاد حل للأزمة السورية.

ويقول محرم إنجه: "سنطالب بانتخابات تحت مظلة الأمم المتحدة، وبمشاركة السوريين داخل سوريا وخارجها، وكذلك سندعم وضع دستور جديد. عندما نفعل كل ذلك.. سيعود السوريون طوعاً إلى بلدهم". لكن بالنسبة له، فإن على السوريين العودة حتى قبل إحلال السلام. ويضيف "عندما يغادرون إلى بلادهم من أجل الإجازة، سأغلق الباب، وسيبقون هناك".

الحديث عن عودة السوريين وإغلاق الباب وراءهم، هو محاولة للتأثير على قرارات الناخبين الذي يشعرون بضيق من وجود النازحين السوريين في تركيا. الاستياء نفسه ينطبق على العديد من ناخبي حزب "العدالة والتنمية".

أردوغان الذي يعلم بهذا الاستياء، يتعهد بأنه سيعيد السوريين إلى بلدهم، لكن إلى المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي والجيش السوري الحر من خلال عمليتين عسكريتين. هذا سبب إضافي بالنسبة له ليعد بالمزيد من العمليات العسكرية إذا أعيد انتخابه.

لكن بالنسبة للمرشحة الرئاسية عن "حزب الخير" والمنتمية سابقاً لحزب "الحركة القومية" ميرال أشكينار، فلو كان "العدالة والتنمية" قادراً على التصرف في تركيا كدولة، لما احتجنا إلى عمليات عسكرية في سوريا. وتقول "لو تصرفت كدولة، لن يكون هناك سيل من المهاجرين". هي أيضاً وضعت هدفاً بـ"تناول وجبة إفطار مع مهاجرين عائدين في سوريا عام 2019".

في الحقيقة، تركيا قوية بحيث أنها قادرة على منع أي خطة لا تشتهيها، لكنها أيضاً ليست قوية كفاية لتحقيق كل رغباتها. أنقرة بالتأكيد لا تريد جيوباً لحزب "الاتحاد الديموقراطي" على حدودها. هذه أولوية لمن يفوز في الانتخابات المقبلة. لكن لا يزال هناك خيارات بين تغيير هذه الجيوب، أو إذا كانت هذه الجيوب موجودة هناك لتستمر، فجعلها غير مؤذية، أو الخيار المفضل: القضاء عليهم.

الأميركيون يدعون أنهم لا يفهمون المخاوف التركية بشأن الجيوب الكردية. هم لا يزالون يؤمنون بأن هذه الجيوب حيوية لقتال تنظيم "داعش"، وأنها ستدخل معهم عرباً ومجموعات كردية أخرى غير حزب "الاتحاد الديموقراطي". كذلك، هذه المجموعات ستكون محدودة في الضفة الغربية للفرات. اختلاف وجهات النظر حول هذا الموضوع كان مدار بحث هذا الأسبوع في واشنطن بين وزيري خارجية تركيا والولايات المتحدة.

الخيار الروسي هو أن الأسد غير قادر على حكم البلد وحده، بل سيحتاج إلى شريك وهذا الشريك قد يكون الأكراد الذين يقودهم حزب "الاتحاد الديموقراطي". لكن أولا على هذا الحزب أن يغير ولاءه إلى روسيا ويوقف تعاونه مع الولايات المتحدة. إذا حصل هذا، فبالنسبة إلى الروس يصبح الحل السياسي قريباً، وهو أمر تريد موسكو تسريعه. لهذا السبب أرسل الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي إلى أنقرة مرتين مبعوثه الخاص إلى سوريا الكسندر لافرنتييف، من أجل بيع هذا السيناريو إلى القيادة التركية.

لكن الرسالة التي تفضل أنقرة سماعها أتت من الأسد عندما قال إن دمشق لن تتردد في استخدام القوة لاسترجاع المناطق التي سيطر عليها حزب "الاتحاد الديموقراطي" في سوريا. إذاً، التوجه التركي في سوريا يعتمد على أداء باقي الأطراف الفاعلة، أكثر مما يعتمد على من يفوز في الانتخابات المبكرة.

بالنسبة لتركيا هناك وسيلة حقيقية لأخذ المبادرة، وذلك عن طريق إيجاد طريقة للتصالح مع الأكراد في تركيا وفي سوريا. لكن أياً من المرشحين للرئاسة لا يطرح هذا الاحتمال.

في ظل هذه الظروف المعقدة، يعرف المقترعون الأتراك أنه ليس هناك طريق سهل. لكن لا يزال عليهم اختيار القائد: المعارضة التي تقلص الأزمة السورية لحصرها بمشكلة اللاجئين والسكوت عن الحرب الدولية الجارية في سوريا. أو الحكومة الحالية التي ترفض مناقشة مشكلاتها بما خص سياستها تجاه الأزمة السورية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها