الأربعاء 2018/05/09

آخر تحديث: 11:57 (بيروت)

كيف تخترق إيران الجنوب السوري؟

الأربعاء 2018/05/09
كيف تخترق إيران الجنوب السوري؟
النظام وروسيا رفضا التوجه اﻹيراني نحو الجنوب (انترنت)
increase حجم الخط decrease
استهدفت صواريخ إسرائيلية، ليل الثلاثاء/الأربعاء، مواقع لمليشيات مدعومة من إيران في منطقة الكسوة من ريف دمشق. وقالت مصادر موالية للنظام إن الصواريخ اﻹسرائيلية استهدفت رتلاً عسكرياً يضم آليات وصواريخ، إيرانية على الأغلب، كانت وجهتها إلى تل المانع القريب من مدينة الكسوة.

وبعد ساعتين من إعلان البيت الأبيض انسحاب واشنطن من اتفاق إيران النووي، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، إن انفجارات وقعت في منطقة الكسوة جنوبي دمشق، وإن الدفاعات الجوية السورية "تصدت" لصاروخين إسرائيليين ودمرتهما. ووردت أنباء عن سقوط 6 قتلى من قوات النظام، وبعض "الأصدقاء" في إشارة إلى العسكريين الإيرانيين.

وشهدت سماء محافظتي درعا والقنيطرة تحليقاً مكثفاً للطيران اﻹسرائيلي، ليل الثلاثاء/الأربعاء، بعد استنفار ورفع جاهزية الجيش اﻹسرائيلي في هضبة الجولان، ونشر منظومات دفاعية في المنطقة، وفتح الملاجئ. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، إن قواته "نشرت بطاريات باتريوت والقبة الحديدية في الشمال وتحديداً في الجولان، وجاهزة للرد على أي هجوم، وتدعو السكان للاستماع للتوجيهات الصادرة عن الجيش"، وقال الجيش الإسرائيلي إنه بعد رصد "نشاط غير معتاد" للقوات الإيرانية في سوريا أصدر تعليمات للسلطات المدنية في مرتفعات الجولان بتجهيز المخابئ ونشر دفاعات جديدة وتعبئة بعض قوات الاحتياط. وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية في وقت متأخر من ليل الثلاثاء/الأربعاء أن القوات الإسرائيلية "نجحت في إحباط هجوم إيراني كان قيد التحضير للرد على الهجمات الإسرائيلية". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد قال في كلمة تلفزيونية، الثلاثاء إن "إيران تنقل منذ أشهر أسلحة خطيرة جداً إلى قواتها في سوريا بهدف ضرب إسرائيل"، وتوعد بالرد بقوة على أي هجوم على إسرائيل.

وتأتي هذه التطورات بعد تحركات ملحوظة لمليشيا "حزب الله" اللبناني في الجنوب السوري، خاصة في منطقة "مثلث الموت"، شملت تعزيز نقاط تواجدها بالعتاد الثقيل وزيادة في عدد عناصرها، خاصة في تلال فاطمة وتل مرعي الذي يعتبر قاعدة إيرانية في المنطقة.

وتتواجد إيران عسكرياً في الجنوب السوري في سلسلة الجامعات الواقعة على اوتستراد دمشق-عمان، وفي خربة غزالة وقرية نامر شرقي درعا، وفي ازرع والقطعات العسكرية المحيطة بها، وفي مدينتي البعث وخان ارنبة في القنيطرة، وتل الشعار وتلال فاطمة وتل الشحم وتل مرعي من "مثلث الموت"، بالإضافة إلى قرى ديرالعدس والدناجي وديرماكر والهبارية. في محيط كفر شمس تتواجد مجموعة لـ"حزب الله" في تلة كوم إقره، مهمتها استهداف طريق كفرشمس-عقربا وطريق كفرشمس-زمرين بعبوات ليزرية، قتل نتيجتها أكثر من 20 عنصراً من المعارضة، عدا عن المدنيين، من تموز/يوليو 2017 حتى اليوم.

وكانت طائرات حربية تابعة للنظام، قد استهدفت في 4 أيار/مايو تل الحارة في ريف درعا الشمالي، بغارات جوية، تبعه قصف مدفعي استهدف المنطقة.

وعلى الرغم من القصف المتكرر لمناطق المعارضة في الجنوب السوري، إلا أن اتفاق "خفض التصعيد"، بضمانة روسية-أميركية، يحول دون فتح معارك من جانب النظام والمعارضة على حد سواء. وعلى الرغم من إبرام اتفاق "خفض التصعيد" وتحقيقه نتائج ملموسة، منذ تموز/يوليو 2017، إلا أن إيران لم تكن راضية عنه، ولطالما سعت لخرقه وإشعال الجبهات بغية الوصول إلى عمق مناطق المعارضة، لتكون على تماس مع الجولان المحتل، وتحقيق ما تصبو إليه من مكاسب من خلال تهديد أمن إسرائيل.

النظام وروسيا رفضا التوجه اﻹيراني نحو الجنوب، ما دفع طهران إلى تشكيل مليشيات محلية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، كبديل متوقع للتواجد اﻹيراني في المنطقة، بالإضافة إلى تجنيد مجموعات تعمل لصالحها مقابل مبالغ مالية. وهدف تلك المجموعات هو تنفيذ مهام معينة في مناطق سيطرة المعارضة، كان آخرها إدخال صواريخ متوسطة وطويلة المدى بهدف إستهداف مواقع في الجولان، بحسب مقطع مصور نشرته فصائل المعارضة يوثق اعترافات أحد عناصر الخلية التي ألقي القبض عليها في مدينة جاسم منتصف نيسان/أبريل. وتمكنت فصائل المعارضة قبل أيام من إلقاء القبض على مجموعة في القنيطرة تعمل لصالح "حزب الله".

الموقف الروسي بدا واضحاً من التزامه بإتفاق "خفض التصعيد" وذلك بعد توقف شبه كامل للطلعات الجوية الروسية بإتجاه الجنوب، ورفضه المشاركة في أية محاولة للسيطرة على مناطق المعارضة من جانب إيران. وهو ما أكده النظام عبر إجراءاته التي بدأها مطلع العام 2018 وتمثلت بتغيير عدد من القيادات العسكرية واﻷمنية في الجنوب. ولعل عودة العقيد لؤي العلي لتسلّم مقاليد "اﻷمن العسكري" في المنطقة الجنوبية بدلاً من وفيق ناصر، كان بهدف تعزيز "المصالحات" في مناطق المعارضة اعتماداً على علاقات العلي في المنطقة. وهو ما أكدته قيادات النظام، خلال اجتماعات مع الروس واﻹيرانيين، بعدم المشاركة في عمليات عسكرية، كانت تسعى إليها إيران في الجنوب. ويعتبر العلي، وكذلك مسؤول الأمن الجديد في جاسم، من المقربين إلى الجانب الروسي، وممن يعملون على إعادة السيطرة على مناطق المعارضة، من خلال "المصالحات" والإختراقات الداخلية، وتجنب التصعيد العسكري، خاصة مع إسرائيل.

رفض إيران والمليشيات المدعومة منها اﻹنسحاب من الجنوب سيجعل من مواقع سيطرتها هدفاً ﻹسرائيل، فهل يتحول بعدها الجنوب إلى مسرح عمليات إسرائيلية-إيرانية؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها