الثلاثاء 2018/05/08

آخر تحديث: 16:15 (بيروت)

بيروت الشيعية

الثلاثاء 2018/05/08
بيروت الشيعية
increase حجم الخط decrease
غزوة الموتسيكلات المنطلقة من ضاحية بيروت الجنوبية، إلى بيروت الشرقية والغربية، ليلة السابع من أيار 2018، ربما قصد بها "حزب الله" و"حركة أمل" رسائل للداخل والخارج. لكنها، كظاهرة في حد ذاتها، لا في أغراضها أو أهدافها، قد لا تكون أكثر من مهرجان للفرح والشماتة.

الانتصار على عدو متهلهل، وصف نفسه في حملته الانتخابية بـ"الخرزة الزرقاء"، لم يكن أبداً مهمة صعبة. "تيار المستقبل" عجز عن رفع حاصله الانتخابي، ولم تُجدِ النداءات المتكررة لحاضنته الشعبية لحثّها على مغادرة البيوت والاقتراع. نسب التصويت الأدنى، كانت في بيروت الثانية، في الأقلام الموزعة على المناطق السنّية. رسالة عجز "تيار الخرزة" عن قراءة مقدماتها، وفضّل التناحر مع الحلفاء، واللعب في زواريب المحاصصات، على الاستجابة الحقيقية لمطالب الشارع السنّي. كعادة المتماثلين الخاسرين، فضّل التيار الأزرق التركيز على هزيمة مَن هم على يمينه ويساره من السنّة بدلاً من مواجهة خصومه. هكذا فهم "المستقبل" الإعتدال. وهكذا سيتابع هزائمه.

لا أذى في خروج الموتسيكلات فرحاً وغبطة بانتصار "لبناني" سياسي، يُضاف إلى انتصارات عسكرية في سوريا. ربما غضب أهل الأشرفية قليلاً من هذا المشهد "السوفاج"، واهتزت عصبية أهل "الغربية" فأسقطوا بعض الزنابير من راكبي الموتسيكلات. عدا ذلك، احتفل الموتسيكليون في مهرجانهم برفع علم "حزب الله" على تمثال رفيق الحريري، الذي اغتاله أقرانهم العام 2005. كان درساً لتمثال الحريري الأب. وهو وحده، ربما، من كان يملك القدرة على نَهرهم.

مواكب الاستعراض بالموتسيكلات، الدورية كل عَقد تقريباً، هي المهرجان البيروتي الحقيقي الوحيد. لا تكلف ولا إدعاء. خروج "الهو"، بكامل وقاحته، ليستبيح مزاج الفرنكوفونيين والانغلوفونيين. بهذا المعنى، كانت بيروت أمس عربيةً بامتياز. احتقار أصيل لكل مظاهر الإدعاء البيروتي لدى النخب المسيحية والسنّية. 

الموتسيكليون، هتفوا "بيروت صارت شيعية". هكذا، من دون أي تردد. انتصرنا، وهذه هويتنا المذهبية وأعلامنا، وتحالفاتنا الإقليمية. بيروت الشيعية في غزوة الموتسيكلات، هي الأورغازم الذي حصل عليه الغُزاة الشباب، بعدما طال اشتهاؤهم لبيروت. هذه المرة، لم يدخلوها عنوة، لم يغتصبوها كما في 7 أيار 2008. كل ما هنالك، أن بيروت خجلت من هذه المتعة السرية، فلم تنقلها على الهواء مباشرة.

وماذا في ذلك؟ بيروت شيعية، كما هي دمشق. علاقة عشق سنّية بالشيعة. افتتان غامض ومريب. الشيعي المسلح، والسنّي المُذنب. متلازمة استوكهولم في أقصى تجلياتها. السنّي الطيب، في العرف الشيعي، هو جماعة الشيخ بسام ضفدع الصوفية في سقبا في ريف دمشق، وجمعية المشاريع في بيروت. هؤلاء، هم الفرق الناجية. هؤلاء من يحبهم "حزب الله"، ويدعوهم بإخوته السنّة. من عداهم، سيخسر في الانتخابات أو بقوة السلاح، وسيخرج مرغماً، مهجراً قسرياً إلى إدلب ربما.

بيروت شيعية. هذا ليس محض خيال. هذا هو الواقع. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها