الإثنين 2018/05/28

آخر تحديث: 11:41 (بيروت)

"الدواعش"من بادية السويداء إلى درعا: شهادات مُهرّبين

الإثنين 2018/05/28
"الدواعش"من بادية السويداء إلى درعا: شهادات مُهرّبين
التهريب بات مهنة مربحة لعناصر الحواجز الأمنية والمليشيات (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أعلنت فصائل تابعة للمعارضة في محافظة درعا، من بينها "جيش الإسلام" و"ألوية العمري"، القبض على عشرات المقاتلين المتهمين بالانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية"، في قرية المليحة الشرقية ومنطقة اللجاة شرقي درعا، أثناء محاولتهم التسلل من محافظة السويداء للوصول إلى حوض اليرموك الذي يسيطر عليه "جيش خالد بن الوليد".

واتهمت شبكات إعلامية محلية في السويداء، عناصر من المليشيات الموالية وحواجز تابعة للنظام، في محافظة السويداء، بتسهيل مرور عناصر التنظيم من بادية السويداء إلى ريف درعا. واستنكرت الشبكات تلك التسهيلات، مركزة الاتهام لمليشيا "الدفاع الوطني" والحواجز الأمنية في السويداء. وكانت شاحنات وحافلات قد أقلت مقاتلي التنظيم من مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن جنوبي دمشق، إلى بادية السويداء الشرقية، بعد اتفاق بين التنظيم والجانب الروسي على إخلاء جنوبي دمشق بعد شهر من المعارك العنيفة.

مصادر "المدن" في السويداء شرحت آلية تهريب عناصر التنظيم من بادية السويداء إلى محافظة درعا، وقالت إن "عناصر غير منضبطة من الدفاع الوطني ومن مليشيات موالية، يساهمون مع مهربين في ريف السويداء الشرقي وفي ريف درعا الشرقي بنقل عناصر التنظيم من البادية لدوافع مادية فقط".

وأوضحت المصادر أن عملية نقل مقاتلي التنظيم تديرها شبكة منظمة من المهربين في البادية ودرعا والسويداء، بالتعاون مع بعض عناصر المليشيات الموالية في السويداء. وتبدأ العملية عبر مهربين من أبناء العشائر في بادية السويداء، التي نُقل إليها مقاتلو التنظيم من جنوبي دمشق. ويعتبر المهربون كوسطاء بين من يرغب بالانتقال من البادية وبين المهربين من أبناء ريف السويداء الشرقي المتاخم للبادية ممن تقع على عاتقهم مسؤولية التهريب.

وأشار مصدر "المدن" إلى أن المهربين في الريف الشرقي يخيّرون الراغبين بالانتقال، سواء كانوا مدنيين أو مسلحين، بسلوك طرق مختلفة؛ يمر بعضها بحواجز تابعة للنظام ومليشياته وهي أقل تكلفة وأكثر خطورة وعادة ما يسلكها المدنيون وبعض المسلحين. في حين أن طرقاً أخرى قد تكون أكثر تكلفة وأقل خطورة، يسلكها المسلحون والمطلوبون، ممن يرفضون بشكل مطلق المرور عبر حواجز النظام، حتى وإن كانت "مرتشية".

ويتلقى المُهرّبون مبلغ 50 ألف ليرة سورية (الدولار 450 ليرة) عن كل شخص يختار الانتقال مروراً بحواجز النظام. وعادة ما يتم تهريب ما بين 15 إلى 20 شخصاً سوية، كل مرة، عبر هذه الطرق. فيما يدفع من يرغب بالانتقال تهريباً عبر الطرق التي لا تمر بالحواجز ما بين 150 إلى 200 ألف ليرة، ويقوم المهربون في هذه الطريقة بنقلهم إلى ريف السويداء الغربي، بما لا يتجاوز 5 أشخاص في المرة الواحدة.

معابر التهريب بين البادية والسويداء تنحصر حالياً في قرى طربا والكسيب والمشنف، في ريف السويداء الشرقي، ومنها ينقل المُهرِّبون من أبناء المنطقة المُهرَّبون إلى ظهر الجبل شرقي مدينة السويداء، مروراً بحاجز "أمن الدولة" على مدخل مدينة السويداء الشرقي. ويتلقى عناصر "أمن الدولة"، في معظم الأحيان، 25 ألف ليرة، مقابل مرور المهرب والأشخاص الذين ينقلهم من دون تفتيش. وتدخل المجموعة مدينة السويداء، وتنقل منها عبر طريقين مختلفين في ريف السويداء الغربي؛ الطريق الأول يصل من مدينة السويداء إلى بلدة ولغا ثم بلدة المزرعة في ريف المحافظة الغربي، ويمر بحاجزين تابعين للمليشيات الموالية، يتلقى كل منهما 10 آلاف ليرة. ومن بلدة المزرعة تنتقل المجموعة إلى معبر قرية صما الهنيدات، التي تعتبر صلة وصل بين ريف درعا الشرقي وريف السويداء الغربي وتخضع لسيطرة فصائل المعارضة ومجاورة لبلدة المليحة الشرقية. وهناك يستلمها القافلة مُهربون من ريف درعا الشرقي.

الطريق الثاني الذي يسلكه مهربو السويداء، هو من السويداء إلى بلدة كناكر ومنها إلى بلدة الأصلحة مروراً بحاجز "المخابرات الجوية" الذي يتلقى ما بين 20-50 ألف ليرة. ومن بلدة الأصلحة المجاورة لبلدة أم ولد، يقوم مهربو السويداء بتسليم المجموعة لمهربين من ريف درعا الشرقي.

وتتنقل تلك المجموعات في "فانات" و"ميكرو باصات" وسيارات نقل بضائع، بحسب العدد.

طرق التهريب التي لا تمر بحواجز النظام، تنطلق أيضاً من البادية إلى السويداء عبر قرى الكسيب وطربا والمشنف، ومنها إلى قرى الطيبة ومفعلة وقنوات شمال شرقي مدينة السويداء، ومنها عبر طريق زراعي إلى بلدة سليم على طريق دمشق-السويداء، ومنها شمالاً باتجاه مفرق قرية صلاخد، حيث تعبر المجموعة غرباً إلى بلدة عريقة ومنها إلى قرية لبين آخر قرى السويداء والمتصلة بقرية المسيكة شمال شرقي درعا في منطقة اللجاة. ومن هناك يبدأ دور المُهربين من أبناء اللجاة.

مصادر "المدن" تؤكد أن هذا الطريق أطول من الطرقات السابقة، نظراً للمرور بطرق زراعية تفادياً للحواجز، ويستخدم المهربون سيارات خاصة.

وتشير المصادر إلى أن عدم اتخاذ أي اجراءات ضد المهربين، يعود من ضمن أسباب أخرى، لحساسية قضية التهريب، إذ تحاول أجهزة النظام عدم اعتراض المُهرِّبين كونهم من أبناء السويداء، بعدما أصبحت هذه المهنة ضرورية لكسب العيش لدى مئات العاطلين عن العمل في السويداء. المليشيات الموالية والمحلية لا تستطيع اعتراض المُهربين تخوفاً من تطور الأمور إلى نزاعات داخلية بين العائلات.

كما أن التهريب بات مهنة مربحة لعناصر الحواجز الأمنية والمليشيات. ويضاف إلى ذلك، رغبة النظام بتوصيل أكبر عدد من "دواعش" الجنوب الدمشقي إلى درعا، لإثارة الفوضى ودعم تنظيم "خالد بن الوليد" في حوض اليرموك بالعناصر، في ظل الحديث المتصاعد عن معركة مقبلة سيشنها النظام في درعا. ومع استبعاد المليشيات الإيرانية عن معركة درعا، يبدو أن تنسيق الهجوم بين النظام و"خالد بن الوليد" ضد المعارضة، سيكون حاسماً لتشتيت المعارضة. وسبق أن اتبع النظام هذا التكتيك في معارك شرقي سكة الحجاز في إدلب، عندما نقل مئات المقاتلين من "داعش" من ريف السلمية في حماة إلى جنوبي إدلب.

أحد المُهربين قال لـ"المدن"، إن البطالة وغياب فرص العمل والأوضاع الاقتصادية المتردية، هي التي دفعته لاختيار هذه المهنة. وأوضح: "نحن لا يهمنا من ننقله، ولأي جهة ينتمي، ولا ندقق على ذلك. ننقل عناصر من داعش أو من الجيش الحر، أو مدنيين، مهما كانوا، مقابل المال فقط". طرق التهريب ليست جديدة، ولم تبدأ مع وصول "داعش" إلى البادية، بل هي متبعة منذ سنوات. وينتقل شهرياً، بحسب المُهرّب، مئات الأشخاص من مختلف الانتماءات بين البادية وحوران، وإلى دمشق، ومحافظات أخرى.

المُهرّب أشار إلى أنه نقل مؤخراً عناصر من تنظيم "الدولة" برفقة مدنيين إلى ريف درعا الشرقي، مروراً بحواجز لم يحدد مكانها، إلا أن عناصرها تلقوا منه المال، مقابل عدم التدقيق والتفتيش.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها