الأحد 2018/05/27

آخر تحديث: 12:30 (بيروت)

جنوبي دمشق:التعفيش وخلفياته يغضب الشرطة الروسية

الأحد 2018/05/27
جنوبي دمشق:التعفيش وخلفياته يغضب الشرطة الروسية
مليشيات إيرانية تسعى لطرد الروس من المنطقة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
يتفاقم التوتر بين الشرطة العسكرية الروسية من جهة، والمكونات الأمنية العسكرية التابعة للنظام من جهة أخرى، في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم جنوبي العاصمة دمشق، على خلفية عمليات تعفيش تقوم بها قوات النظام.

مليشيات النظام كانت قد عفّشت مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن، بعد خروج "داعش" منها، إلا أنها عجزت عن فعل ذلك في مدن ببيلا ويلدا وبيت سحم التي انتشرت فيها الشرطة العسكرية الروسية. وخضعت البلدات الثلاث لاتفاق "تسوية شاملة" خرجت بموجبه فصائل المُعارضة المُسلحة نحو الشمال السوري، وانتشرت عوضاً عنها مجموعات من الشرطة العسكرية الروسية في نقاط التماس مع المليشيات الشيعية المتمركزة في السيدة زينب.

أربعة حوادث في أقل من أسبوع، رفعت سقف الصراع بين الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام، وبين الشرطة العسكرية الروسية، بعد إهانات كبيرة وجهها الجانب الروسي لعناصر النظام. واعتدت الشرطة العسكرية الروسية على ضباط من قوات النظام وعناصرهم، مرتين خلال "تعفيش" قوات النظام لبلدة ببيلا. وانتشر مقطع مصور، في مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهرُ بشكل واضح تعرّض ضباط وعناصر من "الحرس الجمهوري" للإهانة، وإجبارهم على الاستلقاء على الأرض.


وأثارت تلك الحوادث موجة غضب على مستوى القيادات العسكرية والأمنية للنظام، لما اعتبروه "تعدياً على جنود الجيش العربي السوري، من قبل قوات يُفترض أن تكون صديقة".

الصفحة "غير الرسمية" لقاعدة حميميم العسكرية الروسية في "فيسبوك"، ردت على الانتقادات الموجهة للروس في ما يخص إهانة الجنود السوريين، مؤكدة أنهم لن يسمحوا لأحد بالتمرد ضمن مناطق انتشارهم، والخروج عن القانون خلال تلك الأفعال وعمليات السرقة.

وقالت مصادر محلية لـ"المدن" إن دوريات تابعة لـ"الأمن العسكري"، المسؤول سابقاً عن جنوبي دمشق، دخلت بلدات الجنوب الدمشقي قبيل إخراج تنظيم "داعش" من مخيم اليرموك المجاور، لنقل بضع عائلات لذوي التنظيم من تلك البلدات. الدخول كان من دون تنسيق سابق مع الشرطة الروسية المنتشرة في المنطقة، ما أثار غضب عناصرها، الذين وجّهوا شتائم إلى عناصر "الأمن العسكري" طالت بشار الأسد، وطالبوهم بالخروج مُباشرة تجنباً للاشتباك معهم، وخرجت الدوريات قبل أن تتمكن من تنفيذ مهمتها.

وشهدت نقاط التماس بين ببيلا والسيدة زينب حالة من الاستنفار للشرطة العسكرية الروسية بعد اعتقال مليشيات شيعية في السيدة زينب لشابين من أبناء ببيلا بعد دخولهما بدراجة نارية على طريق ببيلا–السيدة زينب، التي افُتتح مؤخراً برعاية روسية. الشرطة الروسية هددت باقتحام نقاط المليشيات الشيعية في حال لم يتم إطلاق سراح الشابين. وقد تم فعلاً إطلاق سراحهما بعد ساعات من اعتقالهما.

الحوادث الأربعة المُتتالية، والتدخل الروسي بعمل الأجهزة الأمنية والمليشيات الموالية، شكل حالة من الغضب لدى القيادة العسكرية لقوات النظام، وسط تحريض من "الأمن العسكري" والمليشيات الشيعية ودعاة "المُصالحة" في بلدات الجنوب الدمشقي، للتقدم بشكوى رسمية لـ"القيادة السورية"، بغرض وضع حد لتصرفات الشرطة الروسية.

مصدر أمني رفيع المستوى، أكد لـ"المدن"، أن قيادة "المخابرات العسكرية"، مُمثلة لتشكيلات عسكرية وأمنية متعددة، تقدمت بشكوى إلى "القصر الجمهوري" مُباشرة، من دون الرجوع إلى هرمية القيادة العسكرية والأمنية، وطالبت فيها الأسد "بوضع حد للتمادي الروسي والتدخل بالقرارات الأمنية الداخلية، والاكتفاء بالمهام الموكلة إليهم وترك الشأن الداخلي لمن يعمل به منذ 7 سنوات.

قيادة أركان الجيش والقوات المسلحة طلبت اجتماعاً عاجلاً لمجموعة من ضباط المخابرات وقيادات في "الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة" ومليشيات شيعية عاملة في المنطقة، وفقاً لمصدر خاص بـ"المدن". وبحث الاجتماع آليات التنسيق بين المليشيات الشيعية والسورية من جهة، وبين الشرطة العسكرية الروسية من جهة أخرى، وسط إصرار روسي على أنهم السلطة الأعلى في المنطقة ولا كلمة تعلو فوق كلمتهم.

إثارة المشاكل في الجنوب الدمشقي، ونشر الصور الأخيرة لإهانة المُعفشين من قوات النظام، تمّت من قبل تيار مقرّب من وجوه "المُصالحة" المقربين من المليشيات الإيرانية، ما يُرجّح التصعيد من الجانب الإيراني لإجبار الروس على الخروج من المنطقة، بعد تقديم شكاوى بحقهم.

مصدر خاص قال لـ"المدن" إن عرقلة عمل الشرطة العسكرية الروسية واستفزازها، يأتي على خلفية صدور قرار روسي بضرورة انسحاب كافة القوات المقاتلة التي دخلت بلدات الجنوب الدمشقي بحجة قتال "داعش" وتسلمت نقاط التماس من فصائل المُعارضة. كما منعت الشرطة الروسية المليشيات الشيعية من استخدام طريق ببيلا–السيدة زينب، بعد اكتمال فتحه رسمياً أمام السيارات والمواصلات العامة، وقصره على المدنيين، والزوار الشيعة القادمين من خارج سوريا.

المشروع الروسي جنوبي دمشق الذي يتضمن "تسوية" مختلفة عما سبقها، لفترة مؤقتة، لم يُعجب الكثير من الجهات العاملة على الملف خاصة "الأمن العسكري" و"الدفاع الوطني"، أصحاب الصولة في ملف الجنوب الدمشقي منذ "المُصالحة" الأولى في العام 2014. وجود الشرطة الروسية أوقف الاعتقالات وعمليات الانتقام وفرض الأتاوات والضرائب على البضائع، وأوقف التعفيش واحتلال المنازل وعمليات التجنيد الإجباري، كما حصل في معظم مناطق "التسويات" السابقة.

ولا تخفي المليشيات الإيرانية المتمركزة في السيدة زينب، رغبتها بالتمدد إلى البلدات الثلاث المجاورة، ضمن مشروع يُعرف باسم "ضاحية دمشق الجنوبية"، والذي تسعى فيها لإقامة مركز دائم لها فيه على غرار "ضاحية بيروت الجنوبية". مصدر مقرب من الجانب الروسي، قال لـ"المدن"، إن ما تسعى إليه مليشيات إيران في الوقت الحالي "لن يتم تحت أي ظرف، ولن تخرج الشرطة الروسية مهما مُورس عليها من ضغط"، مُشيراً إلى سعي الروس لتشكيل مليشيا محلية من أبناء البلدات وعناصر "التسويات" لحمايتها خلال الفترة المقبلة. وأكد المصدر إمكانية إجراء "صلح" سني–شيعي في المنطقة، على الصعيد المدني والوجهاء من دون السماح للمليشيات الإيرانية المسلحة بالإقتراب من البلدات الثلاث.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها