الأحد 2018/05/13

آخر تحديث: 18:07 (بيروت)

سبعون النكبة:نقد المفاهيم الإسرائيلية..والمقررات المدرسية العربية

سبعون النكبة:نقد المفاهيم الإسرائيلية..والمقررات المدرسية العربية
Doha Institute ©
increase حجم الخط decrease

تواصلت الأحد، أعمال المؤتمر الخامس للدراسات التاريخية "سبعون عاماً على نكبة فلسطين: الذاكرة والتاريخ"الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة. 


وركزت جلسات اليوم الثاني من المؤتمر على البحث في نقد المفاهيم الإسرائيلية للنكبة، وتمثل النكبة فكرياً وروائياً، إضافة إلى جلستي عمل ضمت مجموعة من الخبراء التربويين والأكاديميين من مختلف البلدان العربية ناقشوا فيها مكانة فلسطين في المقررات المدرسية العربية، وذلك ضمن مشروع بحثي للمركز العربي في ضوء رؤيته للمواطنية الديمقراطية العربية المحدّدة لسائر برامجه ومنتجاته البحثية المتنوعة لاستئناف أسئلة النهضة العربية.

نقد المفاهيم الإسرائيلية لنكبة فلسطين
ناقشت الجلسة الأولى من أعمال اليوم الثاني للمؤتمر، والتي رأسها نديم روحانا، قضايا مركزية في تأريخ التطهير العرقي ورواية الحزب الشيوعي الإسرائيلي؛ إذ سلط الباحثون في دراساتهم الضوء على قراءة ونقد الأدبيات الإسرائيلية التاريخية حول النكبة. وفي هذا الإطار، أشار الباحث ياسر درويش جزائرلي في دراسته حول تأريخ التغيّر في تناول المؤرخين لقضية التطهير العرقي لفلسطين، أن هذا التأريخ انتقل من إنكار الدور الصهيوني ودخل في مرحلة التعويم؛ أي جعل ذلك التطهير مقبولاً في الغرب. وبالاستناد على قراءة دور بيني موريس في تأريخ سبب التهجير يرى جزائرلي أن الأسطورة الصهيونية عن مسؤولية الحكومات العربية عن مغادرة الفلسطينيين لبلادهم نشأت مع قيام دولة إسرائيل، وكان هدفها التغطية على التطهير العرقي الذي جعل قيام دولة ذات أكثرية يهودية ممكناً.

أما الباحث محمود محارب فقد رصد دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في النكبة خلال حرب 1948 وذلك استناداً إلى وثائق الحزب من بينها انخراط أعضاء الحزب الشيوعي وأنصاره منذ شباط/ فبراير 1948 في المنظمة العسكرية "الهاغاناه"، التي عدّ أنها "جيش الشعب"؛ إذ رأى أن ثمة العديد من العوامل الأساسية التي ساهمت في قيام الحزب بدعم إنشاء دولة للمستوطنين الكولونياليين الصهيونيين اليهود في فلسطين. كما عالج محارب في مداخلته تجاهل الحزب الشيوعي الطبيعة الكولونيالية الإجلائية للحركة الصهيونية وتحالفها المتين مع الدول الاستعمارية، وتجاهل هدف الصهيونية ونشاطها لطرد الشعب الفلسطيني، وسعيها إقامة الدولة اليهودية على حساب الشعب العربي الفلسطيني، ونفي حق الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن وطنه، والوقوف ضد الحركة الوطنية الفلسطينية.

وعلى مستوى موازٍ، ناقش عادل مناع النكبة الفلسطينية استناداً على الأدبيات التاريخية العربية المتعلقة بالحرب في فلسطين عام 1948، منذ صدور كتاب قسطنطين زريق "معنى النكبة" إلى وقتنا الحاضر. وقدم مناع سردية جديدة تقوم على وجهة نظر الفلسطينيين الذين ظلوا في الوطن المحتل عام 1948 وصاروا مواطنين في الدولة اليهودية، وبيّنت أن النكبة لم تكن حدثاً تاريخياً مرّ وانتهى بل سيرورة وتجربة حياتية عاشها الباقون في شمال فلسطين حتى عام 1956 على الأقل. واعتمد مناع في هذا البحث على المصادر والوثائق المنشورة والمخطوطة المتوافرة إضافة إلى التوثيق الشفوي في سبيل التغلب على عدم وجود أرشيفات عربية من جهة، واستمرار التعتيم على الوثائق في المواضيع "الحساسة" المتعلقة بالنكبة في الأرشيفات الإسرائيلية من جهة أخرى.

تمثلات النكبة: قراءة في الفكرة والرواية
بحثت الجلسة الثانية التي رأسها صقر أبو فخر تمثل النكبة فكرياً وروائياً، فقد ناقش الباحثون في هذه الجلسة فكر قسطنين زريق والنكبة في الرواية الفلسطينية لا سيما رواية زمن الخيول البيضاء. وفي حديثه عن معنى النكبة في فكر قسطنين زريق عالج إيهاب شلبك محاولة زريق توصيف الزمن التاريخي العربي المنكوب وتحليله. ويرى شلبك بأن هذ الكتاب يمثّل وثيقة تاريخية تعبّر عن السياق الزماني والمكاني لهذا المعنى. ويشير إلى أن صياغة زريق لمعنى النكبة تتمحور حول الكارثة والخلاص، وقد شكل ذلك حافزاً لنمط معيّن من الفعل الفكري والسياسي الذي ينظر إلى الهزيمة في فلسطين على أنها صدمة للوعي العربي، وهنا تمثّل للكارثة. أما عن الخلاص يرى شلبك أن الصهيونية في هذا الفكر منتصرة؛ لأنّها منتمية إلى هذا العصر، والعرب مهزومون؛ لأنّهم متخلّفون عنه. ولهذا فالالتحاق بهذا العصر في هذه الحال هو الخلاص بعينه.

وانتقل الباحث فخري صالح نواهضة إلى الحديث عن النكبة في الرواية الفلسطينية وذلك باشتغاله على المتن الروائي العربي عامة، والفلسطيني خاصة، منذ سقوط فلسطين وقيام الدولة الصهيونية عام 1948، وذلك من أجل إنجاز نص سردي متخيّل ينطلق من نكبة فلسطين والأحداث المصاحبة لها، ومن عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري الذي دفع الفلسطينيين للشتات إلى مختلف بقاع الأرض. ويرى نواهضة أن الرواية العربية، وكذلك الروايات التي كتبها فلسطينيون بلغات أخرى، استطاعت أن تقدّم رواية مختلفة عن الرواية الصهيونية لسقوط فلسطين وقيام الدولة العبرية. وأشار نواهضة أن الرواية التي تراكمت لدينا أسست لنصوص أساسية، يمكن النظر إليها بوصفها المدونة السردية المتخيلة لسقوط فلسطين ونكبتها التي يمر عليها الآن سبعون عاماً. واختتم نواهضة مداخلته بالحديث أن الأدب، والمدونة السردية خاصة، يمكن أن تقوم بنفسها مقام رواية مضادة تدفع القارئ إلى اكتشاف ما سعت الرواية الصهيونية لترسيخه في العقول، الأجنبية منها خاصة، وقدرة هذه المدونة على تغيير النظرة السائدة حول النكبة.

أما الباحث رامي أبو شهاب فقد هدف في دراسته إلى تمثل مفهوم السرد التاريخي في رواية زمن الخيول البيضاء للروائي إبراهيم نصر الله، انطلاقا من فرضية الفعل والأثر لكل من التجليات السردية المتخيلة والوظائف التاريخية وتضافرهما ضمن بنية واحدة. وأكد الباحث في بحثه تجاوزه المنظور التقليدي القائم على التثبت من الاحداث وانعكاسها على العمل الى ماهو اعمق من ذلك، وعنى الباحث الروح الجمعية القائمة في نص متخيل يسعى لتحقيق وعي تاريخي من اجل تمكين الاستمرارية والامتداد، فضلا عن تأمل حدث عنيف كمن في الذاكرة الفلسطينية القائم على محورية النكبة، ومن هنا فإننا نقرأ جدلية العلاقات بين الحدث التاريخي والسرد المتخيل ضمن مسارات محددة اذا استند الباحث الى هيغل ومفهومه لروح التاريخ الجمعي بالتجاور مع تنظيرات لوكاش وريكو، ولاسيما في ما يتعلق بالسرد التاريخي.

فلسطين في المقررات المدرسية الرسمية العربية
خصصت ورشة امتدت على جلستين لتحليل محتوى فلسطين والقضية الفلسطينية في المقررات المدرسية الرسمية العربية لمراحل التعليم كافة. وقدم منشطو الورشة من باحثين وخبراء تربويين ومؤرخين النتائج الأولية لأبحاثهم ضمن مشروع بحثي صمّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في ضوء رؤيته المواطنية الديمقراطية العربية المحدّدة لسائر برامجه ومنتجاته البحثية المتنوعة لاستئناف أسئلة النهضة العربية، والتزامه بالرؤية العروبية الديمقراطية لقضايا التقدم والتحرر. ومن المقرر أن تصدر منتجات المشروع من أبحاث في كتاب مستقل. وتندرج هذه الورشة في هذا السياق.

وينطلق منهج المشروع من تحليل محتوى فلسطين والقضية الفلسطينية في المقررات المدرسية الرسمية لمراحل التعليم كافة، ودراسة التغييرات الكبيرة التي طرأت عليه، من حذف وتعديل وتقليص وإلغاء كلي وتبديل مفاهيم وتزييف معلوماتي أو معرفي ... إلخ، في بعض المقررات أو في كلها.

تتركز إشكاليات المشروع بحثياً حول دراسة المحتوى الفلسطيني للمقررات، وقد طرحت خلال الورشة، التي تخدم طبيعة المشروع وأهدافه البحثية المحددة، حول السؤال المركزي التالي: متى تم التوسيع أو التقليص أو الحذف في تناول الموضوع الفلسطيني؟ أو التغيير بمحتواه ومصطلحاته أو معلوماته، أو مفاهيمه المعرفية؟ وما الشروط التاريخية - السياسية التي حكمته؟ وما هي جوانب ذلك؟ وانعكاسها على المحتويات "الجديدة"؟ ولا سيما محتويات مواد العلوم الاجتماعية؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها