الثلاثاء 2018/05/01

آخر تحديث: 11:58 (بيروت)

ريف حمص الشمالي: "التسوية" تقترب

الثلاثاء 2018/05/01
ريف حمص الشمالي: "التسوية" تقترب
عدم الحضور يعني بداية الحرب (Getty)
increase حجم الخط decrease
تعيش مناطق المعارضة المُحاصرة في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، حالة من التخبط، عقب اجتماع عُقدَ بين "الهيئة السياسية للجنة المفاوضات" والجانب الروسي، في معبر الدار الكبيرة، ظهيرة الإثنين. الاجتماع دام لساعتين ونصف الساعة، ولم تخرج لجنة المفاوضات بعده ببيان توضيحي لمجرياته، على غير عادتها. ومن المفترض اجتماع اللجنة السياسية لهيئة التفاوض، والجانب الروسي، بعد ظهر الثلاثاء، لإبلاغ الجانب الروسي بالجواب النهائي على المطالب الروسية.

وعن مجريات اجتماع الإثنين، قال مصدر مطلع لـ"المدن"، إن الجانب الروسي افتتح الجلسة بالتهديد التالي: "قوات سهيل الحسن بدأت عملاً عسكرياً في الريف، وقد قمنا بإيقافه. قوات الحسن تطوق كامل الريف، ولا نريد إراقة الدماء". وطرح الروس رؤيتهم للحل في المنطقة، متمثلة بنقاط أهمها؛ تسليم كافة الفصائل للسلاح الثقيل خلال 15 يوماً وبقاء السلاح الفردي، و"تسوية وضع" من يود البقاء خلال شهر واحد وخروج من يرفض "التسوية" إلى الشمال بسلاحه الفردي. المنشقون ستتم "تسوية أوضاعهم" ومن ثم سيلتحقون بقوات النظام للقتال في صفوفه، أما المطلوبون للجيش والاحتياط فيمنحون مهلة عام كامل قبل سحبهم للخدمة في صفوف قوات النظام. المطلوبون للأجهزة الأمنية سيتم "تبيض أسمائهم" بعد "التسوية" ويسمح لهم بالتحرك في مناطق سيطرة النظام. وتدخل المنطقة شرطة عسكرية روسية، وتتعهد بعدم دخول قوات النظام، أو اعتقال أبناء الريف الذين قاموا بـ"تسوية أوضاعهم".

كما طرح الجانب الروسي بقاء "جيش التوحيد" بقيادة منهل الصلوح، في المنطقة لحماية الطريق الدولي حماة-حمص، ولينتشر إلى جانب القوات الروسية في المنطقة. الجانب الروسي اعتبر "جيش التوحيد" شريكاً استراتيجياً في المنطقة. وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسم "جيش التوحيد" من قبل الجانب الروسي، فقد كان "الجيش" أحد الموقعين على "اتفاق القاهرة"، برعاية مصرية، وتنسيق رئيس "تيار الغد" أحمد الجربا والجانب الروسي، في 31 تموز 2017. وعمل "جيش التوحيد" منذ ذلك الوقت على التفرد بقرار الريف المُحاصر، الأمر الذي اعتبرته بقية الفصائل تجاوزاً لخطوطها الحمراء، كما أثار غضب الفعاليات المدنية. "جيش التوحيد" كان قد عقد جلسة تفاوضية منفردة مع الجانب الروسي، عقب اتفاق القاهرة، في معبر الدار الكبيرة، لترسيم حدود منطقة "خفض التصعيد" والاتفاق على فتح المعابر وإخراج المعتقلين. الأمر الذي دفع "غرفة عمليات حمص" لفصل "الجيش"، كما أصدرت فعاليات مدنية بينات تدعم تشكيل لجنة مشتركة تشمل كامل ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، ما قاد لتشكيل "هيئة المفاوضات عن ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي"، وحدّ من نفوذ "جيش التوحيد".


(LM)

مصادر "المدن" أشارت إلى أنه في نهاية اجتماع الإثنين، تم الاتفاق على وقف الأعمال الحربية والقتالية حتى الساعة الثانية من بعد ظهر الثلاثاء، موعد الاجتماع الثاني. وسيتم فتح معبر الدار الكبيرة بعد إنتهاء اجتماع الثلاثاء. وأبلغ الجانب الروسي هيئة التفاوض، بأن حضورهم إلى معبر الدارة الكبيرة، للتفاوض، الثلاثاء، يجب أن يتضمن الموافقة على تسليم السلاح الثقيل. وعدم الحضور يعني بداية الحرب والأعمال القتالية من جديد.

هيئة المفاوضات عن ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، كانت قد أرسلت اللجنة السياسية للتفاوض في جلسة الإثنين، بشكل متعمد، لتجنيب اللجنة العسكرية اتخاذ قرار مباشر، ولإعطاء وقت أطول لمناقشة المقترحات الروسية والتشاور بها مع كافة الأطراف. وبعد انتهاء اجتماع الإثنين، أُبلِغَت لجنة المفاوضات بشقيها السياسي والعسكري، بالمطالب الروسية، والتي أحالت بدورها مسؤولية اتخاذ القرار إلى مجالس شورى المدن والبلدات والقرى والمدن المكونة للريف، للوصل إلى قرار نهائي.

وأفادت مصادر متقاطعة أن مجلسي شورى مدينتي تلبيسة والرستن، يميلان إلى خيار المفاوضات والحل السياسي، وتجنيب المنطقة الحرب، في حين ربط شورى منطقة الحولة قراره بقرار مدينتي الرستن وتلبيسة باعتبارهما التجمع الأكبر للمدنيين، بينما بقي قرار المناطق الشرقية التي تسيطر على معظمها "هيئة تحرير الشام" معلقاً. ويبدو أن مجالس الشورى بنت قرارها على مجريات الأحداث في مناطق أخرى كالغوطة الشرقية، متخوفة من تكرار السيناريو ذاته؛ رفض المطالب الروسية واختيار الحرب، ومن ثم الاستسلام والتهجير القسري من المنطقة، من دون الخروج بأي مكاسب.

ويرى ناشطون أن الروس قد لعبوا أوراقهم المُجرّبة، بشكل صحيح، في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، عبر حملة عسكرية شرسة بالتزامن مع ضخ إعلامي مكثف في وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للنظام، لترويج الحرب النفسية وقتل روح المقاومة. قصف الريف والتهديد باقتحامه تحت فزاعة "النمر" وقواته، وإلقاء المناشير وتوجيه تهديدات للأهالي والطلب منهم تسليم أنفسهم وتخويفهم من المرحلة القادمة، ربما جاء بنتائج متوقعة. فصناعة روسيا لسهيل الحسن وقواته، وتقديم كامل الدعم له في أي معركة، وجعله رمزاً، عدا عن كونه رفعاً لمعنويات قوات النظام واضعافاً لصمود خصومها، فهو استراتيجية روسية قديمة، وتكراراً لقصة القناص زايتيسيف الروسي، خلال الحرب العالمية الثانية.

وكانت قوات النظام قد حاولت اقتحام مناطق في ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي، أكثر من مرة، ولكنها فشلت، خصوصاً على جبهة سليم والحمرات في ريف حمص الشمالي وجبهة القنطرة وقبة الكردي في ريف حماة الجنوبي. وتزامن ذلك مع استقدام تعزيزات كبيرة إلى المواقع العسكرية للنظام في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي. ونشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر حجم القوات المستقدمة للمنطقة. كما شهدت مدينة الرستن وبلدة الزعفراني وقرى في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، قصفاً مكثفاً من الطيران الحربي وقصفاً مدفعياً، ما تسبب بوقوع ضحايا، وأخرج مشفى الرستن ومشفى الزعفراني عن الخدمة، وأثار رعباً في صفوف المدنيين.

وتسببت موجة القصف الكثيفة بنزوح اعداد كبيرة من المدنيين باتجاه مناطق سيطرة النظام في حمص عبر معبر الدار الكبيرة، والذي أغلقته قوات النظام والجانب الروسي صباح الإثنين، من دون سابق إنذار. الأمر تسبب في تجمع مئات المدنيين، والضغط على لجنة التفاوض للقبول بالحل الروسي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها