الإثنين 2018/04/30

آخر تحديث: 11:12 (بيروت)

صراع النظام و"قسد" في ديرالزور: من يكسب العشائر؟

الإثنين 2018/04/30
صراع النظام و"قسد" في ديرالزور: من يكسب العشائر؟
الهجوم جاء بالتواطئ مع مجموعات عشائرية (Getty)
increase حجم الخط decrease
شّنت قوات النظام والمليشيات المساندة لها، الأحد، هجوماً عنيفاً على مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية"، المدعومة من "التحالف الدولي"، في ناحية الكسرة من ريف ديرالزور الغربي، تمكنت فيه من السيطرة على عدد من القرى والبلدات، قبل أن تتمكن "قسد" مدعومة بطيران "التحالف" من استعادة السيطرة على جميع النقاط التي خسرتها.

هجوم مليشيات النظام بدأ فجر الأحد، من ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول عبر نهر الفرات من جهة أحياء مدينة ديرالزور باتجاه قرية الجنينة، أما الثاني فكان انطلاقاً من بلدة الحسينية بموازاة الطريق العام الرقة-ديرالزور، والمحور الثالث من البادية الشمالية لبلدة الحسينية من جهة سكة القطار واستهدف قرية الجيعة ومنطقة العليان.

عملية التقدم التي شاركت فيها قوات من النظام ومن "الدفاع الوطني"، قادتها مليشيات محلية محسوبة على إيران مثل "لواء الباقر" و"فاطميون"، ومقاتلون شيعة من أبناء بلدة حطلة تابعين لـ"حزب الله" اللبناني. العملية حظيت بدعم واشراف شيخ قبيلة البقارة نواف البشير، والقيادي في مليشيا "الدفاع الوطني" فواز الفاضل.

الساعات الأولى من الهجوم كانت لصالح مليشيات النظام، التي تمكنت من السيطرة على قرى الجنينة والجيعة ومنطقة العليان وصولاً إلى أطراف بلدة شقرا، لكن وصول تعزيزات عسكرية من "قسد" وقصف طيران "التحالف الدولي"، أجبر المليشيات المهاجمة على الانسحاب من المناطق التي تقدمت إليها، بعد تكبيدها خسائر كبيرة بالمعدات والأرواح.

وخسرت قوات النظام والمليشيات قرابة 25 قتيلاً على الأقل في تلك المعارك، بالأضافة إلى عدد من الأسرى، بينما خسرت "قسد" 4 قتلى بينهم القيادي في "مجلس ديرالزور العسكري" أحمد الجفال، وعدد من الجرحى. وتمكن مقاتلو "قسد" من السيطرة على بعض الأسلحة والذخائر بينها مضاد طيران عيار 12.5  وسيارة دفع رباعي، بالإضافة لسحب أكثر من 11 جثة تعود للقوات المهاجمة.

مدير "شبكة ديرالزور 24" الإعلامية عمر أبو ليلى، قال لـ"المدن"، إن هجوم مليشيات النظام جاء بالتواطؤ مع مجموعات عشائرية وأخرى تابعة لـ"قسد" من أبناء قرية الجيعة، الذين سهلوا دخول المليشيات إلى المناطق المستهدفة، من بينهم مختار قرية الجيعة عايش العيسى، وعدد من أقاربه. وأضاف أبو ليلى: "جميع الأشخاص الذين ساعدوا في دخول المليشيات إلى قرى الريف الغربي، هربوا إلى بلدة الحسينية وأحياء مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام، بعد استعادة قسد السيطرة على المناطق التي خسرتها".

هدف قوات النظام والمليشيات المساندة لها من الهجوم كان السيطرة على أكبر قدر من المساحة في ريف ديرالزور الغربي، مستغلة وجود خلاية تابعة لها في المنطقة، أضافة لمعرفتها بضعف دفاعات الخصم في المناطق المستهدفة، نتيجة انسحاب معظم القوات باتجاه ريف ديرالزور الشرقي ومناطق البادية الشمالية لديرالزور. إذ تتحضر "قسد" لإطلاق عملية عسكرية للقضاء على بقايا تنظيم "الدولة الإسلامية" شمالي نهر الفرات.

المتحدث الرسمي باسم "قوات سوريا الديموقراطية" كينو غابرييل، اعتبر هجوم قوات النظام الذي تزامن مع تحضيرات عسكرية للقضاء على تنظيم "الدولة" هو دعم مباشر للإرهاب، وأكد "أن الرد العسكري سيكون حاضراً في حالة وجود أي تهديد لمناطق سيطرة قوات قسد".

استعانة قوات النظام ببعض أبناء العشائر من أجل دخول مناطق سيطرة "قسد"، يأتي ضمن سياسة خلق مجموعات سرية منظمة تتبع لها، داخل مناطق شمال/شرقي الفرات، هدفها المساعدة في السيطرة على مناطق معينة، في حال حدوث أي مواجهات عسكرية مع قوات "قسد" أو انسحابها منها.

ويعتمد النظام في تشكيل تلك المجموعات على بعض الموالين له من أبناء تلك المناطق، ممن كانوا قد غادروا مدنهم وبلداتهم بعد خروجها عن سيطرة النظام، أو بقوا فيها من دون أي نشاط. وتتركز جهود النظام باتجاه مكونين عشائريين؛ قبيلة العقيدات وقبيلة البقارة التي يتركز أكبر وجود لها في مناطق سيطرة "قسد" على الضفة الشمالية/الشرقية لنهر الفرات من ديرالزور.

ويستغل النظام لاستقطاب أبناء العشائر حالة التوتر التي حصلت بين بعض المكونات العشائرية وقوات "قسد" خلال الفترة الماضية، والتي راح ضحيتها عدد من المدنيين كما حدث في بلدتي الشحيل والكشكية وقرية الجيعة. كما يحاول النظام التركيز على مغريات أخرى، تتمثل بـ"تسوية الوضع" الأمني لأبناء المناطق التي تتعاون معه من الذين شاركوا بأحداث الثورة منذ العام 2011.

محاولات النظام نجحت في بعض المناطق كما حدث في قرية الجيعة، لكنها لا تعتبر حالة عامة، فغالبية المكونات العشائرية ترفض التعامل مع النظام وعودته إلى مناطق تواجدها، بل ترى أنه عدوها الأول بعدما تسبب بمقتل الآلاف من أبنائها منذ انطلاق الثورة السورية.

"قسد" التي تعي تحركات النظام تلك، لم توفر جهداً في العمل على عقد اجتماعات مع العشائر المتواجدة في مناطق سيطرتها في ديرالزور، لقطع الطريق على النظام والعمل على تعزيز العلاقات بتلك المكونات، وضمان وجودها معها في خندق واحد مستفيدة من حالة الحقد التي تضمرها تلك العشائر للنظام. لذلك تُصدّر "قسد" وجودها كخيار وحيد أمام أبناء المنطقة في المرحلة الحالية. وقد نجحت "قسد" في ذلك، وأكبر دليل هو مشاركة العشرات من أبناء العشائر، الأحد، في صّد هجوم مليشيات النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها