الإثنين 2018/04/30

آخر تحديث: 12:04 (بيروت)

الجنوب الدمشقي: اتفاقان لتهجير المعارضة و"الهيئة"..والاستفراد بـ"داعش"

الإثنين 2018/04/30
الجنوب الدمشقي: اتفاقان لتهجير المعارضة و"الهيئة"..والاستفراد بـ"داعش"
اتفاق مماثل بين النظام و"هيئة تحرير الشام" (Getty)
increase حجم الخط decrease
قالت مصادر خاصّة لـ"المدن"، إن أولى خطوات تنفيذ اتفاق الجنوب الدمشقي، بدأت مع تسلم قوات النظام جزءاً من خط التماس الفاصل بين المعارضة في بلدة يلدا، وبين "داعش" في أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن، ليل الأحد/الاثنين. ومن بعدها ستبدأ عمليات تهجير الثوار والأهالي، من بلدات يلدا وبيبيلا وبيت سحم، إلى ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب، الثلاثاء، وبشكل يومي، على أن تدخل قرابة 100 حافلة يومياً إلى الجنوب الدمشقي، على مدار أربعة أيام. وفيما تبدو آلية تطبيق الإخلاء وأعداد المهجّرين غير واضحة حتى اللحظة، يُتوقع أن تشوب عملية الإخلاء حالة من الفوضى وعدم التنظيم نتيجة الضغط الحاصل وتسارع الأحداث.

وكانت لجنة التفاوض الممثلة لفصائل "جيش الإسلام" و"جيش الأبابيل" و"لواء شام الرسول" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"فرقة دمشق" جنوبي دمشق، قد أعلنت الأحد، عن توصّلها لاتفاق نهائي مع نظام الأسد، برعاية روسية، يقضي بخروج رافضي "المصالحة الوطنية" من مقاتلين ومدنيين باتجاه الشمال السوري. وككل اتفاقيات "التسوية" في دمشق وريفها، سواء مع النظام أو روسيا، يتضمن اتفاق جنوب دمشق مهلة 6 أشهر للمنشقين والمتخلفين عن الخدمة في قوات النظام، كما تقع مسؤولية حماية البلدات بعد عملية التهجير كما ذكر بيان اللجنة "على عاتق الشرطة العسكرية، كما تلتزم الحكومة السورية بتقديم كل الدعم الانساني للمتبقين في البلدات".

وقالت وسائل إعلام مؤيدة للنظام، إن اتفاقاً مماثلاً عقد بين النظام و"هيئة تحرير الشام"، يبدو أنه بوساطة تركية–إيرانية، يقضي بإخراج 150 مقاتلاً من "هيئة تحرير الشام"، مع عوائلهم، من مخيم اليرموك، مقابل إخراج 5000 شخص من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، و85 أسيراً من بلدة اشتبرق. ويبدأ تنفيذ الاتفاق، الإثنين. ووصلت عند منتصف ليل الأحد/الاثنين، الحافلات التي ستقل مقاتلي "الهيئة" من دمشق إلى الشمال السوري، في حين دخلت الحافلات إلى بلدتي الفوعة وكفريا، صباح الإثنين، ويتوقع خروجها عبر معبر العيس في ريف حلب الجنوبي.

"وكالة إباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، نشرت الإثنين، توضيحاً حول اتفاق مخيم اليرموك وبلدتي كفريا والفوعة، وأشار عضو المكتب الأمني في "الهيئة" خالد الحمصي، إلى "اتِّباع المليشيات الإيرانية أسلوب الضغط على أهالي المخيم بغية أسرهم والتفاوض عليهم لإخراج كامل سكان ومقاتلي بلدتي الفوعة وكفريا"، وتابع: "بعد رفضنا القاطع للخضوع لهذه الضغوط ومع استمرار الحملة الشرسة على المخيم دون تقدم يُذكر توصلنا لاتفاق مع العدو الإيراني ضمن الشروط التالية: إخراج 1000 شخص من بلدتي الفوعة وكفريا (ضمنهم عدد من المسلحين)، وإخراج كافة المحاصرين من مخيم اليرموك مع عوائلهم، وإطلاق سراح نصف أسرى قرية اشتبرق البالغ عددهم 40 شخصاً"، وأشار الحمصي إلى أن "الاتفاق تمَّ بعد التواصل مع بقية الفصائل ووضعهم بصورة الأمر، وستكون المفاوضات حول إخراج أسرى من سجون النظام مقابل إجلاء الدفعة الثانية بالتشاور والتباحث مع بقية الفصائل الثورية في المنطقة".

وكانت قوات النظام، قد حاولت خلال الأيام الأولى لعمليتها العسكرية الواسعة جنوبي دمشق، اقتحام خطوط التماس في منطقة الريجة وشارع الثلاثين، التي تسيطر عليها "الهيئة". وتسبب ذلك بوقوع خسائر فادحة في صفوف المليشيات، وتدمير 5 دبابات وعربات "بي ام بي" لها، ومقتل العشرات من عناصر المشاة. النظام حينها خرق وبشكل مفاجئ تفاهماً مسبقاً مع "الهيئة"، والقاضي بإخلاء مقاتلي "الهيئة" باتجاه الشمال، بعد اجتماعات مع الجانب الروسي، ودخول جنرالات روس إلى مناطق "الهيئة" واستطلاعهم محاور القتال مع "داعش" جنوبي دمشق.


اتفاق الجنوب الدمشقي، بين المعارضة والنظام، يأتي في ظل ظرف سياسي وعسكري بالغ السوء على مستوى الثورة السورية عامّة ودمشق وريفها خاصّة، في ظل التمدد الروسي المتصاعد في الملف السوري، وغياب الاستراتيجية الأميركية الصلبة، مقابل عجز قوى الثورة عن تحقيق أي خطوات استراتيجية فاعلة؛ على المستوى السياسي، أو الميداني. ويأتي سقوط الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، وبقاء جنوب دمشق المحاصر وحيداً في محيط العاصمة، ليفاقم الوضع سوءاً، ويرسم خطوط "التسوية" النهائية في هذه المرحلة لصالح نظام الأسد وحلفاءه.

ميدانياً، تستمر العملية العسكرية لنظام الأسد على أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي، لليوم الثاني عشر على التوالي، في ظل تحقيق قوات النظام تقدّماً ميدانياً على محاور جورة الشريباتي في العسالي والمادنية بحي القدم، بعد سيطرتها في وقتٍ سابق على نقاط بساتين بلدة يلدا المحررة المواجهة لحي الزين في الحجر الأسود معقل "داعش" الرئيس جنوبي دمشق.

وبإنهاء قوات النظام لملف قوى الثورة في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وملف "هيئة تحرير الشام" في منطقة الريجة من مخيم اليرموك، يضيق الخناق على تنظيم "داعش" المستميت في الدفاع عن مناطقه. وتكشف المعطيات الميدانية نيّة التنظيم الاستمرار في القتال فترة من الزمن، قبل الدخول في مسار التفاوض مجدداً مع النظام. السيناريو الذي يعيد إلى الأذهان ما حصل في مدينة الرّقة السورية.

وتتجه قوات النظام في إطار إضعاف التنظيم وقدراته، الى محاولة خنقه في بقع جغرافية صغيرة، عبر تقطيع أوصال المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش"، وقطع طرق إمدادها عما تبقى من مواقع التنظيم في العسالي والمادنية، بغية دفع التنظيم للانسحاب كليّاً من المنطقتين، في المحور الغربي. أما شرقاً فالمليشيات ستعمل بعد تسلّمها خط التماس بين يلدا واليرموك، إلى تكثيف الضغط على محور حي الزين، كما يتوقع أن تعمل على فتح محور من شارع الثلاثين. وإن استطاعت قوات النظام تحقيق تقدّم ميداني في شارع الثلاثين فستفصل مخيم اليرموك عن الحجر الأسود.

وفي خضم المعركة العسكرية يواجه مدنيو اليرموك ومحيطه مصيراً مجهولاً، مع استمرار عملية تدمير عاصمة الشتات الفلسطيني، وتحويل الحي المحاصر إلى أطلال، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية في أعداد رافضي النزوح من المخيم إلى الأحياء المجاورة، في حال تعرّض الملاجئ والأقبية التي يعيشون فيها للقصف الروسي والسوري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها