الأحد 2018/04/29

آخر تحديث: 16:55 (بيروت)

مصر:حزب جديد للدولة..والسيسي

مصر:حزب جديد للدولة..والسيسي
Getty ©
increase حجم الخط decrease

بدأت نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي، تترجم إلى أفعال في مصر، إذ يجري التحضير بشكل موسع لإنشاء "حزب دولة" جديد، يكون يد السلطة الضاربة في المؤسسات التشريعية.

وأظهر الاقبال الضعيف على التصويت في اليومين الأولين للانتخابات، حالة "الفراغ السياسي" التي يعاني منها النظام المصري منذ 30 يونيو/حزيران 2013، في ظل غياب ظهير سياسي شعبي يتولى الحشد والتربيط له في الانتخابات، وبناء شبكة شعبية تكون مصالحها مرتبطة بالنظام للتبشير بأفكاره وترويجها، بعيداً من الاعتماد على الصورة الذهنية المرسومة بعناية للسيسي كبطل مخلص، خصوصاً مع تراجع شعبيته على وقع القرارات الاقتصادية التي يعاني منها المصريون وزادت وتيرتها مؤخراً.

في الاونة الاخيرة نشط بعض أعضاء مجلس النواب المصري البارزين وقيادات ائتلاف "دعم مصر"، صاحب الأغلبية النيابية، في اتصالات لتشكيل حزب سياسي جديد يضم مؤيدي السيسي، بعد تراجع فكرة تحول الائتلاف النيابي إلى حزب.

ويضمن ائتلاف "دعم مصر" الغالبية النيابية في مجلس النواب، بالنظر إلى عدد أعضائه الـ370 من جملة أعضاء المجلس البالغ عددهم 596 عضواً، ممثلين لستة أحزاب: "مستقبل وطن، والمؤتمر، والشعب الجمهوري، ومصر الحديثة، وحماة الوطن، ومصر بلدي"، بينهم 216 نائباً غير حزبي، وعدد من النواب المعينين، ويبلغ عددهم 7.

أهداف تشكيل حزب سياسي عديدة، أبرزها ضبط عملية التصويت داخل البرلمان، وفرض السيطرة على النواب بشكل أكبر، والعمل في الشارع كرافعة سياسية للرئيس، لتلافي الخلل المفاجىء أثناء مناقشة بعض التشريعات المهمة داخل البرلمان، كما جرى في قانون الخدمة المدنية، ولفرض التزام حزبي أكبر على النواب، ما يضمن ويعطي سلاسة أكبر في إدارة البرلمان.

مصطفى بكري، النائب في البرلمان، وأحد الناطقين غير الرسميين باسم النظام، تحدث في تصريحات إعلامية مؤخراً "عن ولادة حزب سياسي جديد للدولة المصرية يكون ذراعاً سياسياً للدولة يصل إلى الحارة والشارع"، وهي تصريحات تتطابق مع ما قاله العديد من قيادات البرلمان وقيادات الائتلاف النيابي "دعم مصر".

محاولات الحكومة المصرية لإنشاء حزب جديد تصطدم بحالة الفراغ والانسحاب السياسي التي فرضتها السلطة في مصر، حيث لا وجود للحياة السياسية بمفهومها البسيط، بغياب الأحزاب والحركات السياسية المؤيدة والمعارضة معاً، فالمعارضة مطاردة ومهددة بإجراءات أمنية عنيفة، وأركان الموالاة ليس لديهم القدرة على الحركة وإدارة المشهد السياسي، الذي تهيمن عليه الأجهزة والمؤسسات الأمنية، وهو ما قد يمهد لفشل محاولة النظام لاستنساخ "الحزب الوطني" مرة أخرى.

صراعات الأجهزة وتنافسها على السيطرة على الكيان الجديد، يهدد بتفجيره قبل ولادته، حيث تتصادم رغبات الأجهزة في السيطرة على مفاصل الحزب الجديد والدفع برجالاتها في مواقعه القيادية، خصوصاً مع دخول أجهزة أخرى على المشهد السياسي في مصر، كالرقابة الإدارية التي يتصاعد نجمها مؤخراً، بعد إسناد ملف تطوير مبنى الإذاعة والتلفزيون إليها، والذي كان مساحة خالصة لوزارة الداخلية.

صراعات السيطرة على الكيان الوليد، تعيد التذكير بصراعات إعداد القوائم الانتخابية لانتخابات مجلس النواب الحالي، والتي شهدت العديد من الانسحابات والاحتجاجات، وأجلت إعلان القوائم النهائية للانتخابات مرات عديدة، قبل أن يتم حسم الأمر في النهاية.

المجال العام هو أحد أبرز الملامح الرئيسية لولاية السيسي ونهجه في الحكم، وبحسب تعبيره في افتتاح حقل ظهر للغاز الطبيعي 31 يناير/كانون الثاني 2018، قال السيسي "أنا مش سياسي بتاع الكلام" وهو حديث يمكن التقاط ما يرمي إليه دون احتياج إلى كثير من التأويل.

مساعي إنشاء حزب سياسي داعم للسيسي، تتلاقى مع تصريحات سابقة للسيسي أيضاً. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، دعا الرئيس المصري الأحزاب السياسية إلى الاندماج معا وتشكيل 10 أحزاب، عوضاً عن العدد الكبير للأحزاب السياسية المصرية والذي يتجاوز 100، ومعظمها غير مؤثرة وغير قادرة على المنافسة وصناعة الفارق في الاستحقاقات السياسية، وهو ما يؤكد التوجه الحكومي لهندسة الحياة السياسية وتفصيلها، وتوزيع الأدوار على الموالاة والمعارضة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها