الأربعاء 2018/04/18

آخر تحديث: 11:51 (بيروت)

ماذا يحدث في ريف حمص الشمالي؟

الأربعاء 2018/04/18
ماذا يحدث في ريف حمص الشمالي؟
يسود هدوء حذر على جبهات الريف الشمالي المحاصر (انترنت)
increase حجم الخط decrease
عُقِدَ اجتماع لهيئة التفاوض في مدينة الرستن، الثلاثاء، لدراسة طلب روسي وصلها منذ يومين. وتوافقت كتل ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، على تشكيل وفد عسكري موحد، للتفاوض مع الجانب الروسي. المعارضة اشترطت وقف قصف المنطقة، بكافة الاسلحة، قبل بدء التفاوض، وهذا ما وافق عليه الجانب الروسي. ويُعقد، الأربعاء، اجتماع بين الطرفين، لبحث مصير ملف المنطقة.

ويسود هدوء حذر على جبهات الريف الشمالي المحاصر، الأربعاء، بعد تصعيد عنيف شهدته الأيام القليلة الماضية. وكانت المعارضة المسلحة في ريف حمص المشالي وريف حماة الجنوبي قد شنّت الثلاثاء هجوماً معاكساً ضد مليشيات النظام، على محور قرية قبة الكردي. وسيطرت المعارضة على كافة الحواجز المحيطة بالقرية، خلال أقل من ربع ساعة، ما تسبب بقصف جنوني من قبل قوات النظام على كافة الطرق والقرى المحيطة. التخبط الكبير في صفوف قوات النظام، بعد هجوم المعارضة المباغت، تسبب بتنفيذ الطيران الحربي التابع للنظام لغارتين بالخطأ على حواجز لقوات النظام. المعارضة تابعت تقدمها وسيطرت على قرية قبة الكردي بالكامل، وحاولت ليل الثلاثاء/الأربعاء اقتحام قرية تل الذرة، وسط انهيار في صفوف المليشيات الموالية، وحركة نزوح من القرى الموالية للنظام القريبة من المعارك إلى مدينة سلمية.

وتعرضت منطقة ريف حمص الشمالي منذ صباح الأحد لحملة عسكرية غير مسبوقة، شنتها مليشيات موالية للنظام وإيران، مدعومة بغطاء جوي كثيف من قبل الطيران الحربي التابع للنظام، وتغطية مدفعية وصاروخية كثيفة استهدفت كامل الريف الشمالي والطرق الواصلة بين مدن وبلدات الريف المحرر. وتركز القصف بشكل عنيف على بلدات القنيطرات ودير فول وعز الدين والحمرات والقنطرة.


(المصدر: LM)

الحملة العسكرية المفاجئة لمليشيات النظام هدفت للسيطرة على قرى في ريف حماة الجنوبي والشمالي، من جهة الشرق، والواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة منذ العام 2012. وتمكنت المعارضة من صدّ الهجوم وتكبيد القوات المتقدمة خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد، ما أدى لانسحابها.

رئيس غرفة عمليات المعارضة المقدم طلال منصور، قال لـ"المدن": "حاولت المليشيات الموالية للنظام بالتعاون مع مليشيات تابعة لإيران التقدم من أربعة محاور في ريف حماة الجنوبي؛ قبة الكردي، وسليم، والقنطرة، والحمرا، مدعومة بغطاء كثيف من الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ التي كانت تمهد الطريق أمام هذه القوات باتباع سياسة الأرض المحروقة". وقد قام مقاتلو ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي بالتصدي لهذه الحملة بتعاون وتنسيق عالي المستوى، واجبروا القوات المتقدمة على التراجع بعد تكبيدها خسائر فادحة بالعتاد؛ وتم تدمير أربع دبابات وقاعدة مضاد مدرعات، والسيطرة على بيك أب مثبت عليه رشاش 14.5 مم، إضافة لعدد كبير من القتلى والجرحى  الذين سقطوا أثناء عملية الصد".

وترافق التصعيد العسكري للمليشيات، مع محاولة تقدم لقوات النظام باتجاه المزارع الشرقية لمدينة الرستن، من جهة بيت الري وتلة رية. وباءت هذه العملية بالفشل أيضاً، بسبب تصدي فصائل المعارضة و"غرفة عمليات الرستن" المشكلة حديثاً للمحاولة.

وطال القصف مناطق المدنيين في أغلب قرى وبلدات الريف، ما تسبب بوقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال. وتسبب قصف المليشيات بمجزرة في قرية الزعفرانة، مساء الثلاثاء، سقط فيه ثمانية قتلى وأكثر من أربعين إصابة. ورافق القصف العنيف نزوح لأهالي تلك القرى والبلدات باتجاه عمق الريف.

رئيس المجلس المحلي في مدينة الرستن المحامي أحمد العبدالله، قال لـ"المدن": "في ظل الحصار المفروض على المنطقة، والنقص الكبير في المواد الغذائية والطبية، وضعف الإمكانيات المتوفرة، فقد حاولنا بالوسائل المتاحة تأمين المأوى والغذاء للنازحين من القرى والبلدات القريبة من مناطق الاشتباك".

ولم يشهد ريف حمص الشمالي، أي تصعيد عسكري، بهذا الحجم، منذ توقيع اتفاقية أستانة الذي أدخل المنطقة ضمن مناطق "خفض التصعيد".

مصادر مقربة من هيئة التفاوض لريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، أكدت لـ"المدن"، أن الهيئة أرسلت رسالة عاجلة للحكومة التركية للتدخل، ووقف القصف، تنفيذاً لاتفاقية أستانة، كونها من الدولة "الضامنة" لمسار أستانة.

وفي ظل هذا التصعيد، كشفت مصادر في هيئة التفاوض، عن بنود المبادرة التي يقودها رجل الأعمال فراس طلاس، بخصوص المنطقة، والتي حصلت "المدن" على نسخة عنها. ومن أهم البنود: "فتح قناة اتصال جديدة عبر لجنة مشتركة بين روسيا ممثلة بقاعدة حميميم وأهالي ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، تمثلهم القيادة الموحدة لجيش المنطقة الوسطى، والذي شُكّل مؤخراً من كبرى فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة. وبعدها تقوم هذه اللجنة بإقرار وقف إطلاق نار كامل بين الطرفين، تكون روسيا ضامناً للنظام والقوات الموالية له، والقيادة ضامنة للفصائل المتواجدة ضمن المنطقة".

كما تتضمن المبادرة بنداً لإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام، وبنداً آخر يتم "العمل فيه على إيجاد آلية لاستصدار عفو عن كافة المطلوبين أمنياً من أبناء المنطقة".

ولم ترد لجنة تفاوض الريف، بشكل رسمي، على مبادرة طلاس، ولكن تتم دراستها.

ويتخوف أهالي الريف المُحاصر، من مصير مشابه لما آلت إليه الأوضاع في الغوطة الشرقية، في ظل خذلان المجتمع الدولي للشعب السوري وعدم التدخل لحماية المدنيين. تركيا، لم ترد بعد، بشكل واضح ورسمي، على مقترح هيئة المفاوضات، بنشر نقاط مراقبة تركية في المنطقة. وكان من المتوقع أن يأتي الرد بعد الاجتماع الثلاثي لرعاة أستانة في أنقرة، في 4 نيسان.

وما يزيد مخاوف أهالي المنطقة، أن مقومات الصمود التي كانت المعارضة تمتلكها في الغوطة الشرقية، ليست موجودة في ريف حمص الشمالي. الأمر الذي قد يدفع لتقبل فكرة مبادرة ما للحل السلمي، وتجنب وقوع الحرب.

القائد العسكري لـ"حركة تحرير وطن"، وعضو مجلس القيادة الموحدة في الريف، الرائد علي أيوب، قال لـ"المدن": "وضع ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي يختلف كلياً عن وضع الغوطة من الناحية العسكرية، وإن تفوقت الغوطة علينا بنوع السلاح، ولكن ليس لدينا في الريف الخلاف بين الفصائل كما كان الأمر في الغوطة. بل وعلى العكس من ذلك تماماً، لم يحصل في منطقتنا أي اقتتال داخلي بين الفصائل الفاعلة على الأرض، ولدينا غرفة عمليات موحدة تعمل بتنسيق عالٍ لحماية الجبهات وسد الثغرات، إن وجدت، وقد تشكل مؤخراً جسماً جامعاً لكبرى الفصائل تحت مسمى القيادة العسكرية المشتركة للمنطقة الوسطى، الأمر الذي يساعد كثيراً في تغيير موازين القوى على الأرض".

أيوب قال: "الهجمة الأخيرة ليست إلا حملة معدة مسبقاً لدعم الحرب الإعلامية الكبيرة التي يمارسها النظام والمليشيات الموالية لتحقيق أي مكاسب سياسية على حساب المنطقة، مستغلين ما حققوه في الغوطة". وأضاف أيوب: "ندرك بشكل واضح أن القوات المشاركة في هذه الهجمة تدور في فلك إيران، من الدفاع الوطني والحرس الثوري الإيراني، كما لاحظنا عدم مشاركة الطيران التابع لروسيا".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها