الأربعاء 2018/04/11

آخر تحديث: 16:09 (بيروت)

نحو مواجهة أميركية روسية؟

الأربعاء 2018/04/11
نحو مواجهة أميركية روسية؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease

يحبس العالم أنفاسه وهو يتابع التطورات المتسارعة بشأن استعداد الولايات المتحدة وحلفائها للرد على هجوم دوما الكيماوي، في مشهد يذكّر بأزمة "خليج الخنازير" في البحر الكاريبي العام 1962، حين كان العالم على مسافة دقائق من وقوع كارثة نووية بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

وتأتي هذه التطورات في سياق التوتر المتصاعد في العلاقات بين روسيا والغرب عموماً، والولايات المتحدة، على وجه الخصوص. وهي تثير كماً هائلاً من التساؤلات والتوقعات حول الضربة المرتقبة، التي تعلن الولايات المتحدة وحلفاؤها عن نيتهم بتوجيهها إلى قوات النظام السوري، بعدما حمّلوه المسؤولية عن مجزرة الكيماوي في دوما.

الفيتو الأخير، الذي استخدمته روسيا في مجلس الأمن الدولي، واللهجة الحادة، التي استخدمها مندوبها في التهجم على الغرب، دفاعاً عن النظام السوري، لم يخفض من كمية التساؤلات حول ردة الفعل الروسية المحتملة على الضربة المتوقعة إلى النظام السوري، وما ستكون عليه ردة الفعل هذه. فلم تترجم روسيا لهجتها الحادة والفيتو في مجلس الأمن الدولي إلى رد عسكري على القصف الأميركي لقاعدة خان شيخون السورية في نيسان/أبريل العام الماضي، كما تهدد الآن في الرد على الضربة الغربية القادمة. بل إن روسيا بقيت صامتة، صمتاً شبه مطبق، حيال مقتل المئات من المرتزقة الروس في شباط/فبراير الماضي في ديرالزور تحت قصف الطيران الأميركي.

يتساءل المراقبون، بمن فيهم الروس، عن المتغير في الوضع الراهن، الذي جعل روسيا تهدد بالرد على الضربة الأميركية المقبلة للنظام السوري "رداً قاسياً وغير متوقع"، وتحذر الغرب من "حرب عالمية ثالثة"، رداً على "مسرحية" كيماوي دوما، على ما كتبت وكالة نوفوستي قبل يومين. ونقلت الوكالة عن ممثل روسيا الدائم في الإتحاد الأوروبي، أن روسيا قد حذرت الولايات المتحدة رسمياً، من خلال القنوات المناسبة، بما فيها العسكرية، من "تلك العواقب الجدية التي يمكن أن تحدث في حال توجيه الولايات المتحة ضربات إلى سوريا، وإذا ما تعرض مواطنون روس أثناء هذه الضربات للأذى. كما تذكّر الوكالة بما جاء على لسان ممثل روسيا الدائم في الأمم المتحدة، أن روسيا أبلغت الجانب الأميركي بأن "العمليات العسكرية، تحت حجج كاذبة ضد سوريا، التي يتواجد فيها عسكريون روس، بدعوة من الحكومة الشرعية، بوسعها أن تؤدي إلى أفدح العواقب".

في مقالة بعنوان "شبح الحرب العالمية الثالثة"، ينقل موقع "Newsader" المعارض عن مقالة في صحيفة أميركية من أن روسيا "لا تخادع"، حين تهدد بالدفاع عن عسكرييها في سوريا، لاسيما وأن أجهزة دعايتها تردد، بأن روسيا لن تتمكن هذه المرة من البقاء جانباً.

ويقول الموقع، إنه من غير المفهوم لماذا لا يستطيع بوتين الصمت مجدداً، والبقاء جانباً كما في السابق، لاسيما وأن جل ما يستطيع تقديمه "لشقيقه الكيماوي"، هو زاوية لطائراته في قاعدة حميميم، التي لا تضمن، برأيه، الحماية من الضربات الأميركية. فأجهزة الدفاع الجوي الروسية يسهل تخطيها من قبل الطائرات الأميركية غير المرئية، وواشنطن غير راغبة في التحقق من مدى استعداد موسكو لاستخدام الصواريخ النووية.

ويرى الموقع، أن الخيارات ليست كثيرة أمام موسكو عسكرياً واقتصادياً. لكنه بوسعها، بالطبع، استغلال مواقع ضعف أميركية حول العالم، إلا أنها سرعان ما ستتلقى الرد المناسب في المجالين الإقتصادي والعسكري من قبل معسكر الناتو ككل. وهي لا تملك ما يكفي من موارد لخوض حرب طويلة الأمد ضد الماكينة الأوروبية الأطلسية الحديثة والغنية والمنظمة والمسلحة بنقنيات عالية. ولذلك يبقى الرد النووي، هو السلاح الوحيد في ترسانة روسيا، الذي يذكر به قادة الكرملين دائماً، كما في المرة الأخيرة، حين تحدث الرئيس فلاديمير بوتين، في رسالته إلى البرلمانيين الروس، عن صواريخ غير موجودة ذات محركات ذرية.

ويتفق موقع "NG"، الذي يدور في فلك الكرملين مع استنتاجات الموقع أعلاه. فقد علق الموقع على أحداث "الإثنين الأسود" في 9 نيسان/أبريل الحالي، حين انهارت أسهم الشركات الروسية في البورصات العالمية وبورصة موسكو أكثر من 7 في المئة، وخسر أوليغارشيون روس أكثر من 12 مليار دولار في يوم واحد، وبدأ الروبل رحلة انخفاض متواصل أمام الدولار واليورو. وكان "الإثنين الأسود" هذا قد حدث تحت تأثير العقوبات الأميركية الأخيرة على عدد من كبريات الشركات الروسية وكبار الأوليغارشيين الروس.

وقد كتب موقع "NG" في تعليق له على "الإثنين الأسود"، مقالة بعنوان "أميركا تملك سلاحاً أقوى من سلاح سارمات وبوريفسنيك"، اللذين أعلن عنهما بوتين في رسالته الأخيرة إلى البرلمانيين الروس. يقول الموقع، إن لدى أميركا سلاح آخر غير خوض المعارك الحربية وبلوغ حافة النزاع النووي الشامل، فهي بوسعها خنق موسكو بالعقوبات الإقتصادية.

ويضيف الموقع، إن أحدث الصواريخ الروسية وأحدث وسائل حرب الإتصالات الإلكترونية تقف عاجزة أمام هذه العقوبات. فهذا السلاح، ومن خلال إفلاس مصنع الدبابات الرئيسي في البلاد، بوسعه القضاء على كل الآليات المصفحة الروسية، وهي الأفضل في العالم، مثل دبابة "أرماتا" وسواها. والأمر عينه يمكن قوله عن أي مصنع آخر ينتج أي نوع من أنواع السلاح.
من الطبيعي، أن جميع المواقع الروسية معارضة وموالية، إضافة إلى متابعة أنباء انهيار العملة الروسية، منهمكة هذه الأيام بمتابعة تطورات الضربة الأميركية الغربية القادمة لسوريا، وما إن كانت ستتطور إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وأميركا، تنطوي على مخاطر كارثة نووية. ويقول موقع "Newsader" في هذا الصدد، بأننا سنعرف في الأيام القريبة القادمة مصير البشرية، وما إن كان الأميركيون سيكتفون بعرض الحزم من أجل الحصول على تنازلات دبلوماسية من جانب الكرملين-الأسد، أو أنهم يستعدون لنزاع دولي كبير؟

لكن تصريح ترامب الأخير، الذي يدعو فيه روسيا لتكون مستعدة لضربات صاروخية على سوريا، يظهر أن خيار الأميركيين قد حسم لصالح النزاع المحدود، الذي يسعى للحصول على "تنازلات دبلوماسية" من الكرملين والأسد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها