الثلاثاء 2018/04/10

آخر تحديث: 12:07 (بيروت)

دوما:روسيا ترسل "عراب المصالحات" زورين كـ"خبير كيماوي"!

الثلاثاء 2018/04/10
دوما:روسيا ترسل "عراب المصالحات" زورين كـ"خبير كيماوي"!
رعب لا يمكن وصفه (Getty)
increase حجم الخط decrease
دخل "عراب اتفاقيات دمشق وريفها" الكولونيل الروسي ألكسندر زورين، إلى دوما في الغوطة الشرقية، الإثنين، لمعاينة المكان المستهدف بالغازات الكيماوية في مدينة دوما، والتي تسببت بمقتل نحو 150 مدنياً، وإصابة 1000 آخرين، ورافقه عدد كبير من أفراد الشرطة الروسية.

عضو المكتب السياسي لـ"جيش الإسلام" ياسر دلوان، قال لـ"المدن"، إن "زيارة زورين بناء على طلبه الدخول إلى دوما والالتقاء مع الأهالي والمصابين والاستماع إلى إفاداتهم"، مشيراً أن الضابط الروسي أخذ معه عينة من مكان الواقعة.

وعلى عكس عشرات الوثائق والشهادات الطبية والمدنية التي تؤكد استخدام النظام غازاً ساماً في قصف دوما، السبت، جاء تصريح "القناة المركزية لقاعدة حميميم" عقب زيارة زورين أن "التحقيقات التي أجراها الخبراء العسكريون الروس في مدينة دوما أثبتت غياب أي آثار لاستخدام سلاح كيماوي".

مصدر محلي قال لـ"المدن" إن دخول ضابط روسي رفيع المستوى إلى مكان مجزرة الكيماوي دون مرافقة فرق مستقلة متخصصة في الكشف عن الغازات، هو محاولة من الروس لإخفاء معالم الجريمة وتشويه للحقائق، معتبراً أن منع نظام الأسد وحليفه الروسي لدخول فرق مستقلة هو إدانة إضافية تضاف إلى عشرات الصور والفيديوهات والشهادات الطبية والمدنية التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك وقوع مجزرة الكيماوي ومقتل وإصابة مئات المدنيين فيها.

ولا تزال قائمة ضحايا مجزرة الكيماوي، ليل السبت، في مدينة دوما تسجل المزيد من الأسماء، بعد تمكن المدنيين وفرق الدفاع المدني من تفقد الأحياء السكنية والأقبية القريبة من الضربة.
الدفاع المدني وثق حتى يوم الأحد مقتل 40 مدنياً، نتيجة تعرضهم للاختناق بالغازات السامة، وإصابة مئات المدنيين بحالات اختناق متفاوتة الخطورة. مصادر طبية في دوما قالت لـ"المدن" إن عدد الضحايا تجاوز 150 مدنياً، وأكثر من 1000 جريح، في حصيلة غير نهائية حتى الآن.

وسبق المجزرة الكيماوية، قصف لمرتين بالمواد الكيماوية، السبت، إلا أن الضربة الثالثة القاتلة حدثت الساعة 7:44 من مساء السبت.

مصدر مدني قال لـ"المدن": "خرجت صباح الأحد بعد هدوء القصف حتى أطمئن على أفراد عائلتي، وعند خروجنا وجدنا جثثاً مرمية في الطرقات لا تبدو عليها علامات إصابة جسدية، ووقتها علمنا أن الأسد قصفنا بسلاح كيماوي". وأضاف: "تجولت في مدينة دوما لأتفقد أفراد العائلة، ما تبقى من أبنية سكنية في مدينة دوما تم تدميرها خلال يومين داميين، ولحظة وصولي إلى أحد الأقبية، حيث يتواجد فيها مجموعة من أقربائي وجدت جثثاً على باب القبو، وعشرات الجثث بينهم أطفال ونساء داخل الأقبية".

مصدر آخر قال لـ"المدن" إن "عائلات بأكملها قضت في ضربة الكيماوي" مشيراً إلى أن "عدداً كبيراً من الضحايا تم اكتشافهم بعد ساعات على وقوع المجزرة".

أحد كوادر الدفاع المدني في مدينة دوما، وأحد الشهود على مجزرة الكيماوي، قال لـ"المدن": "الاستهداف كان لأحياء سكنية يقطنها مدنيون، وقريباً من نقطة طبية". وقال إن "عناصر الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول إلى مكان الاستهداف، فور وقوع الحادثة، نتيجة شدة القصف على فرق الدفاع المدني"، مشيراً أن كوادرهم تعرضت لأكثر من 18 غارة جوية في المكان ذاته، وفقدوا إحدى آلياتهم.

وأضاف: "انسحبنا من المكان وعدنا إليه في حدود الساعة الثامنة مساء، وأسعفنا بعض المصابين، وحاولنا الرجوع لسحب الضحايا من المكان ولكن النقطة الطبية القريبة من مكان الاستهداف منعتنا، وقالوا يجب ترك الضحايا الذين فارقوا الحياة بعيدين عن المصابين خوفاً من تأثير الغازات العالقة في ثيابهم على المصابين في النقطة الطبية". وبحسبه، فقد تم انتشال الجثث عند الساعة السادسة من صباح الأحد.

ولم تتمكن فرق الإنقاذ من الدفاع المدني والهلال الأحمر من إنقاذ إلا عدد محدود من المصابين، لأن معظم الطرق غير سالكة، فضلاً عن تعرض نقطة الهلال الأحمر وآلياته للقصف وخروجها عن الخدمة، بحسب ما صرح به مصدر من الهلال الأحمر لـ"المدن"، فضلاً عن خروج نقاط طبية أخرى. مصادر طبية ومدنية قالت إن عدداً من المصابين اتجهوا إلى النقطة الطبية القريبة مشياً على الأقدام، بعضهم تمكن الوصول إلى النقطة الطبية، وآخرون تساقطوا على أدراج الأقبية، ووصولاً إلى الطرقات.

وقال: "حاول البعض اسعاف أنفسهم، بعضهم مات خنقاً في مكانه، وبعضهم على أدراج الأقبية، وبعضهم أمام المبنى، وبعضهم على بعد أمتار من خروجه في الطرقات"، وأضاف: "منظر لا يمكن وصفه".

ووقعت عملية الكيماوي بعد 27 ساعة من القصف المستمر على مدينة دوما بشتى أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وضحايا الكيماوي يضافون لأكثر من 50 قتيل مدني و350 جريحاً سقطوا منذ مساء يوم الجمعة وحتى مساء السبت، بحسب ما ذكر مصدر طبي لـ"المدن". مُسعف في إحدى النقاط الطبية قال إن "حالات الاختناق بالكيماوي بدأت تصل إلى النقطة بعد 27 ساعة عمل مستمر دون توقف"، ورغم ضعف الإمكانيات وإرهاق الكادر الطبي عاودنا الاستنفار لاستقبال حالات الكيماوي.

وأضاف المسعف: "في مكان مناوبتي وصلتنا 70 حالة اختناق، وهذه الإصابات وصلت مشياً على الأقدام، فالقصف كان قريباً جداً من نقطتي الطبية"، وعن أعراض الحالات التي عاينها قال: "أعراض المصابين كانت صعوبة في التنفس، وسعال شديد، وبطء في دقات القلب، واختلاجات وهياج شديد، وتوسع في حدقات العين، على عكس ما يحدث عادة في ضربات الكلور، وسعال مدمّى (نفث دم)، وهذه أعراض نراها لأول مرة، وهو ما يرجح أن القصف بخليط من الغازات، قد يكون الكلور مخلوطاً بغاز السارين".

وبدورها قامت الكوادر الطبية في المدينة بتقديم الإسعافات الأولية، والعلاج البدائي للمصابين، حيث تم "خلع ملابس المصاب وغسله بشكل كامل بالماء، ووضعه على بخاخ موسع للقصبات، وتناوب مئات المرضى على عدد محدود من مولدات الأوكسجين"، وأضاف الطبيب المُسعف: "في نقطتي الطبية يوجد 4 مولدات أوكسجين فقط تم تناوب 70 مصاباً عليها، وبعض المصابين الأوائل كانوا محظوظين بالحصول على أدوية كالكورتيزون وأنبولات الأتروبين ولكن العشرات لم يسعفهم حظهم بالحصول على العلاج".

وتابع: "أعمل في المشافي الميدانية بمدينة دوما منذ أربع سنوات، لم أجد أصعب من هذين اليومين على الإطلاق، بعد ساعات من تقديم العلاج للمصابين بالكيماوي وقفت في ساحة النقطة أراقب عشرات المصابين متسائلاً: ماذا نفعل؟ وهل تفيد الإسعافات الأولية؟ وماذا بعد؟".

وبحسب شهود عيان من مدينة دوما فإن معظم شوارعها لم تعد سالكة، وما كان سالماً من الأبنية في الحملة الأخيرة قصفه طيران النظام في اليومين الماضيين.

وجاء قصف النظام بالكيماوي كضغط عسكري على مفاوضات "جيش الإسلام" مع الجانب الروسي، حيث كان يهدف ثوار دوما وأهلها إلى إيجاد مخرج من بند "التهجير القسري". بعد التصعيد الأخير وافق "جيش الإسلام" على توقيع تسوية مع الروس تشمل "التهجير".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها