الأحد 2018/04/01

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

خطوة السيسي التالية: تعديل الدستور وسلطة كاملة

خطوة السيسي التالية: تعديل الدستور وسلطة كاملة
Getty ©
increase حجم الخط decrease

احتاجت وسائل الإعلام المصرية دقائق قليلة، بعد بدء صدور المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية، من أجل الدعوة إلى تعديل الدستور، وفتح مدة الرئاسة وعدم قصرها على دورتين كما ينص الدستور الحالي.

وينتظر المصريون الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية للانتخابات، الاثنين، والتي اختار فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منافسه المغمور موسى مصطفى موسى، بعد أن أقصى جميع المرشحين المحتملين الجديين بالترهيب والاعتقال.

وسبقت أيام التصويت اتصالات ومحاولات مكثفة من أجهزة الدولة الرسمية لضمان حشد أكبر عدد من الناخبين، طوعاً أو إكراهاً، للعاملين في الوزارات والهيئات الحكومية، مع تهديدات رسمية للمممتنعين عن التصويت بإحالة أسمائهم إلى الأجهزة الأمنية، وهو ما زاد في عدد المشاركين في الانتخابات بشكل إجباري، وفقاً لمنشورات رسمية كثيرة منسوبة إلى عدد من الجهات الحكومية موجهة إلى موظفيها، تداولها المصريون على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

سعي الحكومة المصرية لحشد المصوتين أمام اللجان، يمكن تفسيره برغبتها في تحقيق عدد من الأهداف، أولها ما يمكن أن نطلق عليه "عقدتها" من انتخابات 2012، التي اوصلت الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم، بعد جولتين انتخابيتين شهدتا تنافساً وزخماً كبيراً، شارك فيها نحو 23 مليون مواطن، وهو السبب في إصرارها على تخطي الرقم سواء في انتخابات 2014 أو في الانتخابات الحالية.

وبحسب استقراء الوضع السياسي المصري، فإن رغبة الحكومة المصرية في حشد الناخبين تهدف إلى توظيفها والاستدلال بها على شعبية السيسي، ورغبتها في تمرير القرارات الاقتصادية المرتقبة برفع الدعم عن الطاقة، ورفع أسعار بعض الخدمات الحكومية، وتوظيفها سياسياً في تعديل الدستور وفتح مدد الرئاسة أمام السيسي، والإجهاز على ما تبقى من خصوم للسيسي في بعض أجهزة الدولة، كالاستخبارات العامة.

وأطاح السيسي، عقب 30 يونيو/حزيران، بـ3 رؤساء للاستخبارات العامة، محمد رأفت شحاتة، ومحمد فريد التهامي، وخالد فوزي، قبل أن يعين مدير مكتبه عباس كامل مديراً للاستخبارات العامة، في خطوة كانت مفاجئة للمتابعين في مصر.

ووفقاً للمعطيات المتوفرة، فإن فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية قد تشهد الإطاحة بوزير الداخلية مجدي عبدالغفار، وهي خطوة تعززت مؤخراً، خصوصاً بعد نقل تبعية جهاز الامن الوطني، صاحب السطوة، من وزارة الداخلية إلى أحمد جمال الدين، مستشار السيسي للشؤون الأمنية فعلياً، مع الإبقاء عليه تابعاً للوزارة نظرياً.

تحرش السيسي بالدستور ورغبته في تعديله عبر عنه مبكراً؛ في سبتمبر/أيلول 2015 وبعد نحو عام ونصف على وصوله للحكم، وخلال لقائه مع مجموعة منتقاة من شباب الجامعات المصرية في جامعة قناة السويس، قال السيسي، إن "الدستور كتب بنوايا حسنة، والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط".


وفي فبراير/شباط 2017، دعا النائب البرلماني إسماعيل نصرالدين، إلى تعديل الدستور ومد فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات بدلاً من أربع، وهي تصريحات أثارت جدلاً واسعاً بين المصريين، خصوصاً وأنها تطابقت مع تصريحات تالية لرئيس مجلس النواب علي عبدالعال بـ"أن هناك مواد في الدستور تحتاج لإعادة نظر لأنها غير منطقية (....) الدستور الذي يتم وضعه في حالة عدم استقرار، يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة".

معارضة تعديل الدستور وانتقاد تلك الدعوات، توّجت بتصريحات عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق بأن "مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر بتأكيد احترام الدستور لا التشكيك فيه"، قبل أن ينتهي الجدل بتصريحات لعبدالعال قال فيها، إن "تعديل الدستور غير مطروح على الإطلاق" وهي تصريحات ناقض فيها موقفه السابق.

الإعلاميون الذين يقرأون أفكار السيسي على شاشات التلفاز، عادوا للتبشير بتعديل الدستور بعد الانتخابات الرئاسية الحالية، عبر تصريحات لعمادالدين أديب، ومصطفى الفقي، وهما معروفان بعلاقاتهما القوية بأروقة السلطة العليا في مصر منذ حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك؛ ويبدو أن حملة إعلامية ممنهجة تستهدف تمهيد الأرضية الشعبية لتعديل الدستور، قد انطلقت، مع التركيز على تعديل الدستور الصيني مؤخراً لرفع قيد الفترتين الرئاسيتين والسماح بتمديد فترات الرئاسة.

وعلى الرغم من النص الصريح للمادة 226 من الدستور المصري، التي تنص على أنه "لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات"، إلا أن محاولات تعديل الدستور تجري على قدم وساق.

ولا يقتصر تعديل الدستور على فتح مدد الرئاسة فقط، بل وتكريس هيمنة حكم السيسي، ونقل صلاحيات البرلمان النظرية المنصوص عليها في الدستور إليه، وتجميع كافة خيوط العملية السياسية في يده، خصوصاً ما يتعلق بتعيين الوزراء وإقالتهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها