الأحد 2018/04/01

آخر تحديث: 13:03 (بيروت)

حرب العصابات في الصحراء السورية: خيار "داعش" الحالي

الأحد 2018/04/01
حرب العصابات في الصحراء السورية: خيار "داعش" الحالي
هجمات التنظيم تستهدف حواجز النظام والمليشيات الإيرانية (Getty)
increase حجم الخط decrease
كثّف تنظيم "الدولة الإسلامية"، في الآونة الأخيرة، من هجماته على نقاط سيطرة قوات النظام والمليشيات المساندة لها في ديرالزور، خاصة في مدينتي الميادين والبوكمال شرقي المحافظة، مكبداً تلك القوات خسائر مادية وعسكرية كبيرة، بعد اعتماده على أسلوب حرب العصابات كخيار للمرحلة الراهنة.

هجمات تنظيم "الدولة"، تأتي انطلاقاً من بادية مدينة تدمر الشمالية والشمالية الشرقية، بالإضافة لمنطقة حميمة جنوبي ديرالزور، والتي يتخذها التنظيم كمقرات له وتعتبر آخر النقاط التي يسيطر عليها في حمص والقسم الجنوبي من نهر الفرات في ديرالزور.

فارس من شبكة "ديرالزور24 الإعلامية"، قال لـ"المدن"، إن جميع هجمات تنظيم "الدولة" تستهدف حواجز قوات النظام والمليشيات الإيرانية، المتمركزة على أطراف البادية الجنوبية لمدن البوكمال والميادين والقورية. وأضاف أن تركيز التنظيم على النقاط الموجود على أطراف البادية، يأتي لسهولة الوصول إليها عبر الصحراء ولتجنب الدخول إلى عمق مناطق سيطرة قوات النظام، خوفاً من عمليات الالتفاف وقطع طرق الانسحاب والأمداد أمام مقاتليه.

وخسرت قوات النظام والمليشيات المساندة لها أكثر من 25 عنصراً على الأقل في هجمات التنظيم الأخيرة على ديرالزور، بينهم القيادي العسكري في "لواء الباقر" المدعوم إيرانياً أسعد أبو كسار، و4 أجانب من مليشيا "فاطميون" وعنصرين من "حزب الله"، قتلوا جميعاً في الهجمات على أطراف مدينة البوكمال بالقرب من الحدود السورية العراقية.

ويتبع تنظيم "الدولة" في عملياته الهجومية ضد نقاط قوات النظام، نمطاً قتالياً يناسب قدراته العسكرية، يتمثل في الهجوم المباغت على النقاط المستهدفة، عبر مجموعات عسكرية صغيرة مرنة سريعة التحرك، مستفيداً من الدافع الشخصي لدى مقاتليه بالانتقام، ما يعطي تلك الهجمات نوعاً من التوازن في ميزان القوة بين الطرفين؛ الضعيف والقوي عسكرياً.

النمط القتالي الذي يعتمد عليه التنظيم مؤخراً في ديرالزور، استمر مع بعض التكتيكات العسكرية القديمة لديه والتي أثبتت فاعليتها، كالهجوم الليلي والهجوم أثناء العواصف الغبارية، ما قوّض ثقة قوات النظام، ومكن التنظيم من التحرك بسهولة كبيرة، خاصة مع عدم قدرة سلاح الجو على تحقيق أي فارق عسكري في مثل هذه الظروف.

مساعي تنظيم "الدولة" في المرحلة  الحالية بعد انهياره في سوريا والعراق، تتجه إلى تجميع مقاتليه داخل الصحاري الممتدة بين محافظتي حمص وديرالزور باتجاه الحدود العراقية، أضافة لصحراء العراق الغربية وتحديداً في وادي غدق ووادي الحسينية وصحراء بلدة راوه، في حالة مشابهة لحالة التجميع التي أتبعها التنظيم في صحراء الأنبار، بعد سحقه على يد العشائر والصحوات في العراق عام 2007.

وبحسب معلومات حصرية حصلت عليها "المدن"، فالتنظيم أعد معسكرات ومقرات سرية داخل تلك المناطق، بينها منشآت تحت أرضية وشبكة أنفاق داخل بعض الأودية وفي سفوح بعض الجبال والتلال، لتجنب إي عمليات قصف جوي تطال مقاتليه في تلك المناطق.

لجوء التنظيم إلى الصحاري بعد حالة الانهيار الكبيرة التي عاشها، تُحتم عليه الاعتماد على استراتيجية حرب العصابات كخيار وحيد في المرحلة المقبلة، بالرغم من إدراك قادته بأن هذه الاستراتيجية لا يمكن الاستمرار فيها لفترة طويلة، خاصة مع احتمالية تخلي مقاتليه عن الاستمرار في المواجهة وتفضيل الاستسلام أو الهرب.

لكن التنظيم يملك مقومات كثيرة تساعده على ممارسة حرب العصابات، أولها المعرفة الجيدة بالأرض والطبيعة الجغرافية خاصة داخل الصحاري والبوادي المفتوحة، ما يساعده على تشكيل مجموعات تعمل على استغلال الأرض في المواجهات العسكرية، عبر شّن هجمات خاطفة ونصب كمائن متفرقة، ثانياً القدرة على التخفي، فالتنظيم يعتمد على مقاتلين من التركيبة السكانية ذاتها في المناطق التي ينشط بها، لا يختلفون من حيث الشكل والملامح واللهجة والزي، مما يمنحهم القدرة على التخفي بين السكان.

كما تعتبر شبكة العلاقات الاجتماعية التي يؤمنها وجود عناصر مع التنظيم من خلفيات عشائرية ذات بعد اجتماعي، عاملاً يساعد في تنفيذ هجمات وحرب عصابات، بالأضافة لتأمين الإيواء في حال المطاردة الأمنية للعناصر، كما تعتبر ميزة وجود مقاتلين أجانب وتوفر سلاح الانتحارين لدى التنظيم، مقومات إضافية تجعل من حرب العصابات خيار ممكن وفعال لدى التنظيم في هذه المرحلة.

لجوء تنظيم "الدولة" إلى حرب العصابات يعتبر خياراً لا بديل عنه في المرحلة المقبلة، وفي حال فشل التنظيم في مواصلة هذه الحرب فسينتهي عسكرياً، بسبب استنفاذ البقية المتبقية من مقاتليه وكذلك مصادر تمويله وشبكة علاقاته، لتبدأ بعدها معركة القضاء على التنظيم فكرياً، وهي الأكثر صعوبة من القضاء عليه عسكرياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها