الجمعة 2018/03/09

آخر تحديث: 13:55 (بيروت)

عشائر الغوطة الشرقية: عرابو التفاوض مع النظام؟

الجمعة 2018/03/09
عشائر الغوطة الشرقية: عرابو التفاوض مع النظام؟
يُذكر ذلك بمشهد مماثل لما حصل في أحياء دمشق الشرقية؛ قابون وبرزة (Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد هدوء نسبي لساعات، عادت الغوطة الشرقية لتشهد تصعيداً عسكرياً عنيفاً، وقصفاً جوياً وصاروخياً، تزامناً مع ادخال الأمم المتحدة لمساعدات إنسانية إلى مدينة دوما. وكان الطيران الحربي قد غاب عن سماء الغوطة، بسبب الاوضاع الجوية المتردية وسرعة الرياح، وسط أنباء عن عقد مفاوضات "من تحت الطاولة"، حول مصير مدن وبلدات الغوطة الشرقية.

ويأتي ذلك بعد هجمات شنتها فصائل المعارضة المسلحة على محاور متعددة في الغوطة الشرقية، استطاعت خلالها التقدم في محاور بيت سوى وبساتين الأشعري وجبهة الريحان في محيط دوما، وبساتين حرستا من جهة الطريق الدولي دمشق-حمص.

وقال ناشطون في الغوطة الشرقية، لـ"المدن"، إن قوات النظام بدأت صباح الجمعة، عمليات اقتحام برية لبلدة مديرا، من جهة طريق مسرابا الذي فرضت عليه سيطرة نارية، عقب انسحاب مجموعات تابعة لـ"فيلق الرحمن" منه. ويكون النظام بذلك قد شطر الغوطة نارياً، إلى قسمين، مع وجود بعض الثغرات والطرقات العسكرية بين القسمين، وهو ما أكدته وكالة "رويترز"، ليل الخميس/الجمعة، نقلاً عن مصادر من قوات النظام.

وقال مصدر عسكري من قوات النظام، لـ"المدن"، إن المفاوضات التي يرعاها التاجر محي الدين المنفوش، قد نجحت بقبول دخول قوات النظام بلدة مسرابا من دون قتال، مشيراً إلى إمكانية الدخول خلال وقت قريب، كي تلتقي مع مجموعات أخرى يُفترض أن تبدأ عملاً عسكرياً من محور "إدارة المركبات" في حرستا وصولاً إلى بلدة مديرا.


(المصدر: LM)

وأكدت مصادر خاصة، لـ"المدن"، أن المنفوش أبلغ المقربين منه، والعاملين معه من أهالي البلدة، بعدم الخروج منها في حال دخول قوات النظام، والاكتفاء بالقول إنهم كانوا دروعاً بشرية لدى "الجماعات المُسلحة"، وإنهم بقوا بناءً على اتفاق المنفوش مع النظام لدخول البلدة بسلام، من دون قتال.

وتستمر فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، بـ"المراوغة إعلامياً"، ونفي تقدم قوات النظام، ونفي حدوث مفاوضات مباشرة مع النظام وروسيا حول مسألة إيقاف المعارك والخروج من الغوطة الشرقية، وسط تصريحات مستمرة عن صمودها وبقائها وتقدمها على حساب النظام في محاور متعددة. ويأتي ذلك في ظل حديث متواصل للنظام عن مفاوضات مع وجهاء مدنيين، داخل الغوطة الشرقية، وفتح معبر آخر لـ"الخروج الآمن" من منطقة جسرين، مع تأكيدات عن تجهيز معبر ثالث من جهة مدينة حرستا بإشراف روسي مباشر.

مصدر مطلع على سير عمليات التفاوض من الجانب الروسي، أكد لـ"المدن"، أن الخلافات بين القائمين على العمل العسكري من جهة النظام، في الغوطة الشرقية باتت سيدة الموقف، إذ ما زال بعض القادة في قوات النظام يرفضون منذ أكثر من 10 أيام، أية عملية خروج للمدنيين باتجاه دمشق او الشمال السوري، قبل الانتهاء من عملية تقطيع الغوطة الشرقية.

قائد عسكري رفيع المستوى من قوات النظام، كان قد قال للروس، إنه "لن يمنع مجموعاته من إطلاق النار في حال خروج أي مدني"، مُبرراً ذلك بأن "الجيش السوري يسعى لتحقيق نصر في أكبر قلاع الثورة السورية"، وتحقيق حسم عسكري قبل البدء بأي عملية تفاوض. وأكد ذلك القائد العسكري أن "الحُلفاء الإيرانيين" سيقفون إلى جانب "التشكيلات السورية الموالية لتطبيق هذا التقسيم، وإلغاء أي اتفاق قبل إنهاء عملية فصل الغوطة إلى ثلاث مناطق رئيسية. وأن مصير الغوطة الشرقية سيكون مشابهاً لما حدث في حلب الشرقية، قبل عام ونصف تقريباً".

ويبدو أن المفاوضات في الغوطة الشرقية بدأت تأخذ اتجاهاً مختلفاً، بعدما بات التواصل بين فصائل المعارضة والمدنيين من جهة، والنظام والروس من جهة أخرى، بيد "وجهاء عشائر" من داخل الغوطة. وأولئك الوجهاء يمثلون نسبة قليلة جداً من سكان الغوطة الشرقية، ويقيمون منذ زمن بعيد في منطقة المرج من الغوطة، لكنهم جزء من عشائر أبرزها "المعامرة"، إحدى أكبر عشائر المنطقة الشرقية في سوريا.

وكان شيخ العشيرة ناصر المعماري، الذي يتخذ من دمشق مقراً له، قد أكد لوسائل إعلام موالية للنظام، التواصل مع "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام"، حول التوصل لآلية لوقف المعارك في الغوطة الشرقية، وخروج للفصائل والمدنيين، وبقاء من يرغب بتسوية وضعه، على غرار ما جرى في مناطق "المصالحات".

مصادر أهلية في الغوطة الشرقية، أكدت لـ"المدن"، أن اجتماعات مكثفة مع قيادة "فيلق الرحمن"، عقدها وجهاء عن بلدات القطاع الأوسط للوصول لحل سريع بعد نزوح أكثر من 50 الف مدني من مسرابا وحمورية ومديرا ومقتل المئات خلال الأسبوع الماضي، وسط غياب كامل لـ"فيلق الرحمن" عن اتخاذ أي قرار عسكري أو سياسي واضح حيال ما يجري في الغوطة الشرقية. المصادر أكدت ان قائد "الفيلق" النقيب المنشق عبدالناصر شمير، طلب من المدنيين التفاوض مع النظام، وجعلهم وسطاء بين "الفيلق" والنظام، حتى التوصل إلى حل يرضيهم، في خطوة اعتبرها الأهالي تنصلاً من مسؤولية الخيار الذي سيتم فرضه عبر المفاوضات، ليكون أحد أكبر الفصائل في سوريا خارج مسؤولية تسليم المنطقة.

ويُذكر ذلك بمشهد مماثل لما حصل في أحياء دمشق الشرقية؛ قابون وبرزة، حين تنصلت جميع الفصائل من المفاوضات مع النظام، ومطالب المدنيين بوقف شلال الدم، ليخرج أحد عرابي السلاح "البارون" ويقود مفاوضات سريعة مجهولة البنود، انتهت بإخلاء تلك الأحياء نحو الشمال السوري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها