الأربعاء 2018/03/07

آخر تحديث: 12:04 (بيروت)

الغوطة الشرقية: الحرب النفسية بالأعلام والرايات

الأربعاء 2018/03/07
الغوطة الشرقية: الحرب النفسية بالأعلام والرايات
Getty ©
increase حجم الخط decrease
تتواصل المعارك العنيفة في الغوطة الشرقية، بين مليشيات النظام المدعومة بالطيران الحربي الروسي، وقوات المعارضة التي فقدت معظم خطوطها الدفاعية الرئيسية، خاصة في منطقة المرج. وتباينت نتائج المعارك على مختلف محاور الاشتباك، ما بين تقدم للمليشيات، في بعض المحاور، واستعادة المعارضة لنقاط خسرتها في محاور أخرى.

واستأنف الطيران الحربي قصف الغوطة، الأربعاء، بعدما غاب الطيران الروسي، وذلك التابع للنظام، عن المشهد القتالي بعد ظهر الثلاثاء، إثر تحطم طائرة نقل جنود عسكرية روسية أثناء هبوطها في "قاعدة حميميم العسكرية"، ما تسبب بمقتل 39 من ركابها. وتوقفت جميع الغارات الجوية الروسية والسورية على الغوطة الشرقية، وسط استمرار استخدام الطيران "L-39" ورمي البراميل المتفجرة من الطيران المروحي، على بلدات مسرابا وبيت سوا ومزارع الأشعري والعب، بالإضافة لاستخدام صواريخ أرض-أرض على جبهة حرستا، والمدفعية الثقيلة على بقية الجبهات.

واكتفت ثلاث طائرات حربية تابعة للنظام بالتحليق في سماء الغوطة الشرقية على ارتفاعات عالية، بعد تحطم طائرة الشحن الروسية، من دون أن تنفذ أي غارة جوية. بينما انخفضت وتيرة تحليق الطيران المروحي، بسبب الظروف الجوية غير المؤاتية؛ من زيادة سرعة الرياح وانتشار الغبار. ولم يتجاوز عدد المروحيات في أجواء الغوطة، التي تحلق في الوقت ذاته، عن اثنتين، بعدما وصل عددها سابقاً إلى خمس، عدا الطيران الحربي.


(المصدر: LM)

وانعكس غياب الطيران الحربي سلباً على سير عمل مليشيات النظام على مختلف المحاور، بالإضافة لإفشاله طوراً مهماً من الحرب النفسية التي تستهدف الحاضنة الشعبية لقوات المعارضة. وأعلنت قوات المعارضة عن تصديها لمحاولة تقدم للمليشيات على جبهة المشافي شمالي مدينة حرستا، وقتلها 25 عنصراً وتدمير دبابتين وتركس مجنزر وأعطاب دبابة أخرى. وعزز هذا العمل من صمود محور المشافي الذي تسعى قوات النظام من خلاله لإحداث شرخ سهمي من المشافي إلى "إدارة المركبات" جنوباً، بغرض عزل حرستا عن بقية مدن الغوطة. المعارضة كانت قد أعلنت قبل يومين عن استعادتها السيطرة على 9 نقاط في محور المشافي، وتحرير كتل أبنية متعددة، لأول مرة، في مساكن الشرطة.

واستعادت المعارضة السيطرة على معظم مزارع العب، الواقعة في أهم محور لقوات النظام في معركة الغوطة؛ محور الشيفونية–"إدارة المركبات"، والذي تسعى قوات النظام من خلاله لشطر الغوطة عرضياً إلى قطاع دوما وحرستا شمالاً، والقطاع الأوسط جنوباً، عبر التوغل من "فوج الشيفونية" في مزارع العب، والسيطرة على بلدتي مسرابا ومديرا وصولاً إلى "إدارة المركبات".

وحاولت قوات النظام الإسراع في إنجاز مهمتها على هذا المحور من خلال جلب تعزيزات إلى "إدارة المركبات" للبدء بالاقتحام نحو مديرا ومسرابا شرقاً، لكن استهداف الطيران الحربي، الأحد، لأحد تجمعات مليشيات النظام في "إدارة المركبات" أفشل هذه المهمة وأوقفها مؤقتاً، وبقيت محاولات التقدم فقط من محور مزارع العب. قوات المعارضة بدأت بتثبيت دفاعاتها على هذا المحور، بعد وضوح موجبات الهجوم، وإدراكها ضرورة صدّه.

وركزت الطائرات المروحية والحربية من نوع "L-39"، نيرانها الثلاثاء على هذا المحور، واستهدفت بشكل مكثف مسرابا وبيت سوا ومزارع حمورية، كونها العمق الاستراتيجي لقوات المعارضة على هذا المحور. كما تم استهداف بلدات بيت سوا ومسرابا على دفعات بـ15 صاروخاً محملاً بالقنابل العنقودية، تم إطلاقها من "الفوج 89" في بلدة جباب في محافظة درعا.

وقال ناشطون إن صواريخ بعيدة المدى، يعتقد أنها إسرائيلية، استهدفت ليل الثلاثاء/الأربعاء، "الفوج 89" والذي يحوي قواعد عسكرية إيرانية، من دون معرفة المزيد من التفاصيل. وتحوي منطقة جباب العديد من التشكيلات العسكرية التابعة للنظام كـ"الفرقة الأولى" و"مركز التدريب".

واستعادت قوات المعارضة السيطرة على نقاط من بلدة المحمدية، بعد تصديها لزحف قوات النظام من المحمدية باتجاه جسرين، مستغلة غياب الطيران الحربي عن الأجواء، ووجود خنادق وسواتر ترابية كانت قد أنشأتها مسبقاً كخطوط دفاع خلفية على جبهة المحمدية، بعدما أصبحت البلدة خط جبهة مع النظام من الجهة الجنوبية في أيار 2016.

وقتلت قوات المعارضة على جبهة الريحان 12 عنصراً من مليشيات النظام بألغام فردية، كانت قد زرعتها مسبقاً على خط الاشتباك، خلال محاولة قوات النظام التقدم على هذا المحور غرباً إلى دوما. وتعد بلدة الريحان خط الدفاع الأخير عن دوما من جهة الشرق، إذ ستنتقل المعارك إلى دوما مباشرة في حال سقطت الريحان، خاصة بعدما سقطت الشيفونية جنوب شرقي دوما.

وتعرضت الغوطة الشرقية لموجة من الحرب النفسية، كانت شرارتها في حمورية، قبل أن تنتقل إلى سقبا وكفربطنا. ورفع عدد من الشبان العلم السوري الرسمي على سارية عالية، مساء الثلاثاء، في منتصف ساحة بلدة حمورية، وصوّروا العلم من زوايا متعددة لمنع التشكيك بالصور، وأرسلوها بشكل حصري، وبسرعة كبيرة، إلى صفحة "دمشق الآن" الموالية للنظام في "فايسبوك". كما رفعوا رايات بيضاء فوق مبانٍ سكنية، بحجة طلب تحييد البلدة عن القصف، بعدما صعدت قوات النظام غاراتها عليها في الأيام الأخيرة، وتجاوز عدد القتلى فيها الـ30، بالإضافة لاستهدافها الإثنين بغارات جوية محملة بغاز الكلور السام، ما أدى لإصابة عشرات المدنيين، بالتسمم وحالات اختناق، وفق بيان لمديرية الصحة في دمشق وريفها.



وظنّت هذه الشبكة أن الأهالي سيقفون إلى جانبهم، وسيسمحون لقوات النظام بدخول البلدة من جهة مزارع الأشعري شرقاً، لتحييدها عن القتال. وطالب أولئك الشبان بعدم السماح لقوات المعارضة بالمرور من البلدة. الأهالي اعترضوا على رفع الأعلام، وقاموا بإنزالها فوراً. لتنتقل الظاهرة، مباشرة، وفي تنسيق واضح، إلى بلدتي سقبا وكفربطنا، وفق السيناريو ذاته، إذ تم إرسال الصور الحصرية إلى صفحة "دمشق الآن"، التي نشرتها سعياً لدفع الناس على الخروج بتظاهرات تدعو لدخول قوات النظام. الأهالي لاحقوا من رفع الأعلام، وانهالوا عليهم ضرباً، وقامت قيادة الشرطة بملاحقة المتهمين، وألقت القبض عليهم، بتهمة مساعدة النظام في الحرب النفسية، وقد تصل التهم الموجهة إليهم، إلى أبعد من ذلك.

لم يكن رفع أعلام النظام، في أكثر من منطقة، في التوقيت ذاته، ونشر الصور في صفحات النظام، محض مصادفة، بل جزءاً من حرب نفسية، لإحباط أهالي الغوطة، بالتزامن مع تكثيف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين والتي أوقعت 180 قتيلاً خلال الساعات الـ72 الماضية، لدفع الأهالي لطلب إيقاف القصف، والضغط على فصائل المعارضة من الداخل، ما يؤدي لانهيار البيت الداخلي في الغوطة وفقدان الحاضنة الشعبية، كما حصل في حلب الشرقية نهاية العام 2016. سقوط طائرة الركاب العسكرية الروسية، وما تبعها من توقف مفاجئ للغارات الجوية، انعكس سلبياً على هذه الخطة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها