السبت 2018/02/24

آخر تحديث: 12:57 (بيروت)

"الأمن العسكري" في درعا: نصف مدينة بصلاحيات واسعة

السبت 2018/02/24
"الأمن العسكري" في درعا: نصف مدينة بصلاحيات واسعة
الدمار في درعا (Getty)
increase حجم الخط decrease
اجتمع رئيس فرع الأمن العسكري الجديد في درعا، العميد لؤي العلي، مع الأهالي في درعا المحطة، قبل أيام، ووعدهم بإزالة الحواجز داخل المدينة، وأخبر أن الوضع سيختلف، وقام بجولة على الحواجز، وطلب من عناصره حلق لحاهم، بالإضافة إلى بضعة مناقلات أجراها على مستوى الضباط. وعدا عن إزالة ساتر ترابي في شارع فرعي، لم تتم ازالة أي حاجز. 

ويقع مقر "الفرع 245" التابع لـ"الأمن العسكري" داخل المربع العسكري والأمني في حي السحاري من مدينة درعا، والذي يضم أيضاً "اللواء 132 ميكا" التابع لـ"الفرقة الخامسة". ونتيجة للمعارك التي شهدتها المدينة وسيطرة فصائل المعارضة على نصف مساحتها تقريباً، تختلف مهام هذا الفرع عن غيره، سواء داخل المدينة أو خارجها، عن بقية فروع "الأمن العسكري" في سوريا.

ويحظى "الفرع 245" بنفوذ واسع داخل المدينة، وتنتشر حواجزه ونقاط التفتيش التابعة له في معظم أرجاء الجزء الخاضع لسيطرة قوات النظام. وبحسب مصادر "المدن"، فإن أبرز هذه الحواجز وأشهرها هو حاجز حميدة الطاهر في حي السحاري الذي تتبع له نقطتا تفتيش؛ الأولى عند "دوار المالية" والثانية تسمى "مدخل حي السحاري". وتحيط هذه النقاط بحي السحاري.

والحاجز الثاني هو "قصر الحوريات" على التقاطع الرابط بين أحياء الكاشف وشمال الخط والسبيل، وتتبع لهذا الحاجز أربع نقاط تفتيش؛ اثنتان على مدخلي حي شمال الخط، وواحدة على مدخل منطقة البانوراما، والأخيرة ملاصقة لمسجد موسى بن نصير. الحاجز الثالث يقع على الجسر الواصل إلى ضاحية درعا، وتتبع له نقطتا تفتيش في حي المطار وحي السبيل. هذا بالإضافة لحاجزي تفتيش على الطريق الواصل بين مدينة درعا وبلدة خربة غزالة؛ الأول في نقطة "مغسلة الشرع" والثاني على تقاطع خربة غزالة.

ولا تتجاوز المسافة بين بعض تلك الحواجز أكثر من 500 متر، ويعتبر ذلك نتيجة للظروف الأمنية التي يحاول النظام تكريسها في مناطق سيطرته. إلا أنه، وفي ظل الهيمنة التي يفرضها "الفرع 245" داخل المدينة، فالأمر ليس كذلك. وأشارت مصادر "المدن"، إلى أن بقية الفروع مجتمعة لا تملك إلا الحواجز الواقعة على بوابات مقارها فقط، باستثناء فرع "أمن الدولة" الذي له نقطة تفتيش مؤقتة، من الصباح حتى المساء، على التقاطع المؤدي إلى الأوتوستراد الدولي. ويعطي ذلك دلالة واضحة على أن القرار الأمني داخل مدينة درعا بيد "الفرع 245".

سيطرة فصائل المعارضة على نصف مدينة درعا، أجبر أجهزة النظام الأمنية على تغيير أساليب عملها، مقارنة بالمناطق التي تخضع بالكامل لسيطرتها، خاصة فرع الأمن العسكري في مدينة درعا الذي باتت فصائل المعارضة تبعد عنه مئات الأمتار فقط. وأوضحت المصادر أن نقاطاً عسكرية على خطوط الجبهات بين قوات النظام وفصائل المعارضة هي بيد "الأمن العسكري" لا التشكيلات العسكرية لقوات النظام. وقالت مصادر "المدن" إن النقاط العسكرية في محيط مشفى درعا الوطني، وأبنية حي السحاري المطلة على وادي الزيدي، والنقاط العسكرية في محيط مبنى البلدية في درعا المحطة، تتبع لـ"الأمن العسكري"، الأمر الذي يعني أن "الفرع 245" لم يعد أمنياً فقط، بل أصبح يمتلك مجموعات عسكرية أيضاً.

ونتيجة لوقوع مباني "الفرع 245" الرئيسية تحت مرمى نيران فصائل المعارضة، أُجبرت قياداته على الابتعاد عن المقر الرئيسي، وتشير معلومات فصائل المعارضة في درعا إلى أن الموقع العسكري المعروف باسم "كتيبة الصديق" الواقع على مدخل بلدة عتمان إلى الشمال من مدينة درعا، بات هو المقر المؤقت لضباط الفرع في مدينة درعا، بينما نُقلت الاجتماعات القيادية إلى مدينة إزرع.

وأُوكل لـ"الفرع 245" حلُّ القضايا المتعلقة بعمليات تبادل المعتقلين والجثث مع فصائل المعارضة بشكل مباشر أو عبر الوسطاء. وكان من أبرز هذه العمليات قيام "حركة المثنى الإسلامية" التي انضمت لاحقاً لـ"جيش خالد بن الوليد"، بصفقة تبادل في نيسان/أبريل 2015، سلمت فيها مندوبين عن فرعي "الأمن العسكري" في مدينتي درعا والسويداء جثث 14 مقاتلاً لقوات النظام، مقابل 10 معتقلين من سجون هذين الفرعين. أما الصفقة الثانية، والتي أثارت الكثير من الجدل، فكانت في حزيران/يونيو 2016، عندما سلمت فصائل المعارضة 4 أسرى من مليشيا أفغانية موالية للنظام، مقابل 5 من المعتقلين في سجون قوات النظام، بينهم 4 نساء. وأثارت هذه الصفقة الجدل لعدم تمكن المعارضة من خلالها من إطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين.

وأشارت مصادر "المدن" إلى أن ما دفع المعارضة لقبول الصفقة، هو اعتقال فرع "الأمن العسكري" في مدينة درعا لنساء تربطهن صلة قرابة بقياديين معارضين كانوا يشرفون مباشرة على احتجاز الأسرى الأفغان. أما آخر الصفقات البارزة بين فصائل المعارضة وقوات النظام في درعا، فقد جرت في حزيران/يونيو 2017، عندما أتمت غرفة عمليات "البنيان المرصوص" في مدينة درعا صفقة تبادل للجثث بينها وبين قوات النظام عبر وسطاء. "الفرع 245" أشرف على العملية من جانب قوات النظام.

منذ أواخر العام 2012 إلى مطلع العام 2018، كان اسم رئيس فرع "الأمن العسكري" في المنطقة الجنوبية العميد وفيق ناصر، الأبرز أمنياً وعسكرياً جنوبي سوريا، على حساب العديد من الشخصيات العسكرية الأخرى، ما جعل مشاهدة شخص آخر في موقعه أمراً صعباً. النظام استبدل خلال كانون الثاني 2018 العميد ناصر بالعميد لؤي العلي، الذي يتذكره أهالي درعا جيداً، بعدما كان رئيساً لـ"الفرع 245" عند انطلاق الثورة السورية في عام 2011، وكان يحمل آنذاك رتبة عقيد. وقادت قوات العقيد علي، هجمات ضد التظاهرات السلمية في الأيام الأولى للثورة، وكان أبرزها اقتحام ساحة المسجد العمري في 23 آذار/مارس 2011، والتصدي للمتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى درعا البلد في اليوم التالي. وأوقعت تلك المجزرتين عشرات الضحايا، وكانت سبباً مباشراً في توسع رقعة المظاهرات إلى محافظات سورية أخرى.

لؤي العلي قاد كذلك حملات أمنية مدعومة بقوات عسكرية ضد عدد من مدن وبلدات محافظة درعا، خاصة في الريف الشرقي في العام 2012. ومن أبرز هذه الحملات اقتحام بلدة صيدا في أيار/مايو، واقتحام بلدة الغارية الغربية في حزيران/يونيو، واقتحام بلدة الكرك الشرقي في تشرين الأول/أكتوبر 2012 التي كانت آخر الحملات العسكرية التي قادها العلي، بعدما تم استهداف موكبه من قبل فصائل المعارضة على الطريق قرب بلدة خربة غزالة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها