الأحد 2018/02/11

آخر تحديث: 19:18 (بيروت)

"عملية سيناء":ترميم صورة السيسي بالحرب على "الإرهاب"

"عملية سيناء":ترميم صورة السيسي بالحرب على "الإرهاب"
AFP ©
increase حجم الخط decrease

أطلق الجيش المصري في التاسع من شباط/فبراير، عملية "المجابهة الشاملة" للإرهاب في سيناء، والمعروفة اختصارا بـ"سيناء 2018". وبرغم الإفصاح عن أهداف الحملة خلال بيان توضيحي صدر عن الجيش المصري، إلا أنه من الواضح أن هناك أهدافاً أخرى يريد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تحقيقها من العملية العسكرية الموسعة.

ودخلت العملية العسكرية يومها الثالث، الأحد، وشاركت فيها جميع وحدات الجيش القتالية والاستخباراتية وقوات الصاعقة والمظلات (قوات النخبة) داخل الجيش المصري، بالتنسيق مع الأجهزة المعلوماتية والأمنية لوزارة الداخلية.

العملية لم تكن مفاجئة لقطاع كبير من المصريين، بعد تسريب مستندات رسمية منسوبة لوزارة الصحة المصرية، تطالب مستشفيات مدن القناة بإعلان حالة الطوارىء القصوى ورفع جاهزية وإخلاء غرف العمليات والرعاية الفائقة، وغيرها من الاستعدادات الطبية غير العادية، بالتوازي مع مشهد انتشار مركبات ومدرعات وسيارات تابعة للجيش والشرطة في بعض المحاور والطرق الاستراتيجية، وهو ما أوحى بوجود تحركات عسكرية ما.

ترتبط العملية، التي حرص السيسي على متابعة بعض تفاصيلها من غرفة العمليات باللباس العسكري، بما قبلها من حديث غاضب له في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، قال فيه "إنه لن يسمح بتكرار ما حدث خلال ست سنوات ماضية وأمن مصر ثمنه حياتي وحياة الجيش". ذلك الحديث جاء بعد أسبوع من اعتقال الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة السابق، بعد إعلان نيته الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً لدى أطياف واسعة من الشعب المصري، رآه مراقبون إحراجاً حقيقياً للسيسي في الانتخابات.

ويربط متابعون بين العملية وظهور السيسي بالزي العسكري فيها، بالتقارير الإعلامية الأجنبية التي تحدثت عن غارات شنها سلاح الطيران الإسرائيلي داخل سيناء بموافقة رسمية من السيسي، وهو ما أثار الغضب لدى المصريين على الرغم من النفي الرسمي له، وكذلك تداول العديد من تلك التقارير التي تحدثت عن وجود "تململ" عند بعض قيادات الجيش المصري، من اعتقال عنان، باعتباره قائداً عسكرياً شارك في حربي الاستنزاف و6 أكتوبر، ومطالبة بعض تلك القيادات بضرورة إبعاد الجيش عن التورط في العمل السياسي بشكله المباشر، وحشده في عملية عسكرية قتالية واسعة يضمن اسكات تلك الأصوات، تحت زعم أن "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، بالإضافة إلى مراضاة الغاضبين من التدخل الاسرائيلي في سيناء، وضمان الحصول على هدنة بين الأجنحة المتصارعة داخل النظام، والتي ترجمت آخر صراعاتها في إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، وتعيين مدير مكتب السيسي مكانه، لأول مرة في تاريخ رئاسة الجمهورية، وتاريخ الجهاز الأمني كذلك.

هدف آخر حققه السيسي من العملية العسكرية، متمثلاً في ترميم صورته المشروخة والمتضررة بشدة ممّا جرى مع الفريق أحمد شفيق، والفريق سامي عنان، وانسحاب خالد علي، والحكم بالسجن على الضابط أحمد قنصوة، ورفض حزب "الوفد" المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وهو ما أثر سلبياً على صورة السيسي الذي كان يرغب في أن تكون الانتخابات "كرنفالا احتفاليا"، يستكمل به منهجه بالاعتماد على "شرعية الحشد الشعبي"، إلا أن انسحاب علي ورفض "الوفد" المشاركة، واضطرار النظام وأجهزته إلى التدخل العنيف لإخراج عنان وشفيق من المشهد الانتخابي، أحبطا خطة السيسي، وأجبروه على اللجوء لموسى مصطفى موسى، الذي سينافس السيسي في انتخابات الرئاسة وهو يضع صورة الرئيس المصري غلافاً لصفحته على "فايسبوك"!

ويرى مراقبون أن النظام سيذهب بالتوازي مع العملية العسكرية إلى اجراءات أشد قسوة بحق معارضيه، خصوصاً مع تنامي دعوات بعض الشخصيات العامة والتكتلات والأحزاب السياسية لمقاطعة الانتخابات الرئاسية المفترض أن تجرى في آذار/مارس المقبل، وهو ما ترجمه النظام عملياً بالاعتقال والاخفاء القسري لمحمد القصاص، نائب رئيس حزب "مصر القوية" الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبوالفتوح، والعديد من البلاغات التي قدمت بحق معارضين بينهم المرشح السابق لانتخابات الرئاسة حمدين صباحي، والمستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات.

التوسع في نشر أخبار العملية إعلامياً يستهدف كذلك إرسال رسالة إلى الخارج، بعد ارتفاع الأصوات الناقدة للنظام المصري على خلفية ممارساته الممنهجة ضد الديموقراطية والتوسع في قمع المعارضين. تلك الرسالة تقول إن مصر تخوض حرباً على الارهاب، وأي أخطاء تجلب الانتقادات قد تكون مبررة في سياق الحرب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها