الأربعاء 2018/12/12

آخر تحديث: 15:05 (بيروت)

جنايات دمشق: أحكام بإعدام 11 متوفىً؟

الأربعاء 2018/12/12
جنايات دمشق: أحكام بإعدام 11 متوفىً؟
(Getty)
increase حجم الخط decrease
لم يكن مفاجئاً إصدار "محكمة الجنايات" بدمشق قرارات بالحكم الغيابي بالإعدام على 40 شخصاً معظمهم من الغوطة الشرقية، لكن المفاجئ أن القرار ضمّ أسماء 11 متوفىً قضوا خلال السنوات الماضية، ووجهت إليهم تُهم بارتكاب جرائم وقعت بعد وفاتهم.

المتوفون الذين شملتهم حكم الإعدام من بلدة العبادية في الغوطة الشرقية؛ أمير "تنظيم الأنصار" في الغوطة الشرقية محمد جمال رمضان، الذي أعدمه "جيش الإسلام" في العام 2016 في مدينة ضمير بعد فراره خارج الغوطة عبر الأنفاق، وكذلك مسؤول التسليح السابق في "جبهة النصرة" في الغوطة عبادة ديب، الذي قُتل على يد تنظيم "الدولة" في العام 2014، والرائد المنشق أحمد محسن، مؤسس "لواء شهداء اليرموك" في درعا والذي قُتِل في درعا في العام 2013 خلال معارك تحرير منطقة البكار قبل مبايعة لواءه لتنظيم "الدولة". 
والمتوفون من بلدة العتيبة الذين شملتهم أحكام الإعدام الغيابية؛ ماهر الشيخ ومحمد الكيلاني، الجهاديان السابقان في أفغانستان والعراق والمعتقلان السابقان في سجن صيدنايا، اللذان أفرج عنهما النظام في العام 2011 وانتهى بهما المطاف مع "جبهة النصرة" وقتلا في الغوطة. خالد قشيشة من العتيبة، من أصحاب الفكر الجهادي، لم يعتقل قبل الثورة، لكنه انضم خلالها إلى "جبهة النصرة" وقتل في معارك الغوطة.

ومن حتيتة التركمان شملت أحكام الإعدام الغيابية المتوفين؛ بدر الدين التلاوي، العضو في "تنظيم جند الشام" في العام 2005، والذي اعتقله النظام وأفرج عنه في العام 2011. التلاوي انضم لاحقاً إلى "جبهة النصرة" وقتل على يد "جيش الإسلام" في العام 2016، وكذلك محمد عجينة، المقاتل مع فصائل المعارضة الذي قُتِلَ في العام 2013 خلال اقتحام النظام لحتيتة التركمان.

ومن بلدة الجربا طالت أحكام الإعدام المتوفين؛ نور الدين حجازي المعروف باسم "شامل"، وهو منفذ العملية "الاستشهادية" في معمل الأدوية تاميكو، والذي خرج منها سالماً، وكان سبباً في سيطرة المعارضة على المعمل والمنطقة المحيطة. وقتل حجازي خلال تنفيذ عملية أخرى في معمل السكر بعدرا في العام 2013.

ومن مدينة عربين، شمل حكم الإعدام الغيابي غياث الطن، المقاتل السابق مع فصائل المعارضة، والذي قُتل في معارك الغوطة بداية الثورة.

ومن معضمية الشام محمد البسيمي، المدني الذي قتل بداية الثورة في العام 2011 خلال فترة المظاهرات السلمية.

الضجة التي أحدثها القرار، جاءت بالدرجة الأولى، لاحتوائه على أسماء قادة بارزين؛ محمد حسين الشرع الملقب بـ"أبو محمد الجولاني" أمير "هيئة تحرير الشام"، وعبدالناصر شمير قائد "فيلق الرحمن" المنحدر من مدينة الرستن في حمص، وعصام بويضاني، قائد "جيش الإسلام"، وأبو عاصم الشامي أمير "جبهة النصرة" في الغوطة الشرقية، الذي لم يشر القرار إلى وظيفته، ونائبه موفق الدوخي الملقب بـ"أبو عبدالله حوران". وشادي حبيشي، قائد "اللواء السادس" سابقاً في "جيش الإسلام" والذي انشق عن الجيش بعد التهجير إلى الشمال السوري وانضم إلى "جيش الشرقية".

وتضمن قرار الحكم بالإعدام أيضاً أسماء جهاديين سابقين اعتقلوا في سجن صيدنايا لسنوات، وأفرج عنهم النظام في العام 2011؛ اسماعيل دياب، وخالد عبدالرحمن، وزياد كيلاني، وشريف جمعة، وزاهر قويدر، وجميعهم انضموا إلى "جبهة النصرة" وشغلوا فيها مناصب قيادية. أحمد أبو شوارب، إمام وخطيب أكبر جامع في عربين، كان قد اعتقل في العام 2006 وبعد خروجه من السجن عام 2011  انضم إلى فصائل المعارضة، واستقر مع "حركة أحرار الشام". أحمد درويش، نجا من عملية أمنية موسعة على بلدة العبادة في العام 2004 تسببت باعتقال العشرات، وفرّ إلى العراق معقل تنظيم "القاعدة" آنذاك وانقطعت أخباره بعدها.

المحكوم الوحيد والبارز الذي وقع في قبضة النظام ويمكن أن يطبق عليه حكم الإعدام هو أحمد الشيخ الملقب بـ"أبو يحيى الشيخ"، وهو رجل مسنّ اعتقل حوالي 10 مرات في سجن صيدنايا قبل الثورة بسبب أفكاره الجهادية، وكان أحد أبرز الشرعيين في "جيش الإسلام" إلا أنه بقي في الغوطة بعد سيطرة النظام عليها، ثم اعتقله النظام في تشرين أول/أكتوبر ولم يفرج عنه بعد. بقاء الشيخ في الغوطة جاء بعد تطمينات من شقيقه علي الشيخ، رئيس "لجنة المصالحة" في مجلس الشعب.

ومن المقاتلين العاديين في فصائل المعارضة الذين وردت أسماؤهم في قرار الإعدام؛ بلال جمعة، وأمجد حشيش، وأسامة سعيد، وعمران درويش، ومحمد محسن، إضافة إلى الشيخ إبراهيم إبراهيم، عضو "الهيئة الشرعية لدمشق وريفها" سابقاً.

عادل ورضوان ومحمد البسيمي، وباسل كريم، مدنيون لم يشاركوا في الحراك الثوري، وغادروا سوريا مطلع الثورة، ولم يُفهم سبب ورود أسماءهم في القرار.

وقد طالب عضو مجلس الشعب و"الأستاذ" في القانون محمد خير العكام، الانتربول الدولي بـ"تسليم المحكومين للدولة السورية" ما يضع حياة هؤلاء الأربعة في خطر إن استجابت دول إقامتهم للدعوة وقامت بتسليمهم.

خطر النشاط الإعلامي يوازي العمل العسكري من منظور "محكمة الجنايات"، وربما هذا ما قصده العكام، في حديثه لـ"الوطن" عندما قال: "عقوبة المحرض مثل الفاعل باعتبار أن الأول حرض على ارتكاب الفعل"، وقد شملت قرارات الإعدام إعلاميين؛ ياسر الفوال، مدير تنسيقية دوما، وهو الإعلامي الوحيد الذي وثق مجزرة الكيماوي في دوما التي وقعت في 7 نيسان/أبريل 2018. ولم يشارك الفوال في العمل العسكري خلال الثورة إطلاقاً. والإعلامي الثاني هو تليد حمود، الناشط الإعلامي السابق والعامل لاحقاً في مجال الإغاثة والأعمال الإنسانية، وقد انقطعت أخباره لاحقاً.

التهم التي وجهت إلى المحكومين الأربعين، هي قصف بعض أحياء دمشق بالقذائف والتسبب بقتل مدنيين. التدقيق في أسماء المحكومين وملفاتهم يظهر التباين في توجهاتهم وأفكارهم ونشاطاتهم، وينفي منطق تجريمهم على حد سواء. كما أن ذلك  يبين استحالة مساواتهم مع بعض، بتهمة امتلاك مواد متفجرة ونية ارتكاب جناية ضد الدولة، وهذا ما يعارض كلام عضو مجلس الشعب محمد خير العكام؛ "يحق أن يصدر قراراً قضائياً واحداً بحق عدد من الأشخاص اشتركوا بالجرم ذاته، وليس بالضرورة أن يكون لكل شخص ملف خاص طالما هناك وحدة الجريمة".

الأحكام القضائية أخذت "صفة الوجاهية العلنية"، وهي "قابلة للإلغاء" وجاءت نتيجة ادعاءات شخصية من المتضررين إضافة إلى الحق العام، بحسب "الوطن". وألزم قرار الحكم كل واحد من المحكومين بدفع مبالغ كبيرة لكل مصاب وبنفقات العلاج، إضافة إلى تجريدهم وحجرهم مدنياً، وتم توجيه دعوات للمحكومين للحضور وفق القانون، إلا انهم لم يحضروا باعتبار أنهم فارون من "العدالة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها