الأحد 2018/11/04

آخر تحديث: 18:15 (بيروت)

التهدئة تتقدم: تسهيلاتٌ لغزة..ومفاوضات وشيكة لـ"تبادل الأسرى"

الأحد 2018/11/04
التهدئة تتقدم: تسهيلاتٌ لغزة..ومفاوضات وشيكة لـ"تبادل الأسرى"
Getty ©
increase حجم الخط decrease
كانت مسيرة العودة على الحدود الشرقية لغزة، الجمعة، أقل سخونة مقارنة بسابقتها، وذلك بالتزامن مع خطوة لافتة تمثلت في تِجوال الوفد الأمني المصري المتواجد في القطاع في كافة نقاط الإحتشاد الجماهيري، بغية مراقبة المشهد الميداني عن قرب ووضع التصورات القادمة لجعلها سلمية بحتة، الأمر الذي أوحى بصدقية الأنباء التي تتحدث عن حصول تقدم ملموس في الجهد الذي تبذله القاهرة على صعيد التهدئة.

ولعل ما عزز هذا الإنطباع أيضاً ما قاله عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية في كلمته خلال مهرجان أقيم في مخيم "العودة" شرق غزة، أكد خلالها أن الجهود التي تُبذل من أجل كسر الحصار عن غزة توشك على النجاح، من دون أن يذكر اي تفاصيل. لكن الحية عاد وحذر من أن أي تأخر في اجراءات رفع الحصار، يعني أن يكون زخم مسيرات العودة خلال فصل الشتاء أشد من ذلك الذي شهدناه في شهور الصيف.

رئيس شبكة الأقصى الإعلامية التابعة لحماس وسام عفيفة قال لـ"المدن"، إن ما صرح به الحية يعني أن الحركة تريد أن تتابع وتراقب التطورات، مؤكداً أن المعطيات تشير إلى أننا في ربع الساعة الأخير لبداية تثبيت وقف إطلاق النار على مراحل. غير أن عفيفة أشار إلى "أن حماس لا تجزم بنجاح هذه الجهود مئة بالمئة لأن هناك العديد من العوامل المؤثرة".

وتوقع عفيفة بأن نلمس خلال الفترة المقبلة العديد من المؤشرات والمعطيات، وبعض الاجراءات المتعلقة بالجانب الانساني والتي سبق وأن تم التطرق إليها. وتشتمل هذه الإجراءات والتسهيلات لغزة: رواتب موظفي "حماس" المعتمدة على المنحة القطرية لمدة ثلاثة أو ستة اشهر (حسب التطورات) ما سيحل مشكلة نقص السيولة النقدية المتفاقمة، عدا عن تسهيلات في المعابر سواء من قبل إسرائيل او مصر من ناحية معبر رفح، إضافة إلى مسألة إدخال الوقود الممول قطرياً بشكل يحل جزءاً كبيراً من أزمة الكهرباء، فضلاً عن مشاريع لها علاقة بالبنية التحتية وتخفيف ازمة البطالة.

مصدر آخر من "حماس" كشف لـ"المدن"، عن جانب من تفاصيل الجهد المصري، مُبيناً أن التسهيلات المتعلقة بالجوانب الإنسانية تشترط انخفاض شكل الاحتجاج في مسيرات العودة، أي ضمان عدم اقتراب المتظاهرين مما يسمى "السياج الأمني الإسرائيلي"، مع وقف إطلاق البالونات الحارقة. وفي مقابل ذلك، لا يستسهل الجيش الإسرائيلي اطلاق الرصاص الحي وارتكاب المجازر بحق المتظاهرين ما داموا يحتفظون بمسافة متفق عليها عن السلك الشائك ولم تكن هناك أي بالونات حارقة.

وبتفسير آخر، تحوم الفكرة حول جعل مسيرات العودة على حدود غزة نسخة عن مسيرات "المقاومة الشعبية" التي تتبناها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أسبوعياً، في المناطق التي تتعرض للإستيطان، واجراءات المصادرة للأراضي من قبل الإحتلال.

وأضاف المصدر، أن أحداً من الأطراف لا يطلب الآن وقف المسيرات وإنما الحديث يدور عن أشكال الاحتشاد والتظاهر وأدوات المواجهة الشعبية التي يجب أن تكون "ناعمة". وأوضح أن الوفد الأمني المصري المتواجد في الأراضي الفلسطينية منذ نحو أسبوعين، واظب خلال هذه المدة على التنقل بين غزة وتل ابيب، ونقل الرسائل المتبادلة. وكانت النتيجة أن بدأ بالحديث الآن عن تفاصيل وجداول زمنية وإجراءات.

ويفرق المصدر القيادي في "حماس" بين مصطلح جهود "رفع الحصار" و"التهدئة"، موضحاً أننا في مراحل أولى من تخفيف الحصار ضمن عنوان أوسع هو "رفع الحصار" على مراحل. وأما "التهدئة" فتبقى مفهوماً نسبياً يفسره كل طرف كما يرتأي.

ولهذا فإننا على مشارف تثبيت لإتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 2014 بناء على ما سيكون في الميدان، وبخاصة مدى تحول مسيرات العودة من "خشنة" إلى "ناعمة". ولكن- بشكل عام- تبقى كلمة السر هي "الحصار"؛ ذلك أن الأخير هو الذي يحدد شكل المسيرات.

ويبدو أن الصيغة التي تقلل من حجم حرج "حماس" بشأن تفاهمات التهدئة المرحلية والإنتقالية- التي لا تبتعد كثيراً عن مفهوم "تخفيف" الحصار لا رفعه بشكل كامل- هي انها تقبلها على اساس إدراجها في سياق عنوانها الأكبر، ألا وهو "رفع الحصار" كلياً، ولكن على مراحل. وبالمحصلة، لا يوجد شيء حاسم حتى اللحظة، غير أن الأطراف ذات العلاقة تُجمع على وجود خطوات متقدمة أكثر من السابق على مستوى تفاهمات مرحلية للهدوء.

من جهة ثانية، كشف مصدر سياسي مطلع على الجهد المصري، لـ"المدن"، أن هناك مرحلة لاحقة من تخفيف الحصار بشكل أكبر مما هو مطروح حالياً، ويتعلق ذلك بـ"الممر البحري". وتقترن هذه المسألة بالشروع في مفاوضات جدية لتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.

ويبين المصدر أن ذلك سيكون ضمن محطة اكثر وضوحاً لإنهاء الحصار في المرحلة التالية؛ فالممر البحري مطروح للنقاش والتنفيذ، بيدَ أن آلية ترجمته على أرض الواقع وتوقيته وانجازه ربما يتأخر الى حين بدء مفاوضات صفقة التبادل. ويؤكد أن ذلك ربما سيوفر المناخات اللازمة وسيشجع الأطراف على المضي قدماً نحو مفاوضات جادة في الملف.

ويوضح المصدر أن هناك بوادر لإنطلاق مفاوضات جادة حول تبادل الأسرى، وسيفتح الملف الباب أيضاً أمام مباحثات مستقبلية حول مستقبل الحصار المفروض على غزة، وفق ما تقتضيه تطورات الملف.

في هذا السياق، نقلت الإذاعة العبرية العامة (مكان) عما أسمته مصدراً سياسياً إسرائيلياً كبيراً قوله، إنه "تتم بلورة صفقة برعاية مصرية للتوصل الى تهدئة في قطاع غزة يتم بموجبها قيام قطر بتزويد القطاع بالوقود وصرف رواتب موظفي حماس الحكوميين". وأوضح المصدر، أنه رغم ذلك فإن إسرائيل لن تتساهل في جزئية الاشراف على الأموال التي يتم تحويلها الى غزة للتأكد من عدم استخدامها في "أنشطة إرهابية"، على حد تعبيره.

وقال المسؤول الإسرائيلي، إن تل ابيب كانت تفضل ان يتولى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسؤولية عن تحويل هذه الأموال، ومراقبة سبل توزيعها، إلا أن إسرائيل لا ترغب في حرب لا طائل منها وتفضل استنفاد جميع الإمكانيات لتحقيق تسوية مع غزة، يضيف المسؤول.

وتابع المصدر الذي رافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في زيارته إلى بلغاريا "انه في حال فشل الجهود التهدئة فان إسرائيل مستعدة إذا اقتضت الضرورة لاستخدام قوة كبيرة".

بدورها، دعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار جماهير الشعب الفلسطيني للمشاركة الفعالة في الجمعة المقبلة، التي ستحمل عنوان "المسيرة مستمرة". وأكدت الهيئة أن مسيرات العودة متواصلة ومستمرة وستكون في المرحلة القادمة أقوى وأشد بالزخم الجماهيري والشعبي وتمسكها بثوابتها ومبادئها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها