الثلاثاء 2018/11/27

آخر تحديث: 11:32 (بيروت)

هل توقفت الحملة الأمنية في "درع الفرات" و"غصن الزيتون"؟

الثلاثاء 2018/11/27
هل توقفت الحملة الأمنية في "درع الفرات" و"غصن الزيتون"؟
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
ظهرت الآثار الإيجابية للحملة الأمنية التي أطلقتها فصائل المعارضة المسلحة بدعم تركي في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" في ريف حلب، بعد 10 أيام على انطلاقها، فانخفضت معدلات الجريمة بشكل ملحوظ. وتسلمت الشرطة العسكرية وقوات الشرطة والأمن العام عدداً كبيراً من الحواجز التي كانت تسيطر عليها فصائل تابعة للمعارضة. مع ذلك، لا تزال الحملة الأمنية غير مرضية للأهالي، لأنها لم تحقق الأمن والاستقرار المطلوبين، فما تزال الطرق غير آمنة ليلاً، ولم تقضِ بشكل كلي على الأفراد والجماعات المسلحة المتهمين بارتكاب جرائم متنوعة بحق المدنيين. ويقول الأهالي إن المحسوبية لعبت دوراً كبيراً بحماية عدد من الفاسدين من الحملة.

الطفل عماد العبسي، 13 عاماً، اختطفه مسلحون يستقلون سيارة "فان"، واقتادوه إلى مزرعة قريبة في محيط عفرين، الاثنين، من أمام منزل عائلته. وتعرض الطفل للضرب على يد خاطفيه وطلبوا من أهله مبلغ 200 دولار مقابل إطلاق سراحه. العبسي تمكن من فك قيده والهرب بعدما غافل خاطفيه.

ويبدو أن عملية اختطاف العبسي هي الأولى لعناصر العصابة، التي لا تملك مقراً آمناً لها ليكون منطلقاً لعمليات خطف أخرى. والمبلغ الذي طلبه الخاطفون زهيد للغاية مقارنة بالمبالغ التي كانت تطلبها العصابات الخاطفة قبل الحملة الأمنية والتي وصلت إلى 500 ألف دولار في بعض الحالات.

عدد كبير من عناصر الكتائب والمجموعات التي تمت ملاحقتها واعتقال قادتها في الحملة الأمنية تواروا عن الأنظار، وشكلوا مجموعات صغيرة للسرقة والخطف. ومن المفترض أن يكون لقوات الشرطة والأمن العام دور أكبر في ملاحقة هذه المجموعات، إذ أن ملاحقتها تبدو ممكنة بالنسبة للشرطة بعدما خسرت هذه المجموعات الأدوات ووسائل الدعم التي كانت تحظى بها عندما كانت على شكل مجموعات تابعة لفصائل المعارضة المسلحة وتعمل باسمها في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون".

عملياً، زادت الشرطة من حواجزها على مداخل المدن والبلدات في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وبدأت تسيير دوريات ليلية. والتحق المئات من عناصر الشرطة خلال الفترة الماضية بأقسام الشرطة المُحدَثة في منطقة عفرين. ومع ذلك، تحتاج الشرطة إلى دعم تركي إضافي في عفرين لكي يتم تمكينها في مواجهة سلطة الفصائل المعارضة هناك.

الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني" الرائد يوسف الحمود، أكد لـ"المدن" أن الحملة الأمنية حققت سوية جيدة من النجاح، في فترة قياسية، إذ ألقي القبض على القسم الأكبر من المطلوبين وتم تسليمهم إلى الشرطة العسكرية والقضاء العسكري في إعزاز. ووصل عدد المطلوبين الذي ألقي القبض عليهم إلى 130 تقريباً، وهم يخضعون للتحقيق، وسيتم عرضهم على محكمة عسكرية خاصة خلال الفترة المقبلة لمحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها. وأكد الحمود أن مطلوبين آخرين تمكنوا من الفرار، أو التخفي، و"قد عممنا أسماءهم على حواجز الشرطة العسكرية والشرطة المدنية، وسيتم إلقاء القبض عليهم".

وأوضح الحمود أن التهم الموجهة للموقوفين تنوعت من الخطف، والقتل العمد، والسرقة بالقوة، وتهريب وتجارة البشر، والتعامل مع جهات معادية للثورة. ويمكن القول إن معظمهم كانوا منتسبين لمجموعات متمردة لا تلتزم بالقانون في المنطقة. وأضاف: "لقد أبدت جميع الفصائل والمؤسسات المدنية تعاونها مع الحملة الأمر الذي ساهم في التقليل من الصدامات المباشرة بين قوات الحملة والجماعات المطلوبة".

الحملة، بحسب الحمود، انعكست إيجاباً على الحياة العامة للأهالي وباتت الحركة الاقتصادية أفضل، والطرق أكثر أمناً، وغابت الحواجز العسكرية العشوائية عنها، وسُلّم قسم كبير منها للشرطة،  وانخفضت نسبة الجريمة مقارنة بالفترة التي سبقت الحملة الأمنية. المرحلة الأولى من الحملة الأمنية انتهت، ولم يعد هناك إجراءات حظر تجول ومداهمات طارئة في الوقت الحالي. والمرحلة الثانية ستتابع التحقيقات، بانتظار الكشف عن متورطين جدد.

استهدفت الحملة الأمنية عدداً لا بأس به من المتشددين الذين يُشتبه بانتمائهم وتعاطفهم مع تنظيمات جهادية. ومن بين المطلوبين قادة كتائب من الصف الثاني في الفصائل، وأهمهم قائد "لواء شهداء الشرقية" وعدد كبير من عناصره. الحملة الأمنية في عفرين كانت قد انطلقت في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، بملاحقة "لواء الشرقية"، وقد تمكن عدد من عناصره وقادته من الفرار إلى ادلب، حيث استقبلتهم على الأغلب "هيئة تحرير الشام". ومن هناك خرج قائد اللواء "أبو خولة" بفيديو قبل يومين، يتحدث فيه عن الظلم الذي تعرض له وفصيله، وناشد الحكومة التركية برد المظلمة، وشكر عناصر فصيله على الوقوف بجانبه حتى آخر رمق، ووعد عائلات عناصر لوائه التسعة الذين قتلوا بالاشتباكات بكفالة معيشتهم.

واتهم "أبو خولة" قيادة "الجيش الوطني" بـ"الخداع"، وأكد أن ملاحقة لواءه وتركيز الحملة الأمنية ضده بسبب قيامه مع مجموعة من عناصر "شهداء الشرقية" باقتحام جبهات جنوبي الباب ضد مليشيات النظام. وتناقل منظرون وأنصار "تحرير الشام" رواية "أبو خولة".
مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، وجود قنوات تواصل بين "شهداء الشرقية" و"تحرير الشام"، وقد تم رصد اتصالات وتعاون بين الطرفين خلال الفترة الماضية. ورفض "شهداء الشرقية" الانضمام إلى صفوف "الجيش الوطني" ولم يلتزم بالأوامر أكثر من مرة. والسبب الأهم في ملاحقته لأنه يضم عناصر جهادية متشددة.

ويبدو أن أهداف الحملة الأمنية التي تدعمها تركيا في ريف حلب أبعد بكثير من المعلن، ويبدو أن ملاحقة المجرمين والحد من الانتهاكات في المنطقة هي مجرد أهداف صغيرة مقارنة بالأهداف البعيدة. إذ حُلّت مجموعات وكتائب لديها مشاريع خاصة، وعلاقات وارتباطات بغير تركيا، وسبق لها أن رفضت الانضمام إلى صفوف "الجيش الوطني" المدعوم تركياً. وقد فرّ قسم كبير من قادة هذه المجموعات إلى ادلب وريف حلب الغربي، حيث ألقي القبض على عدد منهم.

في الغالب لن تتوقف الحملة الأمنية التي تحمل شعار مكافحة الفساد في مناطق سيطرة المعارضة ولكنها قد ترمي للقضاء على المشاريع المنافسة في المنطقة، وقد تستهدف تشكيلات أكبر خلال الفترة المقبلة. وقد يكون "جيش الإسلام" أحد أهم أهداف الحملة في حال لم يبدِ تعاوناً أفضل مع الفصائل وتركيا في المنطقة،  ويتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه. وما يزال "الجيش" منعزلاً، يغرد خارج السرب، وقد شارفت عمليات تشييد مقراته ومواقعه الجديدة على الانتهاء، وقد تسلّم مقاتلوه رواتبهم بشكل منتظم مؤخراً. وعلى مسافة قريبة من "درع الفرات" كانت هناك زيارة لوفد عسكري سعودي لمواقع "وحدات حماية الشعب" الكردية في منبج، ما يزيد من قلق المعارضة وتركيا في المنطقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها