الثلاثاء 2018/11/13

آخر تحديث: 13:17 (بيروت)

ما الفرق بين لؤي العلي ووفيق الناصر؟

الثلاثاء 2018/11/13
ما الفرق بين لؤي العلي ووفيق الناصر؟
انترنت
increase حجم الخط decrease
رغم نفوذه الواسع في درعا والسويداء، لم تكن إزاحة العميد وفيق الناصر من منصبه على رأس "شعبة الأمن العسكري" جنوبي سوريا، مطلع العام 2018، قراراً عبثياً، رغم ما أثاره من استغراب. واتضح لاحقاً، أن العميد لؤي العلي، خليفة الناصر، قد تم تحضيره بشكل جيد لهذا المنصب، في هذا التوقيت، بعدما لعب دوراً كبيراً في سيطرة مليشيات النظام على كامل الجنوب السوري.

العميد لؤي العلي، قضى سنوات في محافظة درعا مسؤولاً عن "شعبة الأمن العسكري" فيها قبيل اندلاع الثورة وخلال الأشهر الأولى منها. ورغم أنه أحد المتورطين في قمع المظاهرات الشعبية، إلا أنه استطاع إعادة توظيف علاقاته واتصالاته لتسهيل انضمام معظم مدن وبلدات الجنوب إلى اتفاقيات "التسوية" وما تلاها من ضبط للوضع الأمني.

وتُعتبر مشاركة العلي في الاجتماعات التي تعقدها وفود المعارضة مع ممثلي النظام في درعا، أمراً أساسياً. ويقول عضو في وفد المعارضة في شمال غرب درعا، لـ"المدن"، إن الاجتماعات التي لا يشارك فيها العلي "بلا معنى" وأي نقاط يتم التوافق عليها مع ممثلي النظام من المستحيل تمريرها من دون موافقته عليها، "حتى لو وافق عليها رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في المنطقة الجنوبية اللواء محمود القوزي"، الذي يحظى برتبة ومنصب أعلى من العلي. ويؤكد ذلك النفوذ الواسع الذي يحظى به العلي، على حساب الجهات الأمنية والعسكرية الأخرى التابعة للنظام.

السياسة التي اتبعها العلي في إدارة الملف الأمني، تبدو مغايرة تماماً لسياسة سلفه العميد وفيق الناصر. وعُرف عن الناصر أسلوبه التصادمي والمتشدد، وتهديده المستمر باستخدام القوة، ما جعله خصماً مباشراً للعديد من فصائل المعارضة في محافظة درعا، وكذلك الفصائل المحلية في محافظة السويداء. ويبدو أن العلي يسعى إلى إطفاء النيران التي أشعلها الناصر، خلال السنوات الماضية، عبر بث تطمينات وتنفيذ إجراءات بهدف إظهار أن المنطقة الجنوبية بدأت عهداً جديداً مختلفاً عن سابقه.

وضع السيطرة العسكرية المتداخل في مدينة درعا، وتواجد آلاف مقاتلي المعارضة في درعا البلد، جعل منها الملف الأكثر تعقيداً في الجنوب. وهو الملف الذي يُشرف عليه العميد لؤي، بشكل كامل، متبعاً سلسلة من الإجراءات التي حافظت على هدوء المدينة وضبط وضعها الأمني، رغم استمرار سيطرة فصائل المعارضة بشكل غير مباشر على أحياء درعا البلد.

وأعاد العلي افتتاح معظم الطرق الرابطة بين أحياء المدينة، تحت إشراف "الأمن العسكري"، كما بدأ بإزالة حاجز حميدة الطاهر، أحد أكبر وأكثر الحواجز أهمية لمليشيات النظام، بالتزامن مع منحه امتيازات على مستوى التنقلات والاتصالات للعشرات من قادة ومقاتلي فصائل المعارضة سابقاً، بهدف تسهيل إعادة سيطرة "الأمن العسكري" على ما تبقى من مناطق لم تدخلها الأجهزة الأمنية بعد.

نفوذ العلي البارز وتقاربه مع قادة "فصائل التسوية" ظهر بشكل بارز، بعد حادثة اعتقال فرع المخابرات الجوية لمصطفى الكسم أحد قادة فصائل درعا البلد سابقاً. اعتقال لم يستمر إلا لساعات وانتهى بتدخل العلي شخصياً لإطلاق سراحه من "المخابرات الجوية".

الإجراءات الجديدة التي قام بها العميد العلي في مدينة درعا ومحيطها، تضمنت استحداث مكتب يتبع لـ"الأمن العسكري" لاستقبال شكاوى المدنيين الذين تم الاستيلاء على منازلهم من قبل مليشيات النظام أو من نازحين مدنيين خلال السنوات الماضية، وذلك بهدف تسهيل إعادة المنازل لأصحابها. كما يعمل "الأمن العسكري" على تأمين المرافقة الأمنية لسيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر، أثناء توجهها لنقل حالات الإسعاف من البلدات المجاورة لمدينة درعا ليلاً.

حالة الانضباط الأمني التي أُريد إظهارها عمداً في محافظة درعا، لم تمنع ضباط الأجهزة الأمنية، بمن فيهم "الأمن العسكري"، من ممارسة الانتهاكات بحق المدنيين، عبر فرض الإتاوات على الحواجز ومصادرة السيارات وتنفيذ العشرات من الاعتقالات، مع استمرار عمليات التعفيش وتصريف المواد المُعفّشة داخل الأسواق، التي لم تجد جميعها من يمنعها بشكل جاد. الاتهامات طالت العميد لؤي العلي، بالوقوف شخصياً خلف مصادرة عدد من سيارات المدنيين في درعا البلد، ودفعه لعدد من ضباطه لطلب أتاوات مالية كبيرة من عدد من قادة فصائل المعارضة في المدينة سابقاً.

العلي لم يتردد في توسيع نفوذه وفرض قراراته مستخدماً سياسة الوعيد والتهديد أيضاً. وأشارت مصادر "المدن" إلى أن العلي طالب بتسلم جميع الأسلحة المتبقية لدى الفصائل والمدنيين في ريف درعا الغربي، مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، مهدداً بعملية أمنية وتفتيش المنازل. المهلة الممنوحة ضمن اتفاقية "التسوية" لتسليم الأسلحة تنتهي في شباط/ فبراير 2019. وطالب العلي من يريد الحفاظ على سلاحه بالتطوع بفرع "الأمن العسكري"، متذرعاً بأن من يحمل السلاح دون الالتحاق بأي من تشكيلات النظام لديه "نوايا باستخدام السلاح ضد الدولة" على حسب تعبيره.

لا يمكن اعتبار السياسة التي أظهرها العلي و"الأمن العسكري" في تعامله مع المدنيين ومقاتلي فصائل المعارضة، على أنها حالة دائمة، خاصة أننا ما زلنا ضمن فترة اتفاقية "التسوية". وما زالت أجزاء من محافظة درعا خارج سلطة الأجهزة الأمينة، بشكل مباشر، من دون إغفال تواجد الشرطة العسكرية الروسية ومشاركتها في صناعة القرارات وتنفيذها. لذلك فإن الاختبار الحقيقي لنوايا النظام وأجهزته الأمنية سيكون بعد انتهاء الشهور الستة التي حددتها اتفاقية "التسوية"، لاستعادة كامل السيطرة، و"إعادة الحياة المدنية" إلى جنوب سوريا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها