الأحد 2018/10/07

آخر تحديث: 17:18 (بيروت)

الساحل السوري: من أيقظ "الأمن السياسي"؟

الأحد 2018/10/07
الساحل السوري: من أيقظ "الأمن السياسي"؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
منذ منتصف الصيف، اخترقت الساحل السوري موجة اعتقالات شملت كل المُقيّدين لدى فروع الأجهزة الأمنية بسجلات أمنية، ممن ينشطون في العمل السياسي والمدني، من المستقلين أو أبناء أحزاب المعارضة التقليدية. الاعتقالات ركّزت على المتهمين في وقت سابق بالمشاركة في الثورة، عبر المظاهرات أو النشاطات السياسية.

موجة الاعتقالات الأخيرة نفذها "الأمن السياسي" و"أمن الدولة"، الفرعان اللذان تجنّبا لوقت طويل تنفيذ الاعتقالات في الساحل. "الأمن العسكري" و"المخابرات الجوية" كانا قد احتكرا، في السنوات الثلاث الأخيرة، إدارة شؤون الملاحقين سياسياً، ومتابعة الشؤون السياسية والاجتماعية في الساحل.

عودة "الأمن السياسي" للعمل كانت مفاجئة، خاصة للناشطين المعارضين في الحقل السياسي. وعاد "الأمن السياسي" منذ بداية أيلول/سبتمبر لاستدعاء أعضاء من "هيئة التنسيق الوطنية" لإجراء تحقيقات، ثم امتدت الاستدعاءات إلى أعضاء "حزب العمل"، ومثقفين وسياسيين.

أحد أعضاء "هيئة التنسيق" قال لـ"المدن": "التحقيقات طويلة واسبوعية، وتتم عبر الاستدعاء بالهاتف، وشملت كل عناصر هيئة التنسيق تقريباً، ونشطاء من أصدقاء الهيئة"، وأضاف: "أبرزت التحقيقات جهل الأمن السياسي بملفات العمل السياسي في اللاذقية وطرطوس"، متابعاً: "هم يُريدون التعرف على نشاطاتنا، التي هي علنية أصلاً، وبدا لنا أن الفرع يريد التعرف على نشاطنا منذ اليوم الأول للهيئة، لفقرٍ في معلوماته أو لقلة مصادره، وضغط على بعض الأفراد لتسليمهم مجلة الهيئة، التي تُنشر بشكل بدائي عبر الأيدي والأصدقاء أو عبر الإنترنت".

رئيس "الهيئة" حسن عبدالعظيم، تدخل شخصياً، بحسب مصادر "المدن"، مُهاتفاً أحد أعضاء "مكتب الأمن القومي" في دمشق، لوقف موجة التحقيقات بحق أعضاء "الهيئة" في الساحل. فرع "الأمن السياسي"، بحسب أكثر من مصدر في "هيئة التنسيق"، حاول اختراق عمل "الهيئة" وإيقاف اجتماعاتها تحت التهديد. إلا أن تدخل عبدالعظيم، وتهديده لـ"الأمن السياسي" بـ"طائلة الفضح والاحتجاج لدى أكثر من مركز سياسي مسيطر في سوريا"، بحسب أحد مصادر "المدن"، أوقفت الاستدعاءات مؤقتاً.

توقف التحقيقات الأمنية مع أعضاء "الهيئة" لم يمنع "الأمن السياسي" وعناصره من التعدي على من لا يملكون صفة تنظيمية أو حماية من مراكز سياسية. فأعاد "السياسي" تركيز استدعاءاته لنشطاء مستقلين وأقاربهم بطريقة رخيصة. الاعتقالات وإخفاء الجهة المُنفذة لها، كانت موجهة لدفع الأقرباء لدفع الأموال لكشف مصير المعتقلين. أحد أكثر الإجراءات تعسفاً، كانت لجوء عناصر "الأمن السياسي" لخطف زائري البلد من الخليج العربي وأوروبا، عبر المنافذ الحدودية، أثناء مغادرتهم سوريا، بحججٍ واهية وغير حقيقة، لدفع "الفدية"، تحت طائلة التحويل للمحكمة وتأخير إجراءات التقاضي. ويدعي "الأمن السياسي" حصوله على معلوماته عن هؤلاء الزوار،  من فرع "المخابرات الخارجية".

أكثر من معتقل عبر المنافذ الحدودية في طريقهم للمغادرة كانوا قد استفسروا عن أوضاعهم "الأمنية" قبل المجيء إلى سوريا، وتبين لهم خلو سجلهم من أي مطالبة أمنية للتحقيق. أثناء الخروج من البلد، تم اعتقالهم، وغالباً ما أطلق سراحهم بعد تحصيل "الفدية".

بعض المعتقلين شملهم "قانون جرائم المعلوماتية"، إذ تم اعتقال موظفين ومواطنين مواليين للنظام، بذريعة "مهاجمة القبيسييات"، أو "مهاجمة الدولة ورموزها"، في وسائل التواصل الاجتماعي. وتم اعتقال مواطنين من قِبل "الأمن السياسي" بحجة متابعة صفحة فيصل القاسم في "فيسبوك"، او متابعة شخصيات المعارضة. وأتاح "قانون الجرائم الإلكترونية" للمنظومة الأمنية، الادعاء لأي سبب على الناس، واعتقالهم واستغلالهم. وبات واضحاً للجميع أن أي مشكلة تُحل بدفع المال للجهة الخاطفة.

طبعاً، النظام يبدو صارماً تجاه مهاجمي سياسته الدينية التي يتبعها في الآونة الأخيرة، خاصة أن أصواتاً كثيرة في الساحل من العلويين تُعارض هذه السياسة جهاراً. النظام بات يُحرض على أولئك العلويين منظومته الأمنية. أكثر من عشرين إسماً تم التحقيق معهم، بحسب مصادر "المدن"، بتهمة "مهاجمة سياسة الدولة" و"مهاجمة الدين الإسلامي" و"سياسة الحكومة الدينية".

وتشهد الشهور الأخيرة، اعتقالات يومية تطال الجميع من دون استثناء. ولا يخلو الأمر من انتقام "الأمن السياسي" ممن سووا أوضاعهم في أوقات سابقة لدى أجهزة أمنية أخرى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها