الجمعة 2018/10/05

آخر تحديث: 10:01 (بيروت)

الغوطة الشرقية:النظام يُسهّل نقض عمليات عقارية "كاملة الأركان"

الجمعة 2018/10/05
الغوطة الشرقية:النظام يُسهّل نقض عمليات عقارية "كاملة الأركان"
(Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد ستة شهور من سيطرة النظام على الغوطة الشرقية، يدفع السكان نتائج "حرب القوانين" التي تدور رحاها بين نظام أحكم سيطرته على المنطقة رافضاً كل القوانين والوثائق الصادرة عن المعارضة، ومعارضة استقلت حافلات التهجير تاركة 400 ألف مدني قرروا البقاء. ملف العقارات هو آخر آثار تلك الحرب وأهمّها.

ونشطت في الآونة الأخيرة عملية استعادة بعض أصحاب العقارات لممتلكاتهم المباعة خلال فترة سيطرة المعارضة، مستغلين رفض النظام الاعتراف بالسجل العقاري خلال فترة حكم المعارضة، رغم اعتماد المعارضة حينها لسياسة النظام التنظيمية والتوثيقية.

وكان وزير الإدارة المحلية في حكومة النظام حسين مخلوف، قد قال في نيسان/ أبريل بعدم الاعتراف بأي عملية عقارية خلال فترة سيطرة المعارضة على دوما، وأن "الحقوق محفوظة لأصحابها". مصدر قانوني، قال لـ"المدن"، إن هذه "السياسة التي اتبعها النظام أطلقت يد أصحاب العقارات لاستعادة ممتلكاتهم من دون وجه حق".

واستغلّ أصحاب تلك العقارات تصريحات النظام، وخروج عدد من أصحاب العقارات الجدد ضمن قوافل التهجير إلى الشمال السوري. مصدر قانوني قال لـ"المدن" إن "عمليات البيع خلال فترة حكم المعارضة لا يمكن إعادة تثبيتها لدى النظام، إلا بوجود الطرفين وشهود، وذلك بكتابة عقد جديد وتوثيقه لدى دوائر النظام، ومن ثم تسجيله أصولاً لدى دائرة السجل العقاري التابعة للنظام، ويستطيع البائع بغياب أي طرف من الأطراف أن يستعيد عقاره، إذ أن الملكية كانت له قبل سيطرة المعارضة على الغوطة".

من جانبه، أكد صاحب مكتب عقاري في مدينة دوما انتشار ظاهرة استعادة العقارات، وقال لـ"المدن" إن "الاستعادة تكون بطرق متعددة، فإذا أراد البائع أن ينصب على المشتري، بإمكانه أن يقدم شكوى في دوائر النظام بأنه باع تحت الضغط أو التهديد، وهنا النظام يحكم لصالحه"، وأضاف "إذا كان الشخص عليه ملف أمني لدى النظام، أو من عائلة معروفة بولائها للثورة السورية من السهولة بمكان أن يخسر عقاره".

عائلة ترتبط بصلة قربى مع عائلة قائد "جيش الإسلام"، كانت قد اشترت عقاراً منتصف العام 2017، وبعد سيطرة النظام على الغوطة، قدم أصحاب العقار شكوى واستعادوا عقارهم.

واللافت أن هذه الظاهرة فيها تلاعب على القانون والدين، بحسب ما ذكر مصدر لـ"المدن"، ويحلّل منكرو البيع صنيعتهم من دون الرجوع إلى أي فتوى شرعية تُجيز استعادتهم ملكية عقاراتهم. مصدر محلي قال لـ"المدن" مبرراً الظاهرة الجديدة: "هل يقبل الشرع أن يكون ثمن شقة سكنية في دوما خلال الحصار مليون ليرة سورية ، بينما يتجاوز سعرها ثلاثة ملايين ليرة قبل الحرب ؟"، معتبراً أن الظروف دفعتهم إلى البيع للبقاء على قيد الحياة.

مصدر في دائرة السجل العقاري، العاملة في الغوطة الشرقية خلال فترة حكم المعارضة، قال لـ"المدن"، إن عمليات البيع خلال فترة سيطرة المعارضة في الغوطة كانت تخضع لتشديد ورقابة، وتوجد لجنة تخمين لتحديد أسعار البيوت، ولم يتم تسجيل حالات عمليات بيع بالإجبار، وبالتالي فإن أي عملية بيع تمت هي "كاملة الأركان".

وأضاف المصدر "من الطبيعي أن يتأثر سوق العقارات في زمن الحرب، وأن تنشط عمليات تجار الحروب كما حدث في قطاع الغذاء والدواء، ولكن هذا لا ينفي صحة عقود البيع"، وأضاف أن "الجهة التي تحكم للبائع بعودة عقاره (النظام) هي التي تتحمل المسؤولية الأكبر في تدهور سوق العقار نتيجة القصف المستمر والحصار، فضلاً عن خروج آلاف الوحدات السكنية والمرافق العامة عن الخدمة خلال السنوات السابقة".

وكان السجل العقاري في منطقة دوما (دوما وما حولها)، قد سجّل خلال فترة حكم المعارضة للغوطة الشرقية نحو 9000 عقد بيع وشراء، موثقة أصولاً حسب القانون المعمول به لدى النظام، بحسب ما قاله مصدر لـ"المدن"، ورغم ذلك، فـ"حقوق أصحاب هذه العقود مهددة لعدم اعتراف النظام بها".

حركة إعادة الترميم، والإعمار الفردي، في الغوطة الشرقية، كانت قد نشطت خلال الشهرين الماضيين، إذ سمح النظام بدخول مواد البناء الخفيفة والثقيلة إلى دوما وما حولها، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار العقارات. صاحب مكتب عقاري، قال لـ"المدن"، إن "شقة سكنية أو وحدة عقارية كانت تباع بـ5 ملايين ليرة خلال الحصار، يتجاوز سعرها حالياً 10 مليون ليرة سورية"؟ وأشار إلى أن الأسعار تحسنت، ولكن عمليات البيع والشراء لا تزال منخفضة، لأن النظام لم يفتح الغوطة الشرقية على دمشق بشكل كامل. وعودة تجار دوما المقيمين في دمشق، إلى دوما، اقتصرت على الزيارة لا الاستقرار.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها