الجمعة 2018/10/19

آخر تحديث: 12:20 (بيروت)

ما لم يُدمّرُه بالقصف..النظام يستولي عليه بـ"الذخائر غير المنفجرة"

الجمعة 2018/10/19
ما لم يُدمّرُه بالقصف..النظام يستولي عليه بـ"الذخائر غير المنفجرة"
Getty
increase حجم الخط decrease
رغم مرور أكثر من ستة شهور على إخلاء المعارضة، فإن أصوات الانفجارات ما زالت تُسمعُ في العاصمة وريفها، فيما يقول النظام إنه "تفجير وحدات الهندسة لذخائر تركها الإرهابيون". الأمر يبدو أبعد من تفجير ذخائر غير منفجرة، ويتعلق بإعادة هندسة المناطق والعشوائيات التي كانت تحت سيطرة المعارضة، وتدمير أجزاء كبيرة منها لتتناسب مع المخططات التنظيمية الجديدة المتوافقة مع سياسة النظام في التغيير الديموغرافي.

مصادر إعلامية وأهلية من دمشق أكدت لـ"المدن" أن أصوات الانفجارات تسمع في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة والتي يُحظرُ على الأهالي العودة إليها. الإبلاغ عن تفجير مخلفات "الإرهابيين" غير المنفجرة، يتم من خلال وزارة الدفاع، عبر موقعها الرسمي، ثم تقوم "وحدات الهندسة" في قوات النظام بإبلاغ  قاطني الاحياء المجاورة، عن طريق رؤساء البلدية أو اللجان المشرفة، لتعميم الخبر، "كي لا تتسبب أصوات الانفجارات بهلع وذعر لدى الأهالي".

رائد، 25 عاماً، يعيش وعائلته بالقرب من ساحة العباسيين المتاخمة لحي جوبر، قال لـ"المدن": "لم أشعر بفرق كبير منذ أن قامت قوات النظام بإخلاء عناصر المعارضة باتجاه الشمال السوري. الاشتباكات وحدها التي توقفت". ولكن بحسب رائد، أصوات الانفجارات ما زالت تسمع بشكل شبه يومي، و"النظام يقول إنها تارة نتيجة ردم الانفاق، وتارة بسبب إتلاف الذخائر غير المنفجرة"، ولكن بالنظر إلى حي القابون، "نجد أن الأبنية العالية بين عين ترما والطرف الغربي لحي جوبر، وهي تختفي تدريجياً".

وأضاف رائد لـ"المدن"، أن سيارات نقل وترحيل الأنقاض لا تتوقف عن العمل في جوبر، خصوصاً في "مجمع البشائر" الذي شارفت إزالته بشكل كامل على الإنتهاء، وسبق أن تعهدت قنوات النظام لقاطنيه ببناء أبراج سكنية عوضاً عنه.

داريا، أولى المدن التي هُجّرت منها المعارضة، منذ عامين. وبعد أن "سُمِحَ" للأهالي بالعودة  بشكل تدريجي، منذ شهرين، إلى بعض الأحياء فيها، أعلنت محافظة ريف دمشق إيقاف عملية العودة. أبو ياسر، 40 عاماً، كان من بين العائدين في الدفعة الأولى، وقال لـ"المدن": "بعد بدء دخول الأهالي إلى المدينة أعلنت البلدية إيقاف العملية، بشكل مؤقت، بتوجيهات من المحافظ"، مرجعة الأسباب إلى "الاشتباه بوجود مستودعات للذخائر من مخلفات الإرهابيين، بين الأبنية المدمرة بشكل جزئي"، وتبيّن لاحقاً أن سبب توقيف عودة الأهالي، هو قيام قوات النظام بتفجير أجزاء من بعض الأحياء التي كانت تسيطر عليها المعارضة، والتي لم يسمح أصلاً بالدخول إليها.

وأضاف أبو ياسر، أن عمليات التفجير وإزالة الأبنية في تلك الأحياء "هو بمثابة تمهيد لمخطط تنظيمي جديد قد لا تستطيع المحافظة فرضه في حال سمحت للأهالي بالعودة قبل الانتهاء من إزالة تلك الأحياء".

عضو في مكتب داريا التنفيذي، قال لـ"المدن"، إن عمليات التفجير التي جرت وتجري، يومياً، من الساعة الثانية ظهراً حتى الخامسة عصراً، "ما هي إلا لإنهاء ملف مخلفات الذخائر"، مؤكداً أن "المنازل التي تقوم وحدات الهندسة بتفجيرها هي آيلة للسقوط بأي لحظة، وقد تتسبب بوقوع أضرار بشرية ما لم تتم إزالتها".

الناشط الإعلامي كمال جمال الدين، قال لـ"المدن"، إنه منذ أيام قليلة انتهت قوات النظام من إزالة الأنقاض من قرية عين الفيجة، بعد أن دمّرت كافة منازلها. اتلاف الذخائر والقذائف التي خلفتها قوات المعارضة كانت ذريعة للنظام، لتحويل قرية عين الفيجة إلى "حرم" لمياه نبع الفيجة. الأمر ذاته تكرر في قرية بسيمة. المرسوم الرئاسي رقم 1 للعام 2018، جاء لتشريع عملية الهدم ومصادرة الأملاك وطرد الأهالي من "حرم" النبع "المباشر" و"غير المباشر"، رغم أن مسافة "الحرم" الأبعد هي 30 متراً.

الطبوغرافي أنس شاوي، قال لـ"المدن"، إن عمليات الهدم التي يقوم بها النظام، خصوصاً في الأحياء التي كانت تحت سيطرة المعارضة، يندرج ضمن سياسة التغيير الديموغرافي، ولإضعاف البنية الاجتماعية في تلك المناطق كخطوة انتقامية. ويسعى النظام من خلال تدمير الأبنية المتضررة بشكل جزئي إلى طمس معالمها أمام أي جهة دولية معنية بـ"إعادة الأعمار"، ووضعها أمام المخططات التنظيمية الجديدة لا القديمة. كما أن إزالة الكتل العمرانية الكبيرة التي لم يتمكن النظام من السيطرة عليها، ستسهل عمليات الإخضاع، في حال حصول احتجاجات مستقبلية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها