الخميس 2018/10/18

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

العلويون و"الفيلق الخامس":ترميم علاقة الطائفة بالجيش

الخميس 2018/10/18
العلويون و"الفيلق الخامس":ترميم علاقة الطائفة بالجيش
Getty
increase حجم الخط decrease
استطاع الروس عبر وسطائهم من المترجمين، ومن الضباط على رأس عملهم والمتقاعدين منهم، إقناع آلاف الشبان المتهربين من خدمة العلم والفارين، في الساحل السوري، بالانتساب إلى "الفيلق الخامس". دخول "الفيلق الخامس" الى الساحل أعاد إحياء علاقة الطائفة العلوية بالجيش، بعدما شهدت السنوات الأخيرة عزوف الشبان العلويين عن الانتساب لقوات النظام، نتيجة الخسائر البشرية الهائلة التي لحقت بهم.

قادة "الفيلق الخامس" عملوا على محاور متعددة لإغراء الشباب، كالتعهد بوصول المنتسبين إلى مستويات قتالية عالية وتلقينهم تدريبات حقيقية على أفضل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وتنظيم عمليات العسكرة والقتال وفق منهج زمني محدد. وإخبار المقاتلين بالوجهة القتالية قبل التوجه إليها. والابتعاد عن العشوائية وإمدادهم بوجبات غذائية منتظمة وتنظيم تسليمهم الرواتب. ويضاف إلى ذلك تخصيص بعض المقاتلين لحماية أعمال الشركات الروسية، والمنشآت، والطرق التجارية، وطرق إمداد النفط والثروات الباطنية، التي باتت من حصة الروس.

الإغراء الأهم هو إعفاء المتهرب من التجنيد أو الفار، من كل العقوبات العسكرية المستحقة عليه، وإغلاق ملفه القضائي في المحكمة العسكرية. وهذا ما جعل العلويين في الساحل يتشجعون لإرسال أبنائهم مرة أخرى للجيش بعنوانه الروسي الجديد: "الفيلق الخامس".

ضابط وقائد مجموعة عسكرية انضم مؤخراً لـ"الفيلق الخامس"، بعدما كان فاراً لمدة طويلة من "الحرس الجمهوري"، قال لـ"المدن": "أشعر بالارتياح في العمل داخل الفيلق الخامس. أحصل على راتبي شهرياً، وأنتظم في دوام رسمي كموظف، وتدربت على أحدث أنواع الأسلحة وأصبحت متقناً لها". وأوضح قائلاً: "نتدرب لمدة ثلاثة شهور، وأجرينا تجارب على عمليات قتالية شبه حقيقية، ويلتزم الضباط الروس بمصداقية عالية لم نشهد لها مثيلاً أثناء خدمتنا مع الجيش".

ويحرص الروس على البقاء مع قوات "الفيلق الخامس" في عمليات القتال في ريف حماة، وقد أبعدوا القادة والمترجمين السوريين المُعيّنين من قوات النظام، عن نطاق العمل.

الكثيرون من الفارين من "الفرقة الرابعة" و"الحرس الجمهوري" انضموا إلى "الفيلق الخامس"، بسبب "الأمان والوفرة المالية واللوجستية"، بحسب الضابط الفار، الذي أشار إلى "النجاح العالي للقيادة الروسية في قيادة عمليات ريف حماة ضد داعش".

مقاتل متهرّب من الخدمة العسكرية، قال لـ"المدن"، إنه تمكن من "تسوية" ملفه، بعدما توسط له ضابط سوري في "الفيلق الخامس". الاتفاق مع الضابط السوري كان على تنازل المتهرّب عن ثلث راتبه للضابط، مقابل أن يخدم مع شركة نفطية روسية. الفساد عنصر مشترك بطبيعة الحال بين الضباط السوريون والروس في "الفيلق الخامس".

المقاتل الفار التحق في آذار/مارس 2018 بـ"الفيلق الخامس" بعد فراره من كتيبة لقوات النظام ترابط في البادية. يقول لـ"المدن": "أعمل في منطقة داخل ريف جبلة، لمدة 13 ساعة يومياً، وأجريتُ تدريبات على الحماية والقتال الخاطف، وذلك لبدء العمل في حماية شركة روسية ستعمل خلال السنة المقبلة في سوريا".

وتعهّد ضابط روسي للشاب الثلاثيني، بمنحه عقد عمل بعد تسريحه من "الفيلق الخامس"، "إذ تخطط روسيا لتحويل مقاتلي الفيلق للعمل في شركات أمنية روسية في سوريا بعد انتهاء خدمتهم"، بحسب ما قاله.

وبات الانتساب لـ"الفيلق الخامس" محط فخر للأهالي في الساحل. الراتب المرتفع نسبياً، جعل عموم الفارين يصرون في حال عودتهم للانتساب للجيش، على الخدمة في "الفيلق". كما أن مراعاة "الفيلق" للمقاتلين الهاربين من العلويين، وانخفاض عدد القتلى من مقاتلي "الفيلق" مقارنة بمليشيات وكتائب عسكرية نظامية، جعل "الفيلق" محط اهتمام الشبان في الساحل.

وبات الروس يحاولون الحدّ من الانتساب لـ"الفيلق"، نتيجة الطلب الكبير عليه، واستفادة كثيرين من الفساد المنتشر بين ضباطه الروس، للتهرّب من التجنيد. ويقبل بعض الضباط الروس بإدراج اسماء المزيد من المقاتلين، لقاء تنازلهم عن مخصصاتهم المالية. ومع ذلك، يخضع "الفيلق الخامس" لتنظيم أفضل من بقية قوات النظام.

عمد الروس منذ تدخلهم العسكري المباشر في سوريا نهاية العام 2015، على العمل لإعادة هيكلة قوات النظام المتهالكة. واليوم باتوا عبر "الفيلق الخامس"، يسيطرون على أقوى الكتائب وأكثر المقاتلين تدريبياً. والحظوة العلوية في "الفيلق الخامس" هي استمرار لعلاقة العلويين بالمؤسسة العسكرية في سوريا، وإن كانت بقيادة روسية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها