الخميس 2017/09/14

آخر تحديث: 15:23 (بيروت)

"رابطة المرج والقطاع الجنوبي":تقسيم المُقسّم؟

الخميس 2017/09/14
"رابطة المرج والقطاع الجنوبي":تقسيم المُقسّم؟
أهالي قطاعي المرج والجنوبي وجدوا أن لا حصة لهم من مقاعد "القيادة الموحدة" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
"تقسيم المقسم" قد تكون السياسة التي تنتهجها "هيئة تحرير الشام" في الغوطة الشرقية، للهرب إلى الأمام، في ظل التطورات السياسية والعسكرية. وبعد التسليم بتقسيم الغوطة الشرقية إلى قطاعين؛ دوما والأوسط، بين "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، ورفع السواتر الترابية بينهما وتثبيت نقاط رباط على بعضهما، فإن تفاصيل جديدة تشير إلى امكانية ظهور فصيل جديد في الغوطة الشرقية؛ "رابطة أهل المرج والقطاع الجنوبي".

على أحد منابر مساجد الغوطة الشرقية، أعلن قائد "الرابطة" المكنى بـ"أبو الحارث الحراني"، الجمعة، انطلاق التشكيل الجديد، ودعا جميع الثوار والفعاليات الثورية من منطقتي المرج والقطاع الجنوبي إلى المسارعة بالانضمام إلى صفوفه. "أبو الحارث الحراني"، الذي كان قائداً عسكرياً سابقاً في صفوف "جيش الإسلام"، قال عن تشكيله الجديد: "سيكون نواةً جديدة لتشكيل كبير سيقوم على مستوى سوريا".

ونشأت "الرابطة" بعد اجتماعات ولقاءات بين الفعاليات الثورية والمثقفين من أهالي قطاعي المرج والجنوبي، وذلك بعد إعلان "فيلق الرحمن"، المسيطر على القطاع الأوسط، دخول اتفاقية "خفض التصعيد" في 18 آب/أغسطس حيز التنفيذ بعد توقيعها مع الجانب الروسي. وبعد نشر بنودها، فوجىء أهالي المرج والقطاع الجنوبي، بأنهم خارج الاتفاقية، ومصيرهم مجهول في حال فتح "المعابر الإنسانية" وعودة الأهالي إلى مناطقهم.

"فيلق الرحمن" كان قد شكّل "قيادة موحدة" في مناطق سيطرته، من المدنيين والعسكريين، ولم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي بعد، إلا أن أسماء الأعضاء تسربت إلى الإعلام. "القيادة المدنية الموحدة للقطاع الأوسط" تتكون من 11 عضواً منهم خمسة من "الفيلق" وستة مستقلين بينهم امرأة، ومن المقرر أن يتم إعلان أسماء أعضاء القيادة بعد ظهر الخميس. أهالي قطاعي المرج والجنوبي، وجدوا أن لا حصة لهم من مقاعد "القيادة الموحدة"، بحسب الأسماء المسربة، إذ يُعتقد أنه قد تم تخصيص مقاعد المستقلين لأهالي المدن الواقعة تحت سيطرة "الفيلق"، لا النازحين إليها. وبذلك لن يحصل أهالي المرج والجنوبي، النازحين الذين استولى النظام على أراضيهم، على نصيب من هذه المقاعد.

الأسباب العسكرية لنشأة "الرابطة"، تعود بحسب مراقبين، إلى "صحوة" أهالي القطاعين على استخدام أبنائهم وقوداً لمعارك الاقتتال الداخلي في الغوطة الشرقية. فمعظم العناصر الذين يدافعون عن القطاع الأوسط، والمنتمين إلى "فيلق الرحمن" و"أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام"، هم من أبناء المرج والقطاع الجنوبي، ويقابلهم على الطرف الآخر اخوتهم المنتسبين إلى "جيش الإسلام". وبهذا يقتل أبناء المنطقة ذاتها، بعضهم بعضاً، دفاعاً عن مسميات الفصائل، التي "لم تسعَ يوماً لإعادة تحرير بلداتهم مثلما سعت لاستخدامهم كمرتزقة لرفع راياتها والوصول لمآربها"، بحسب مصدر من القطاع الجنوبي.

المعضلة الرئيسية التي تواجه "الرابطة" أن "هيئة تحرير الشام" تقوم بدعمها، مادياً وعسكرياً، وتخطط لذوبان عناصرها فيها. وهذا ما قد يكون الورقة الأخيرة التي تستخدمها "الهيئة" للخروج من أزمتها الراهنة المتمثّلة بالتزام "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام" بقتالها أو اخراجها إلى الشمال السوري، بعد توقيعهما اتفاقيات "خفض التصعيد" مع روسيا. وفي حال نجاح مشروع "الرابطة" فـ"الهيئة" تعتقد أنها ستتحول من فصيل مصنّف دولياً بالإرهاب، إلى تشكيل عسكري مناطقي، يصعب على السياسيين والعسكريين المطالبة بخروجه من الغوطة أو قتاله، خاصة أن معظم أهالي قطاعي المرج والجنوبي هم من حملة السلاح، ويشكّلون معظم القوة البشرية لدى فصائل الغوطة.

"جيش الإسلام" حذّر من خطورة التشكيل الجديد على ساحة الغوطة، وقال إن "الرابطة" هي حلّة جديدة لـ"هيئة تحرير الشام"، "تنوي التواري بها عن قوى العالم الخارجي". ويأتي قلق "جيش الإسلام" بعد بدء العشرات من العناصر المنشقين عنه سابقاً نتيجة الاقتتال الداخلي بالانضمام إلى "الرابطة". وهذا ما قد يفتح باب الانشقاقات بين صفوفه مجدداً، لا سيما أن "الرابطة" تلعب على الوتر الإنساني والعاطفي، وتدعي أن هدفها الأول هو تحرير منطقتي المرج والقطاع الجنوبي من النظام، وإعادة أهالي المنطقتين إلى منازلهم، وتتهم "جيش الإسلام" بتسليم هذه المناطق سابقاً لقوات النظام.

"فيلق الرحمن" لم يُظهر علناً أي موقف من "الرابطة"، إلا أن ظهور تشكيل مناطقي بهذا الحجم قد يؤدي إلى تسرب الكثير من عناصر "الفيلق" نحو نواتهم المناطقية الجديدة. كما أن أكثر من 100 مقاتل من ابناء المرج، انشقوا قبل يومين، عن "حركة أحرار الشام" مع أسلحتهم الثقيلة والخفيفة وكميات كبيرة من الذخيرة وانضموا مباشرةً إلى "الرابطة". الأمر الذي وضع "أحرار الشام"، المتهالكة أصلاً، في موقف صعب، بعدما شهدت مؤخراً عمليات انشقاق عنها باتجاه "فيلق الرحمن".

وتَعِدُ قيادة "الرابطة" عناصرها قريباً بإطلاق عمل عسكري واسع في منطقتي المرج والجنوبي ضد قوات النظام. وإن تم هذا العمل، فستتغير الموازين على أرض الغوطة، وستكون "الرابطة" من أكبر التشكيلات من حيث القوة البشرية، وستسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي ستكون سلة غذائية كبيرة للغوطة. إلا أن تنبّه قوات النظام لخطورة هذا التطور انعكس في ما قاله بعض الثوار المرابطين على جبهات القطاع الجنوبي، بعدما لاحظوا زيادة تحركات قوات النظام، وتعاملها العسكري مع أي مشاهدات من المزارع، بالإضافة إلى نشاط في عمل الجرافات والتركسات وتكثيف تحليق طيران الاستطلاع.

وفي حال فشل مشروع "الرابطة"، ستعود الأمور إلى المربع الأول، خاصة في ما يتعلق بمصير "هيئة تحرير الشام" في الغوطة. وقد يضطر أهالي المرج والجنوبي، للسير في طرق "التسويات" و"المصالحات" مع النظام، لتحقيق حلم العودة إلى ديارهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها