السبت 2017/08/05

آخر تحديث: 17:23 (بيروت)

ريف حمص الشمالي: من وقّع اتفاق "خفض التصعيد"؟

السبت 2017/08/05
ريف حمص الشمالي: من وقّع اتفاق "خفض التصعيد"؟
أشار المتظاهرون عبر إحدى اللافتات إلى أن "وقف إطلاق النار لا يعني إيقاف الثورة" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
عقب الإعلان عن دخول اتفاق "خفض التصعيد" في ريف حمص الشمالي حيز التنفيذ، الخميس، بدأت تظهر هشاشة الاتفاق وما يحيطه من ضبابية كبيرة، ما يهدد مصيره وإمكانية تطبيقه و حتى فشله.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت عن توقيع اتفاق "خفض التصعيد" في ريف حمص الشمالي، بين "حكومة الجمهورية السورية" و"المعارضة المسلحة في الريف الشمالي"، من دون تحديد الفصائل التي وقعت، كما لم يصدر أي بيان رسمي من فصيل عسكري معارض في الريف الشمالي ينفي أو يؤكد ذاك الاتفاق.

عضو "مجلس الشورى" في مدينة الرستن يعرب الدالي، قال لـ"المدن"، إن "مدينة الرستن لم توقع على الاتفاق، كما أن ممثل الرستن في القاهرة واصل أيوب، وعلى الرغم من عدم حصوله على تفويض من عسكريين أو مدنيين في الرستن، لم يوقع على الاتفاق خلال اجتماعه مع الروس، وذلك لضبابية بنود الاتفاق ونصه".

تحديد "حكومة الجمهورية السورية" كطرف نزاع موقع على الاتفاق، واستثناء ذكر المليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام كـ"حزب الله" اللبناني والمليشيات الإيرانية، وغيرها، يعكس عدم موافقة المليشيات على "الاتفاق". وسرعان ما ظهر ذلك في قصف المليشيات المتمركزة في محيط ريف حمص الشمالي، لبلدات وقرى المعارضة، ما تسبب في قتل مدني وإصابة 4 آخرين. وهو دور طالما اتخذته تلك المليشيات في تعطيل اتفاقات مشابهة، في محافظة حمص، لرفضها الاتفاق بشكل كامل أو جزئي. كما تلت ذلك اشتباكات على جبهة تسنين بين "حركة أحرار الشام" ومليشيا "الدفاع الوطني"، أصيب فيها 3 عناصر من المليشيا.

وعلى الرغم من ذلك، تمضي روسيا في تنفيذ إجراءات تطبيق بنود "الاتفاق"، وبثت قناة "روسيا اليوم" شريطاً مسجلاً، يظهر فيه أن الشرطة العسكرية الروسية أقامت نقاط تفتيش على طول "خط الاتصال" لمنطقة "خفض التصعيد" في ريف حمص الشمالي، في حين ذكرت مصادر "المدن"، أن تواجد المقاتلين الروس في ريف حماة الجنوبي، أمر ليس بالجديد، والجنود الروس متواجدون هناك منذ مدة على خطوط التماس مع ريف حمص الشمالي.

مفاوض سابق من المعارضة، خاض مفاوضات سابقة مع النظام، ورفض المشاركة في اجتماعات القاهرة، قال لـ"المدن"، إن "البعض من القادة العسكريين في الريف الشمالي كانوا قد طلبوا منذ نحو 4 أشهر وساطة رئيس الائتلاف الأسبق، رئيس "تيار الغد" أحمد الجربا، بحكم علاقاته مع الروس، من أجل بحث آلية اتفاق تهدئة".


(المصدر: LM)

وأشار مصدر مقرب من واصل أيوب (حضر اجتماع القاهرة كممثل عن الرستن من دون تفويض عنها) إلى أن من وقّع على الاتفاق الأخير، هم عبد السلام النجيب من حي ديربعلبة في حمص، وعلاء العلي من تلبيسة، وخالد زيني.

وقال قائد عسكري من غرفة عمليات ريف حمص الشمالي، لـ"المدن"، إنه لم يصلهم أي شيء رسمي، وبيان الفصائل الذي صدر سابقاً يوضح من هي الجهات المخولة بالحديث باسم محافظة حمص، كما أكد أن الشخصيات التي قيل إنها وقعت الاتفاق كممثلة عن ريف حمص، لم تتلقَ تفويضاً بذلك. وتضم غرفة عمليات ريف حمص الشمالي، كبرى فصائل المعارضة في الريف، كـ"أحرار الشام" و"فيلق الشام" و"فيلق حمص" و"جيش التوحيد".

الطبيب الميداني والمشرف على "هيئة تفعيل القيم الإسلامية" في "جيش العزة" في ريف حمص الشمالي، احمد الصالح، أكد في "تويتر"، أن "جيش العزة" لم يوقع أو يفوض أحداً بالاتفاق الأخير، وأضاف: "أن كل هدنة لا تحقق أمن وسلامة الناس هي لعب على الناس"، مشيراً إلى أن التوقف عن قتال النظام هو إعطاؤه ما يريد.

التصريحات المتناقضة الصادرة عن فصائل المعارضة، تُظهر تخبطاً في قراراتها حيال تحمل المسؤولية وإعلانها الموافقة على الاتفاق بشكل علني، وعدم نفيها للتوقيع على الاتفاق بشكل رسمي، رغم التصريحات الفردية لبعض قادتها.

كما أن التخبط في تأكيد الموافقة تارة، ونفيها تارة أخرى، يأتي بسبب عدم اتخاذ الفصائل العسكرية في ريف حمص لقرار مشترك، وهو ما منع إعلان المواقف بشكل رسمي. ويشكك البعض بأن نفي التوقيع يأتي لتحيّد الفصائل نفسها من مواجهة مقبلة مع "هيئة تحرير الشام".

وعبّر أحد القادة العسكريين في مدينة الرستن عن استغرابه من موافقة بعض الفصائل العسكرية، سراً على الاتفاق، خصوصاً أن الاتفاق حمل بنوداً سطحية لم تناقش تفاصيلها، مشيراً إلى أن البنود لا تختلف عن أي اتفاق سابق لم يكتب له النجاح. وأشار القيادي إلى أن بند الممرات الإنسانية ودخول المواد الغذائية مطبق أصلاً، ومفروض من قبل المعارضة على النظام، مقابل ألا تقطع المعارضة طريق مصياف-طرطوس الاستراتيجي للنظام ومليشياته. كما كشف القيادي السبب الذي دفع فصائل وفعاليات مدنية في الرستن، لرفض الاتفاق، بسبب طلب الجانب الروسي من المعارضة في الرستن فتح المستشفى الوطني والسماح بدخول موظفي النظام إليه، بالإضافة إلى فتح جسر الرستن وتمكين النظام من دخوله. وهذا سيمكّن النظام من السيطرة على الرستن، بسهولة، بسبب استراتيجية تلك المواقع في المدينة.

ولم تكن الرستن هي الوحيدة الرافضة للاتفاق حتى الآن، إذ إن منطقة سهل الحولة، والتي تضم 4 بلدات رئيسية؛ تلدو وتلذهب والطيبة وكفرلاها، رفضت الاتفاق. عضو في المجلس المحلي في الحولة، قال لـ"المدن"، إن الاتفاق لم يتحدث عن آلية وكيفية إطلاق سراح المعتقلين بشكل تفصيلي، علماً أن قضية المعتقلين وورود ذكرها جاء في جميع الاتفاقيات التي حصلت في سوريا، إلا انها لم تطبق في أي منها.

وإلى جانب ما سبق، تظاهر العشرات في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، الجمعة، لتوجيه رسالة للأطراف التي تناقش اتفاق "خفض التصعيد"، مفادها بأن لا اتفاق من دون تحقيق أهداف الثورة بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين. وأشار المتظاهرون عبر إحدى اللافتات إلى أن "وقف إطلاق النار لا يعني إيقاف الثورة". وهو ما يُظهر خوف المدنيين من المصير الذي ينتظرهم، وأي قرار يمضون فيه، في ظل التهميش النسبي لآرائهم في تقرير مصيرهم، والذي باتت تتخذه إما فصائل عسكرية أو تفرضه مؤتمرات واجتماعات دولية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها