الخميس 2017/08/24

آخر تحديث: 12:19 (بيروت)

إدلب:المؤسسات والدوائر المدنية في قبضة "تحرير الشام"

الخميس 2017/08/24
إدلب:المؤسسات والدوائر المدنية في قبضة "تحرير الشام"
"هيئة تحرير الشام" تحاول تطبيق تجربة "الدولة الإسلامية" في مناطق سيطرتها (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أصدرت "الإدارة المدنية للخدمات" في إدلب التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، الأربعاء، تعميماً يسمح بوضع يدها على المؤسسات والدوائر المدنية في محافظة إدلب، بهدف إعادة تشكيل الهيئات المدنية المنتخبة في المحافظة، بوجه مدني، يتبع عسكرياً لـ"الهيئة". ويأتي ذلك، في وقت تشهد فيه مدينة إدلب توتراً بعد رفض مجلس مدينتها وضع "الهيئة" يدها على الدوائر الرسمية التابعة له، ومساعي "الهيئة" لنسف الأجسام الإدارية في المحافظة وتشكيل حكومة تشرف على شؤون المناطق المحررة.

وتشكلت "الإدارة المدنية للخدمات" بعد سيطرة "الهيئة" على كامل محافظة إدلب بعد قضائها على "حركة أحرار الشام"، بهدف تشكيل حكومة تدير شؤون المؤسسات المدنية في المحافظة لتتبع عسكرياً لـ"الهيئة". ووضعت "الهيئة" على رأس "الإدارة المدنية" المهندس محمد الأحمد "أبو طه"، وأطلقت عليه لقب المحافظ، وبذلك تكون قد ألغت دور مجلس المحافظة، المنتخب والممثل لكافة مناطق محافظة إدلب، وأوجدت له بديلاً بمسمى آخر.

وبحسب بيان "الإدارة المدنية للخدمات"، فإن إدارة المؤسسات هدفها "ضمان الحقوق الشرعية للأهالي"، و"التوزيع العادل للخدمات" التي وضعت يدها عليها وتشمل؛ الاتصالات والمياه والصرف الصحي والنقل والكهرباء ومديرية المصالح العقارية ومديرية الأحوال المدنية و"المديرية العامة للإدارة المحلية" ومديرية الزراعة و"المؤسسة العامة للإمداد والتموين". فيما اعتبرت "الإدارة المدنية" أن باقي المديريات والهيئات الأخرى العاملة في المحافظة هي هيئات مستقلة لا يشملها القرار، في إشارة إلى مديريات الصحة والتربية والتعليم.

بدوره أًصدر "مجلس مدينة إدلب" بياناً اعتبر فيه أن ما تنتهجه "الهيئة" من تصعيد هدفه التفرد بالقرار، مؤكداً في الوقت ذاته أن المجلس يرحب بتبعيته إلى جهة مركزية شريطة وجود حكومة مدنية مستقلة معترف بها، لكنه لن يقبل تسليم المديريات المشكلة حديثاً؛ ومنها مديرية النقل التي تأسست بمبادرة من "مجلس المحافظة"، إلى "الإدارة المدنية" التابعة لـ"تحرير الشام".

رئيس "مجلس مدينة إدلب" إسماعيل عنداني، قال لـ"المدن"، إن "الإدارة المركزية تحاول إلحاق المديريات المستقلة، وكذلك المجالس المحلية بطريقة لا ترضينا كهيئات منتخبة، في محاولة لسحب الشرعية من المجلس الذي تتبع له مديريات متعددة في المدينة، منها النقل والأفران"، وأضاف: "لا تكون المناطق محررة إلا عبر تشكيل حكومة مدنية بالكامل تتولى زمام الأمور بعيداً عن العسكرة، وتتبع لها أجسام أخرى كالقضاء والشرطة الحرة، وجسم عسكري موحد يخضع للسلطة السياسية".

وبحسب الناشط غيث الشمالي، أحد أبناء مدينة إدلب، فإن "هيئة تحرير الشام سيطرت على الموارد المالية للمديريات، بعدما سيطرت على الكهرباء والمياه والاتصالات من قبل، لكن سيطرتها على النقل والأفران تعود لها بالعائد المادي، فضلاً عن الدخل المادي لمعبر باب الهوى". وأضاف الشمالي إن "الهيئة ابتعدت عن مديرية الصحة والتربية والتعليم لأن هذه المديريات قادرة على جلب دعم المنظمات الأجنبية، والحفاظ على بينة المؤسسات شكلياً، مثلما أعادت مدير معبر باب الهوى لعمله رغم تبعيته لأحرار الشام".

الشمالي أكد نية "هيئة تحرير الشام" تشكيل حكومة تتولى إدارة الشمال السوري، مقسمة إلى 3 إدارات، الأولى تتولى شؤون عموم محافظة إدلب، والثانية تدير المدينة، والثالثة تدير ريفي حلب الغربي وحماه الشمالي.

وتسعى "الإدارة المدنية" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" للحصول على الشرعية بالحفاظ على مديري المؤسسات والمديريات، مقابل التبعية لها. ففي إدلب قدمت "الهيئة" 100 طن من الطحين لـ"مؤسسة الإمداد والتموين" لتشغيل أفران المدينة مقابل اعتراف المديرية بتبعيتها لـ"الهيئة"، في وقت تسعى فيه لتشكيل هيئات ومديريات بصفة مدنية كـ"مديرية الآثار والمتاحف" لوضع يدها على الدعم المقدم من المنظمات، وتوزيعه وفق رؤيتها. وتفرض المديريات على المنظمات المانحة العمل معها كشريك وتسلم الدفعات النقدية، ما اعتبره عاملون في تلك المنظمات أن "تحرير الشام" تعمل على ضمان استمرار تدفق دعم المنظمات لمصلحتها.

واعتبر الناشط المدني أسامة الحسين، من أبناء مدينة سراقب، أن "هيئة تحرير الشام" تحاول "سحب بساط الشرعية من تحت المجالس المحلية المنتخبة كما عملت على ذلك من قبل، خاصة تلك المجالس المنتخبة ذات القوة التنفيذية والمشاريع الكبيرة كالمعرة وسراقب ومدينة إدلب". وأوضح الحسين، أن "لهذه المجالس الحق في إدارة شؤون مناطقها، كونها ممثلة للشعب، ولا يحق لأي فصيل إعطاء صبغة الشرعية من عدمها طالما أن أعضاء المجالس وصلوا عبر صناديق الاقتراع".


"وزارة الإدارة المحلية" التابعة لـ"الحكومة السورية المؤقتة" أصدرت تعميماً إلى المجالس المحلية يحثّها على "عدم الخضوع لأية جهة لا تملك الحق في التدخل في شؤون المجالس". الوزارة اعتبرت أن "مديرية المجالس المحلية" التابعة لها هي وحدها "المسؤولة عن اعتماد وتشكيل ومتابعة عمل المجالس الفرعية"، وأما القوانين والأنظمة فتعتمد من "المجلس الأعلى للمجالس المحلية" دون غيره.

معاون وزير الإدارة المحلية أحمد قسوم، قال لـ"المدن": "لا يمكن لأحد إلغاء دور المجالس المحلية، لأنها مختارة من الشعب، ولن تخضع لمصالح متضاربة تعترض عملها وتحاول النيل منها".

ويذهب متابعون إلى أن "هيئة تحرير الشام" تحاول تطبيق تجربة "الدولة الإسلامية" في مناطق سيطرتها، لكن بطريقة احترافية، عبر تصدر وجوه مدنية لمراكز صناعة القرار في المؤسسات. وأضاف أن "الهيئة" تحاول العمل على مستويين؛ الأول تشكيل "مجالس شورى" برعايتها، مهمته إعادة تشكيل المجالس المحلية وفق مصالح "الهيئة"، وهذا المستوى يتم في الوحدات الإدارية الصغيرة والبلدات متوسطة الحجم، وفي المستوى الآخر تسيطر على مراكز صناعة القرار في الإدارات التابعة للمجالس المحلية، لتحكم سيطرتها عليها.

وفي السياق، أعلنت "هيئة تحرير الشام" إطلاق مبادرة "الإدارة المدنية للمناطق المحررة" في مؤتمر صحافي، سيعقد الخميس، اعتبره البعض بمثابة إطلاق جسم إداري جديد محسوب عليها بوجوه مدنية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها